قبل نفاد الوديعة السعودية.. مسرحية لحافظ معياد.. وما مغزى تهديده بترك البنك المركزي
تقرير خاص – المساء برس| قال محافظ البنك المركزي اليمني المعين من قبل التحالف السعودي، حافظ معياد إنه سيترك منصبه كمحافظ للبنك بعد شهر واحد حسب ما تم الاتفاق عليه مع الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي قبل توليه هذا المنصب قبل 6 أشهر.
ونشرت الصفحة الرسمية لحافظ معياد على الفيس بوك تصريحاً لـ”مصدر مقرب من محافظ البنك المركزي” جاء فيه إن قبول معياد للمنصب كان لفترة زمنية محددة بستة أشهر فقط وأنه “قبل بهذا المنصب لفترة معينة لتجنب الانهيار الاقتصادي” وأضاف المصدر إنه لم يتبقَ سوى شهر من الزمان على انقضاء الاتفاق وأن معياد مصمم على إنهاء عمله بعد شهر وفق الاتفاق مع هادي.
وأضاف المصدر إن معياد مستعد للمثول أمام القضاء للتحقيق معه في أي قضية فساد “بما فيها القضية المحالة إلى النيابة العامة مؤخراً”، مشيراً إلى أن معياد قال إن تدخل هادي في الإفراج عن مستشار محافظ البنك رشيد الآنسي والذي تم اختطافه قبل عدة أيام بعد إدلائه بشهادة للقضاء حول قضايا فساد يمارسها مسؤولون في البنك يعد تدخلاً طبيعياً في قيادته لمحاربة الفساد وصفعة قوية للقوى التي تعيث فساداً في الأرض.
وتشهد قيادات البنك المركزي اليمني بعدن صراعاً بين طرفي معياد وجماعته من جهة وإدارة البنك السابقة المحسوبة على الإصلاح من جهة، وكان مستشار معياد، رشيد الآنسي قد كشف عن وثائق تدين نائب محافظ البنك بالفساد والكسب غير المشروع في إطار الصراع بين الطرفين للإطاحة بكل منهما للآخر، حسب معلومات حصل عليها “المساء برس” من مصادر مقربة ومطلعة لمجريات ما يحدث بين قيادات بنك عدن.
خلفية الصراع في البنك المركزي بعدن
المصادر المقربة من قيادة البنك المركزي قالت إن الصراع الدائر بين قيادات البنك ليس بسبب توجهات نقله إلى سيئون بحضرموت أو إلى العاصمة الأردنية عمّان، كما أشيع قبل عدة أيام بتصريح نشره الفريق الإعلامي لحافظ معياد على وسيلة إعلام إماراتية ثم تم نفي التصريح في اليوم ذاته رغم أن من وجه بنشر التصريح هو حافظ معياد نفسه، وأشارت المصادر إن الصراع هو على خلفية بسط نفوذ كل طرف وإقصاء الآخر حيث تفجرت الخلافات بين المحافظ ونائبه بعد محاولات الأخير إيقاف قرارات بتعيينات لمقربين من معياد في مناصب حساسة على حساب القيادات والفريق المحسوب على الرياض والمدعوم أيضاً من هناك.
وأكدت المصادر إن تصريحات معياد قبل أيام التي دعا فيها إلى ضرورة نقل البنك المركزي إلى سيئون نظراً لعدم إمكانية بقائه في عدن بسبب الوضع الأمني المنهار والتي نشرت في وسائل إعلام إماراتية ثم تم نفيها على لسان مصادر مقربة من معياد كانت رسالة موجهة لنائب معياد، شكيب الحبيشي، المحسوب على الرياض والذي يخشى منه معياد من أن يحل محله قريباً.
وقالت المصادر إن معياد ونائبه يعيشان حالة صراع داخل البنك منذ فترة ولكن مع محاولة معياد إدخال موظفين مقربين له إلى البنك ومنحهم مناصب كبيرة مقابل إقصاء موظفي وقياديي البنك السابقين فقد تفجرت الخلافات وظهرت للعلن، مشيرة بالقول إن معياد اختار وسائل الإعلام الإماراتية لبث رسالة تهديد مفادها “إما أن يذعن نائب المحافظ المقرب من جلال هادي والمحسوب على الرياض ويتوقف عن اعتراض قراراته – أي معياد – الإدارية أو فإن الأخير سوف يتخذ قراراً بنقل البنك إلى سيئون”.
