رئيس حكومة صنعاء يرد على تقرير عضو بمجموعة الأزمات الدولية زارت اليمن مؤخراً

صنعاء – المساء برس|
تحت عنوان “رأي آخر على تقرير السيدة ابريل آلي نائبة مجموعة الأزمات الدولية بالشرق الأوسط بشأن اليمن” كتب أ.د. عبدالعزيز بن حبتور رئيس حكومة صنعاء مقالاً مطولاً رد فيه على تقرير أعدته عضو بمجموعة الأزمات الدولية كانت ضمن وفد من المجموعة زار اليمن مؤخراً وتواجد في عدن وأجرى لقاءات رسمية بسلطة صنعاء.
فيما يلي يعيد “المساء برس” نشر الرد الرسمي لرئيس حكومة صنعاء عبدالعزيز بن حبتور كما ورد نشره في صحيفة “رأي اليوم” اللندنية.

طالعتنا السيدة الرشيقة ابريل آلي بمقالة مطولة في شكل تقرير مكون من 20 صفحة ونشر في موقع مجموعة الأزمات الدولية، وقد استعرضت فيها مشاهداتها وانطباعاتها وثبتت فيها رأيها الشخصي عن إحدى زيارتها لليمن في تلك الصفحات سالفة الذكر، حيث استعرضت بلغة جميلة عبرت فيها أولاً عن تضامنها ومشاعرها تجاه أصدقائها وصديقاتها في المدن اليمنية التي زارتها، كما استعرضت في المقال عن حجم المشقة والمعاناة التي صادفتها وهي تبحث عن طلب تأشيرة (فيزا) دخول لليمن من إحدى القنصليات اليمنية التي تخضع لإرادة ومشيئة السلطات السعودية عبر وكلائها من يسمون أنفسهم بأنهم (حكومة شرعية)، وشرحت بإسهاب معاناتها في حجز بطاقة سفر على طيران الخطوط الجوية اليمنية التي تعاني هي الأخرى من إهمال شديد من القائمين عليها وهي إحدى المؤسسات الهامة التي تقع تحت مسؤولية الحكومة (الشرعية) و أكدت في سياق تقريرها أو مقالها بأنها قبل وصولها إلى مطار عدن تواصلت مع السلطات الإماراتية لتسهيل مرورها كون القوة العسكرية والأمنية المسيطرة على مدينة عدن ومطارها هي تتبع مباشرة للإمارات العربية المتحدة، و أسهبت في حجم الخوف الذي سيطر عليها — وهي محقة في قولها — لأن عدن اليوم ليست آمنة كما كانت بالأمس لسبب سيطرة رعب وشبح الخصوم الإخوة الأعداء المتقاتلين، وتناولت سير حركتها وتنقلها الحذر في المدينة و (أين و كيف) تأمين سكنها؟، وكيف تواصلت مع معارفها وصديقاتها وأصدقائها؟، لكي تجمع شتات المعلومات التي تجشمت عناء السفر والرحلة المُرهقة من اجل جمعها، لكن ثمة ملحوظات نراها جوهرية في سياق انسيابها في سرد انطباعاتها ورصدها لبعض من الشخصيات اليمنية التي استطاعت التواصل معها ومقابلتها في مدينة عدن تحديداً، وقد حاولت أن تنقل وجهة نظر هؤلاء فحسب، لأن الوضع الأمني في مدينة عدن كما اعترفت به هي في سياق مقالها لم يكن آمن قط!.

ولذلك لم تتمكن من طرح وجهة نظر الآخرين من ممثلي سلطات (الرئيس عبدربه منصور هادي) لأنها ربما لم تتجه إليهم بسبب تلك الظروف الأمنية، أو أنها لم تجد احد منهم في عدن بسبب عدم تواجدهم بالمدينة مع إنها أشارت لوجود عدد منهم على قلتهم، و أن إبراز وجهتي النظر المتقابلة ستكون ذا فائدة قصوى، لِمُعدة التقرير بهدف المقارنة والتقويم وتقدمها كباحثة ومستشارة للرأي العام أو حتى للجهة التي تعمل بها أو لأية جهة ترغب بالاستفادة من هذه (المشورة).

