ضربة معسكر الجلاء ليس المقصود بها أبوظبي.. رسالة سياسية باليستية موجهة لدولة إقليمية
صنعاء – تقرير خاص – المساء برس| علق ناشطون سياسيون بارزون وصحفيون على الضربة الصاروخية الموجعة التي وجهتها قوات صنعاء اليوم ضد أبرز قيادات المجلس الانتقالي الجنوبية العسكرية الموالية للإمارات في عدن.
وفي الوقت الذي أعلن فيه على الفور مقتل أبرز قادة المليشيات المسلحة المدعومة والممولة من الإمارات منير اليافعي المكنى بـ”أبو اليمامة”، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، أفادت مصادر صحفية جنوبية عن أن من ضمن القتلى القادة أيضاً كلاً من العميد راجح بن نصور والعميد عبد السلام الصهيبي، والقيادي محمود العيزبه الردفاني.
وتباينت ردود الفعل والتعليقات على هجوم قوات صنعاء المزدوج على معسكر الجلاء والذي تم تنفيذه بصاروخ باليستي جديد لم يتم الكشف عنه حتى الآن وبطائرة مسيرة من دون طيار محلية الصنع من طراز “قاصف 2K”، حيث سارع ناشطون محسوبون على الإمارات إلى اتهام حزب الإصلاح بتسهيل تنفيذ قوات صنعاء لهذا الهجوم الصاروخي وتسريب معلومات وإحداثيات لصنعاء، في حين اتهم ناشطو حزب الإصلاح كلاً من الإمارات وأطراف عسكرية وقبلية في الضالع وراء تنفيذ الهجوم على معسكر الجلاء بهدف قتل أبو اليمامة.
| الهدف الحقيقي: رسالة سياسية باليستية موجهة لدولة إقليمية |
وفيما يرى مراقبون إن ما ينشره ناشطو كل طرف موالي للتحالف السعودي الإماراتي بشأن ضربة معسكر الجلاء، ليس ذو أهمية كونه ليس منطقياً ولا يتعدى كونه من قبيل المكايدات السياسية التي تشوب الصراع المستمر منذ 2017 وحتى الآن بين تياري أدوات السعودية والإمارات المحلية في اليمن.
وحسب المراقبين الذين تابعوا ردود الفعل والتصريحات التعقيبية على هجوم صنعاء على عدن والدمام أقصى الشمال السعودي، فإن واحداً من التعليقات الأكثر أهمية على ما حدث كان للمحلل السياسي اليمني والصحفي المعروف جمال عامر وهو من الشخصيات التي تعتبر مقربة جداً من صانعي القرار السياسي في صنعاء، والذي ألمح في منشور على صفحته بالفيس بوك إن الضربة العسكرية التي وجهتها صنعاء ضد أهم يد عسكرية إماراتية جنوب اليمن بقدر ما هو نجاح وقدرة عسكرية كبيرة، إلا أنها – أي الضربة – رسالة سياسية باليستية أرادت صنعاء إرسالها لإحدى الدول الإقليمية التي أرادت استثمار الانتصار الذي حققته صنعاء – ليس في اليمن فحسب بل على مستوى المنطقة – لصالحها وتجييره لإنجاح حوار لصالحها، وهو ما يفهم من المنشور، على الرغم من أن عامر لم يحدد أكثر من هي الدولة الإقليمية التي تسعى لاستثمار انتصار صنعاء لصالحها ولصالح مفاوضاتها مع أطراف دولية فاعلة ومؤثرة.
وكتب عامر قائلاً “ضرب أهم يد عسكرية إماراتية في معسكر الجلاء بعدن بقدر ما هو نجاح عسكري كبير ودلالة قدرة هو في المقام الأول رسالة سياسية باليستية يجب على دول الإقليم فهمها وبالذات تلك التي أرادت سرقة النصر اليمني وإرادته وتجييره لإنجاح حوار لصالحها”
| صنعاء صاحبة القرار ومن يفكر بسرقة انتصارات صنعاء واستغلالها لصالحه فهو مخطئ |
ويبدو أن صنعاء أرادت القول إن على أي دولة في الإقليم – أياً كانت – أن تفهم الرسالة التي بعثتها اليوم عبر ضربة معسكر الجلاء وأدت لمقتل أحد أبرز أذرع الإمارات العسكرية جنوب اليمن، في الوقت الذي لم يكن متوقعاً على الإطلاق أن تصعد صنعاء من هجماتها ضد الإمارات أو حتى ضد أدواتها المحلية خاصة وأن أبوظبي ربما بدأت بالتخلي عن النهج السعودي واتجهت نحو إيران وفتحت حوارات معها وشرعت بتنفيذ وتوقيع اتفاقات مشتركة مع طهران علناً، على الرغم من أنها تزعم أنها تحارب المد الإيراني في اليمن.