معياد لن يترك البنك بسهولة وتصريحاته بترك العمل بعد شهر مسرحية
في سياق الصراع الدائر في البنك المركزي، قالت مصادر اقتصادية رفيعة في صنعاء، على اطلاع بتفاصيل ما يحدث في بنك عدن، إن حافظ معياد يشن حرباً ضد خصومه ببنك عدن بأكثر من سلاح وبأكثر من وسيلة “ففي الوقت الذي يسعى فيه لبسط نفوذه ونفوذ المعينين من قبله وإقصاء المدراء والموظفين المحسوبين على جلال هادي والرياض فإنه يسعى في الوقت ذاته ضرب خصومه وعلى رأسهم نائبه باستخدام ضربات من تحت الحزام، حيث عمد إلى تسريب وثائق تدينهم ثم استغل وسائل الإعلام للدعاية لنفسه على أنه لا يسعى إلى مناصب ولا يريد التمسك أو مواصلة العمل كمحافظ للبنك، وبما أنه قد استطاع إيصال نائبه إلى النيابة في قضايا فساد فهو الآن قد أزاح منافسه من جهة وجعل قرار بقائه محافظاً للبنك مرهوناً بعدم وجود شخصية بديلة له من جهة ثانية، ما يعني أنه قد رتب جيداً لأن يكون هو الشخص الوحيد الذي يجب أن يبقى محافظاً للبنك وجعل طرف الرياض والشرعية أمام خيار وحيد وهو مطالبة معياد بالاستمرار في منصبه لأن القبول بترك المنصب يعني القبول بأن يصعد نائبه الحبيشي لقيادة البنك وهو ما لن يحدث كون هادي وحكومته لن تجرؤ على تعيين الحبيشي محافظاً للبنك وهو الذي أصبح متهماً بقضايا فساد منظورة أمام النيابة ومدعومة بوثائق رسمية وبشهادة واحد من المسؤولين في البنك نفسه.
وتقول المصادر إن حافظ معياد إذا ترك البنك بعد شهر كما يزعم فسيكون قد وجه ضربة موجعة للشرعية حيث ستستلم حكومة هادي البنك المركزي وهو شبه خالٍ من الوديعة السعودية التي أوشكت على الانتهاء في عهد معياد، وحسب المصادر فإن ذلك لا يعني أن بقاء معياد محافظاً للبنك يعني بقاء استقرار سعر الصرف الذي لا يزال يرتفع تدريجياً بسبب التناقص التدريجي للوديعة السعودية، مشيرين إلى أنه من الممكن أن يعمل معياد على دعم خزينة البنك من خلال إقناع الإماراتيين بترك وديعة في البنك لتعزيز استمرار الاستقرار السعري للعملة اليمنية من جهة ولضمان بقاء الهيمنة الإماراتية على القطاع المصرفي والبنك المركزي اليمني وسعر الصرف كورقة حرب ضد الشرعية والرياض من جهة وضد حكومة صنعاء من جهة ثانية.
قرار نقل البنك ومبادرات المؤسسات الدولية المرفوضة من قبل الرياض
وأشارت مصادر “المساء برس” إن قرار نقل البنك ليس بجديد وأن هادي في حواره مع صحيفة القدس العربي الذي أجراه معه محمد جميح قال إن خطة نقل البنك المركزي من صنعاء كانت متفقاً عليها مع الرباعية الدولية وأن الأمريكيين كانوا يريدون نقل البنك إلى الأردن وأنه كان هناك من يريد نقل البنك إلى الأردن أو الإمارات، وأضافت المصادر بالقول “لكن ما لم يقله هادي أن الربعاية الدولية اقترحت خلال العام 2017 عندما حالت الإجراءات الإماراتية دون وصول 8 طائرات محملة بالعملة المطبوعة في عهد المحافظ منصر القعيطي، اقترحت نقل البنك إلى الأردن”.
وأضافت المصادر في حديثها عن طبيعة الصراع الحالي في قيادة مركزي عدن بالقول “ما ذكر بشأن مطالب نقل البنك للخارج ليس جديد وكان هناك ضغوط للدفع بهذا الجانب بعد ان فشلت كافة الجهود بتوحيد إجراءات البنك، فإحدى الاقتراحات التي كانت قريبة للتنفيذ طرحت قبل عام من قبل صندوق النقد الدولي وكانت تهدف إلى إبقاء محافظ البنك في عدن كما هو على أن يعود نائب المحافظ إلى صنعاء لإدارة البنك بهدف توحيد إجراءات البنك والتزامه بصرف رواتب موظفي الدولة، وتوحيد القنوات الإيرادية، إلا أن طرف الرياض رفض بعد أن وجد نفسة غير قادر على تنفيذ أي التزامات بهذا الجانب في ظل عدم سيطرة حكومة هادي على الإيرادات العامة في المحافظات الجنوبية والشرقية”.
وأكدت مصادر “المساء برس” المقربة من قيادة البنك إن “أكثر من مقترح دولي قدمته المؤسسات المالية الدولية إلى الرياض والحكومة الشرعية إلا أنه تم التعاطي معها بالتهرب والرفض غير المبرر”، وكشفت المصادر عن بعض من تلك المقترحات، منها “أن يتم إعادة إنتاج النفط والغاز ويقوم البنك المركزي بصرف رواتب موظفي الدولة، لكن بسبب تواجد الإمارات في منابع النفط والمنشئات الحكومية النفطية والغازية وقيامها بالإشراف على إنتاج النفط وتصديره فقد تجاهلت حكومة الرئيس هادي هذا المقترح”.
كما أضافت المصادر إن “بعض المقترحات بنقل البنك كانت تهدف إلى نقل ادارة البنك فقط وابقاء بنكي عدن وصنعاء كفروع تنفذ السياسات النقدية الموحدة التي توجه بها قيادة البنك من الاردن”.