كما أن هناك قوى سياسية واجتماعية عديدة (مُعارضه) للوضع بشكل عام في كلٍ من عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية لم تستطع السيدة/ ابريل آلي من إيصال رأيها وموقفها من جميع ما يحدث، وهي قوى مؤثره وفاعله في الساحة (اليمنية الجنوبية) كمجموعة الرفيق/ حسن أحمد باعوم وهو فريق (مدعوم من إيران)، وهناك جماعة جنوبية قديمة جديدة يقودها الشيخ/ أحمد صالح العيسي ومدعومة من (السعودية والحركة العالمية للإخوان المسلمين)، ومجموعة أخرى يقودها الأخ/ فؤاد راشد ظاهراً ويقودها فعلياً من الباطن المهندس الحبيب/ حيدر أبوبكر العطاس وهو فريق (مدعوم من السعودية)، وهناك مجموعة أخرى يقودها السيد/ عبدالرحمن الجفري وهو فريق سياسي (مدعوم من السعودية)، وهناك مجموعة (جنوبية) يقودها الرفيق/ محمد علي احمد و يسمي نفسه مؤتمر شعب الجنوب (مدعوم من إنجلترا كم أتوقع) وهناك مجموعة شعبية جديدة يقودها الرفيق/ أحمد مساعد حسين اتجهت للعمل الجماهيري (مدعومة من عُمان) وهناك مجاميع عديدة أخرى تتعدد ولاءاتها وارتباطاتها السياسية هي موجودة على الأرض لم تتمكن السيدة من إيراد مواقفهم أو أنها لا تريد!.

وهناك تيار سياسي واجتماعي كبير يعيش في عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية خرجت تندد بالاحتلال الإماراتي السعودي وتندد بالممارسات القمعية التي يمارسها الاحتلال في تلك المحافظات وعبرت عن ذاتها بشكل واضح بأنها ضد الاحتلال والإرهاب والقمع السعودي الإماراتي وبالذات في مدينة عدن ومحافظات شبوه والمهرة و سقطرى، وعبروا في مواقفهم كلٍ بطريقته عن نزعة وطنية يمنية حره، لكن يبدو أن السيدة الجميلة/ ابريل الي لم تجد الوقت الكافي أو لا تريد أن تنقل موقفهم للرأي العام العالمي.

الملحوظات على المقال أو الدراسة أو الانطباعات على النحو الآتي:

أولاً: أظهر المقال وكأن اليمنيون الجنوبيون جميعاً يبحثون عن الانفصال من خلال سرد مقابلة رموز الانفصال العلنيين والمخفيين التي جاءت بهم حكومة الإمارات العربية المتحدة ومدتهم بالمال والسلاح والعتاد والهيلمان، واستعرضت السيدة كذلك ظاهرة رفع الأعلام الشطرية على المباني والأرصفة والشوارع، وهو علم الحزب الاشتراكي الشمولي الذي حكم جنوب اليمن بالحديد والنار وفقاً لقواعد النظم التوتاليتارية المعروفة بالعالم منذ العام 1967 — 1990م فحسب.

ثانياً: تجاهلت أية لقاءات مع ممثلي حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المنتهية ولايته واكتفت بالقول أنهم غير موجودين لأن مقر عملهم بالعاصمة السعودية بالرياض، مع إنها أقرت بأن عدد من رموز هذا التيار لازال موجوداً بعدن.

ثالثاً: قالت السيدة ابريل وبشكل قاطع مانع بأن مزاج (الجنوبيين !!!) لم يعد يقبل بوجود (الشماليين!!!) وهذا قول مردود عليه بشكل واضح من الناحية السياسية بأن القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية موجودة كواقع في جميع المحافظات الواقعة تحت الاحتلال السعودي الإماراتي ولها تواجدها الفعلي وبسبب مباشر من تأثير سياسات الاحتلال الإِعْرَابي فإن مُعظم الأنشطة تحولت إلى العمل الحزبي السري خوفاً من البطش والتنكيل والإرهاب، وهناك تأكيد إضافي بأن مُعظم مدن جنوب اليمن يشكل فيه النشاط التجاري والعمالة بها ما لا يقل عن 85% من حجم النشاط التجاري وحركة تبادل العمالة من مواطني المحافظات اليمنية الشمالية ويعيشون في هذه المحافظات بشكل آمن ومستقر وطبيعي، لأن أبو يمن هو واحد في مزاجه وثقافته وأخلاقياته وسلوكه وهذه هي القاعدة العامة في التحليل العلمي السوسلوجي أما الشواذ فلا يقاس عليه من الناحية العلمية.

