نتائج زيارة غريفيث لصنعاء.. آخر المستجدات.. وقراءة تحليلية لرسالة المشاط والحوثي
صنعاء – المساء برس|
اختتم اليوم الأربعاء المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث زيارته للعاصمة اليمنية صنعاء بلقائه برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بعد يوم من لقاء كان في غاية الأهمية أجراه الرجل مع زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي.
كان من الملاحظ توقف الهجمات والضربات القاسية التي توجهها صنعاء للرياض باستخدام سلاح الجو المسير أو الصواريخ الباليستية التي تستهدف مراكز حيوية للسعودية خلال الفترة القصيرة الماضية والتي تزامنت مع بدء جولة المبعوث الأممي لمفاوضاته الحالية لاستئناف جهود السلام ووقف الحرب واستئناف البحث عن موافقة من قبل الرياض لتنفيذها وحلفاءها بنود الاتفاق الموقع عليه في العاصمة السويدية ديسمبر العام الماضي بشأن الحديدة.
لكن هذه الضربات التي توجهها صنعاء للرياض سرعان ما استُئنفت مرة أخرى بعد أن وجد صانعوا القرار بصنعاء – فيما يبدو – أن لا فائدة من أن تتعظ السعودية وتحذو حذو الإمارات وتخرج من اليمن بماء وجهها، وأن تقتنع أن ما تسعى لفرضه في اليمن من وضع سياسي بشكل دائم لم يعد هدفاً بعيد المنال فقط بل مستحيلاً، وهو ما تُرجم من خلال المطالب التي أتى بها المبعوث الأممي إلى اليمن وقدمها لصنعاء ألا وهي وقف الضربات الجوية والصاروخية على السعودية، وهي المطالب التي دفعت بها الولايات المتحدة وطرحتها على غريفيث ليس بصفتها طرفاً في الحرب بل بصفتها حليفاً للسعودية التي اشتكت إليها من تأثرها بقوة بهذه الضربات العسكرية المتتالية القادمة من اليمن، فما كان من واشنطن إلا أن ألمحت إلى غريفيث أن يتوسط لدى سلطة صنعاء لوقف الهجمات.
صنعاء أوقفت الهجمات، لكنها لم تفعل ذلك بناءً على وساطة غريفيث، إذ توقفت الضربات قبل أن يصل الرجل إلى صنعاء، وتحديداً من بداية تحركاته الحالية التي بدأها من واشنطن، بل أوقفت صنعاء ضرباتها تماشياً مع تحركات غريفيث وجولته التفاوضية من واشنطن إلى الرياض إلى صنعاء على اعتبار أن ما يحدث هي مفاوضات مصغرة غير مباشرة بين العواصم الثلاث عبر الوسيط الدولي.
لكن استئناف الهجمات اليمنية على السعودية يشير إلى أن السعودية بدلاً من أن تبحث عن حل للخروج من هذه الحرب بماء الوجه، أرادت استغلال تجاوب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشكاويها التي رفعتها بشأن قساوة الضربات وقوة تأثيرها عليها سياسياً واقتصادياً، للبحث عن انتزاع قرار من صنعاء يقضي بتحييد الضربات عليها فقط، دون أن يكون هناك أي كلمة أو سطر أو حديث مع غريفيث بشأن أصل الموضوع الذي يعيد المبعوث الأممي تحركه الميداني من أجله وهو اتفاق السويد الخاص بالحديدة ومطار صنعاء الدولي واستخدام الورقة الاقتصادية كوسيلة حرب عسكرية.
ويبدو من الواضح أن الرياض لا تزال غير مدركة أو لا تريد أن تدرك أن تهديدات صنعاء ليست مجرد تصريحات إعلامية بل تهديدات حقيقية وستنفذ صنعاء تهديداتها التالية كما سبق لها أن هددت من قبل ونفذت تهديداتها بعد ذلك بوقت قصير، فعندما تقول وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء أنها تملك مخزوناً هائلاً من الصواريخ والطائرات المسيرة المصنعة محلياً وأنها قررت توسيع نطاق أهدافها التي ستضربها في الداخل السعودي فهذا يعني أن هذا التهديد سيتم تنفيذه، وهو ما يتوجب على السعودية أن تضعه في الاعتبار وتتلقى هذه التهديدات بشكل جدي ولا يحتمل تأويل ما إذا كانت تلك التهديدات مجرد تصريحات أو أن سقف الضربات اليمنية يقتصر فقط على المناطق الجنوبية للمملكة، بل على العكس من ذلك يجب على الرياض أن تكون واثقة من أن القدرات العسكرية اليمنية بات بإمكانها أن تطال آخر نقطة في الجغرافيا السعودية وفي أي وقت تختاره القيادة في صنعاء.
بالعودة إلى زيارة غريفيث إلى صنعاء وما خرج به الرجل من مستجدات، يمكن هنا القول إن صنعاء جددت تأكيدها أن “تهديداتنا حقيقية وسننفذها إذا لم تستجب الرياض لما طرحناه من شروط: وقف الحرب، رفع الحصار، وقف استخدام الورقة الاقتصادية للي الذراع” وهذا هو مختصر ما أبلغ به مهدي المشاط ومن قبله زعيم أنصار الله للمبعوث الأممي مارتن غريفيث للرد على الوساطة الأمريكية التي حملها معه من واشنطن وطرحها على قيادة صنعاء.
ما تشير إليه تلك المستجدات هو أن صنعاء أكدت اليوم من جديد أنها أصبحت تفاوض من موقع القوة ومن موقع المنتصر والمتحكم بمجريات المعركة داخل اليمن أو خارجه.