هذه الرسالة فيما يبدو تقول “إذا كان هناك من يفكر أو يتوهم في أن بإمكانه استغلال وسرقة انتصار صنعاء وتوظيفه لصالح تمرير مصالحه وتسوية الوضع مع خصومه سواء كانوا في المنطقة أو العالم فهو مخطئ ويجب عليه إعادة حساباته وإدراك أن اليمن لم ولن يسمح أن يستخدم أي طرف إقليمي أو دولي انتصاراته لصالح تمرير مفاوضات وحوارات تخدم ولصالح هذا الطرف وتصور اليمن وكأنه ورقة بيده حتى وإن كان ذلك لمجرد إيهام خصوم هذا الطرف بأنه قادر على تحريك الأوراق في اليمن وتوجيه الطرف الأكثر قوة على الأرض وفق ما يتم عليه الاتفاق مع هؤلاء الخصوم”.
ولعل ما يمكن استخلاصه هو أن صنعاء قالت بضربة معسكر الجلاء أنها الجهة الوحيدة صاحبة القرار في توجيه الضربات العسكرية ضد أي هدف وفي الوقت الذي تراه مناسباً وفق مصلحة اليمن والشعب اليمني حتى وإن كان ذلك متعارضاً مع مصالح أي دولة إقليمية وحتى إن كانت هذه الدولة غير معادية أو حليفة لليمن.
| هل من علاقة بين ضربة معسكر الجلاء ورسالة حسين العزي |
ويبدو من الأهمية هنا أن نستذكر التصريح الناري لنائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي قبل أيام قلائل والذي قال في تغريدة على تويتر إن إيران لو مدت يدها للسيادة اليمنية “لقطعناها”.
وكتب العزي وهو من قيادات الصف الأول لجماعة أنصار الله، كتب مخاطباً قيادات حكومة المنفى والقيادات السياسية الموالية للرياض، وقال إنه يتحدث نيابة عن أنصار الله: “إلى اليدومي ومحسن وهادي وطارق الخ.. أنا العزي يمني هاشمي أنتسب لقيادة وطنية الوجه والقرار ومعها أنحاز بالمطلق للشعب والأرض وأذود عنهما وأجود بالدم والمال والولد.. وبعد.. بالفم الملئان ونيابة عن الأنصار: لو مدت ايران يدها للمساس بسيادة اليمن لقطعناها”، ثم أضاف في التغريدة ذاتها “فهل من رجل فيكم يقولها عن السعودية والإمارات؟”، في إشارة إلى القيادات والموالين للتحالف في حكومة “الشرعية” المنفية، لكن ذلك لا يعني أن التغريدة كان المقصود بها مخاطبة أتباع “الشرعية” بقدر ما كانت رسالة – مقصودة ربما – لطهران، حيث تزامنت التغريدة مع اللقاء الذي جمع وفداً إماراتياً رسمياً رفيع المستوى مع قيادات إيرانية في طهران.
| تغيّر حاصل في موازين القوى لصالح صنعاء |
من ضمن المعلقين على ضربات صنعاء اليوم في عدن والدمام، ما قاله القيادي في جماعة أنصار الله وعضو المكتب السياسي للجماعة محمد البخيتي لوسائل إعلام عربية، من أن العمليات التي استهدفت قيادات قوات التحالف في عدن “تأتي في إطار التغيير الحاصل في موازين القوى لصالح القوات اليمنية”، في إشارة إلى أن صنعاء هي من صنعت التغيير في موازين القوى في المنطقة وعززت من موقع ومكانة دول إقليمية، إذا صح هذا التحليل.
وبالمثل أيضاً تعلق الناشطة السياسية والصحفية اليمنية المقيمة خارج اليمن، منى صفوان، والتي قالت إن “استهداف أنصار الله للقوات اليمنية التابعة للإمارات في الجنوب، ومقتل قائدها، إشارة إلى ان التوجه ضد الاحتلال الإماراتي لم يتغير، وستبقى الإمارات وحلفائها في مرمى النيران.. حتى تغير سياستها في اليمن بالكامل، خاصة ان صنعاء تكذب اخبار الانسحاب الإماراتي، ومازالت تعتبرها عدوا”، ما يعني أن صنعاء ستبقى ثابتة في مواقفها وأهدافها واستراتيجيتها تجاه من تراهم أعداء اليمن حتى وإن اتفق هؤلاء الأعداء مع من يفترض بأنهم قوى إقليمية حليفة لصنعاء.