رابعاً: تجاهلت السيدة ابريل أية لقاءات وحوارات يُفترض أن تكون هامة مع بقية القوى السياسية والاجتماعية التي ترفض هيمنة المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة وتعتبرها دول محتلة وغازية للمحافظات الجنوبية والشرقية و أجزاء من محافظات تعز ومأرب والحديدة، ولو تجسمت الصعاب وكلفت ذاتها بأن تجري مثل تلك اللقاءات لخرجت بفائدة اوسع.

خامساً: عند حديثها عن معاناة اليمنيين المضطرين للسفر للخارج بهدف العلاج والعمل والدراسة وحتى (السياحة والاستجمام) وهذا حق أصيل لأي مواطن يمني حتى تحت ظرف حرب العدوان عليه السفر عبر مطاري عدن و سيؤون، وقولها بأنهم يلاقون ويلات ومتاعب بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي من قبل دول العدوان السعودي الإماراتي، فهي تعلم علم اليقين بأن دول العدوان السعودي الإماراتي المشمول بدعم ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا (العظمى) هي السبب المباشر في إغلاق الأجواء والبحر والمنافذ وتمارس حصاراً خانقاً قاتلاً على الشعب اليمني.

سادساً: أومأت السيدة ابريل على استحياء شديد بأن الصراع المحتدم في مدينة عدن حالياً هو قائم على صراع بين المجلس الانتقالي الانفصالي التابع للإمارات العربية المتحدة وبين ممثلي (الحكومة الشرعية) وهم كذلك يتبعون للمملكة العربية السعودية بأن جذوره قد يمتد لصراع وعداء تاريخي ممتد إلى ما قبل دولة الوحدة اليمنية المباركة، وهنا نجد شيء من الصحة في قولها، لكن لو عادت إلى جذر الخلافات التاريخية بين تلك الأقوام لوجدتها ابعد بكثير، ننصحها بقراءة تاريخ السلطنات والمشيخات والإمارات التي تأسست في جنوب اليمن منذ مئات السنين، فأصغر مشيخة بجنوب الوطن عمرها يزيد عن عمر دولة اليمن الجنوبي بعشرات المرات وكان لديها أعلامها وشعارها وجيشها وأجهزتها الإدارية الخاصة بها، ربما هنا يكمن السبب في عمق التشظي الاجتماعي والقبلي الذي عكس ذاته على العمل الحزبي والسياسي.

سابعاً: ولأن السيدة ابريل تعد واحدة من خبراء السياسة في حل النزاعات الدولية على مستوى منظمتها التي تعد بيت خبرة ومشورة في الدول الغربية، وربما يتم الأخذ بمقترحاتها، عليها أن تتوخى الحذر الشديد في إبداء الآراء غير المكتملة تجاه قضيتنا اليمنية المعقدة والمتداخلة، وعليها الإحاطة بشكل كلي وجامع بجوانب الإشكالية في بعدها الوطني والإنساني والأخلاقي والديني والقبلي والمناطقي والقروي، فجميع الفرقاء السياسيين هنا ليسو معصومون من الخطأ من كل ما أسلفت، بل إننا جميعاً كمثقفين وسياسيين و إعلاميين نقع في خطأ هنا أو هناك، والتأني قبل إصدار الأحكام الجاهزة غاية في الأهمية لمن أراد أن يقدم شيء نافع لليمن ولشعبها العظيم الصابر المكافح.

في لقائي الرسمي الأخير مع وفد مجموعة الأزمات الدولية برئاسة السيد/ روبرت مالي المدير التنفيذي للمجموعة وهو بالمناسبة مستشار سياسي سابق للرئيس الأمريكي الأسبق السيد/ بيل كلنتون والرئيس الأمريكي السابق السيد/ باراك اوباما، وكانت السيدة ابريل الي ضمن الوفد، كنت واضحاً معهم بأن أولى خطوات الحل السياسي في اليمن يبدأ بوقف العدوان الوحشي السعودي الإماراتي على اليمن ورفع الحصار الجائر عنه وفتح مطار صنعاء لتسهيل سفر المواطنين الراغبين بالسفر، بعدها يبدأ الحوار السياسي الشامل والشعب اليمني بأسره هو من سيقرر مستقبل الدولة اليمنية القادمة، عدا ذلك الأمر هو المزيد من مضيعة الوقت ليس إلا، والله أعلم منّا جميعاً.

قد يعجبك ايضا