التحالف لا يعترف بالشرعية، والشرعية لم تعد ترد التحالف
تحليل-هاشم يحيى-المساء برس| ما تزال المحافظات اليمنية الجنوبية المسيطر عليها من قبل الشرعية والتحالف تدفع ثمنا باهظا من دماء أبنائها الثمينة عند الأحرار والرخيصة بل والـ ” لا قيمة” لها عند العبيد.
أصبحت أخبار القتل والاغتيال في المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها الشرعية وحلفاؤها أمرا روتينيا تتناقله وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
عناوين القتل كثيرة ومتعددة بتعدد أجندات التحالف، وما على الشرعية سوى تأييد المبررات التي يطلقها المتحالفون في عمليات القتل الممنهج، لليمنيين. أو في أحسن أحوالها ترفع حاجبيها استنكارا لهذا الانهيار الأمني المتسارع.
تارة نسمع عن حرب شوارع بين مواطنين على خلفية نزاعات أراضي، وأخرى اشتباكات بين مسلحين يتبعون القائد العسكري فلان مع القائد العسكري فلان، والعنوان الأبرز هو قتال بين فصائل موالية للتحالف (الشرعية-المجلس الانتقالي) والحقيقة أن هذا العنوان هو الذي تنضوي تحته أغلب الجرائم المرتكبة بحق اليمن الأرض والإنسان.
الأمر الذي يتغافل عنه الضحايا أنفسهم، هو أن التحالف ما كان ليأخذ شكله وموضعه في اليمن، لولا طلب الشرعية المتمثلة في عبدربه منصور هادي، كما يقول التحالف، ويؤكد أنه ما جاء إلا لينقذ اليمنيين من خطر الحوثيين الذين لو استقر بهم المقام في اليمن، لكانت الفاتورة عالية من الدماء والأعراض وال… إلخ. ولكن بالنظر إلى كشف حساب ضحايا التحالف في المحافظات اليمنية الجنوبية “المحرر” وبالمقارنة مع كشف حساب الحوثيين، سنجد أن ما يسيطر عليه الحوثيون، ينعم بالأمان، والاستقرار، الذي أصبح مستواه، أمرا يحلم به الجنوبيون، أنفسهم.
رسائل عديدة بعث بها يمنيون جنوبيون زاروا صنعاء مفادها أن الدولة موجود في صنعاء ومنعدمة في الجنوب ، فالأمر لا يحتاج الكثير من الجهد للبحث عن إحصاءات عمليات الاغتيال التي طالت كافة أطياف المجتمع اليمني في المحافظات اليمنية المحررة، وحرب الشوارع، والانتهاكات والسلب والنهب للأراضي، والممتلكات، بل والحروب بين الشرعية والانتقالي، و….. وكأن الشرعية تعويذة اغتيالات وقتل ودمار تحل حيثما حلت، فهذا كان حال صنعاء عندما كانت الشرعية وحكومتها مستقرة فيها، ولم يكن حينها للحوثيين وجود سياسي ولا عسكري في صنعاء.
هناك حالة واضحة من إنكار الحقائق في المحافظات اليمنية المحررة، ألم يكن من المفترض أن تعود الدولة إلى الجنوب اليمني وعاصمته المفترضة عدن، ومنها تدار شؤون البلاد، ولماذا يتباكى مسؤولون في الشرعية يوميا ويشكون من الدور الذي تلعبه الإمارات في اليمن بل وطالبوا بمغادرتها للتحالف لأنها أصبحت تلعب دورا قذرا كما قال الصالحان الجبواني وزير النقل في حكومة معين عبدالملك ومحافظ المحويت سميع، وهل هذا كان ما يؤمله اليمنيون الموالون للتحالف، من الإمارات والسعودية بأن تتحول قواتهما إلى أدوات قتل لليمنيين في الجنوب وتواجههم مباشرة في شبوة والمهرة وسقطرى، وسيئون والمكلا. ماذا تبقى من الجنوب، وقد أصبحت كل مدينة تطالب بثرواتها لها حصرا، وماذا تبقى من الشرعية ورئيسها وحكومتها وهي عاجزة عن الحضور على الأرض بشخصها إلا بترخيص من التحالف.
ومن المفارقات أن من قيادات التحالف من يتحدث عن أن اليمنيين-الشرعية-لا يستطيعون في الوقت الراهن أن يحكموا أنفسهم، ولا بد من مساعدتهم لكي تدار البلاد. ألا يعتبر هذا شاهد على صحة ما ذهبت إليه صنعاء، بأن هادي وحكومته كانت عاجزة عن إدارة البلاد، شرقها وغربها وجنوبها وشمالها.
الشرعية والتحالف كان من المفترض أن يكمل كل منهم الآخر وهذا متعذر الحصول لسبب بسيط هو أن التحالف لا يعترف بشرعية هادي، ولهذا أنشأ كيانا بديلا له سماه المجلس الانتقالي الجنوبي، والشرعية أيضا لم تعد ترى في السعودية والإمارات حليفا، بل تعلن وعلى لسان وزرائها أنهم محتلون. وبهذه المعادلة البسيطة تنتفي شرعية هادي وتحالف الإمارات والسعودية. ويبقى الشعب اليمني في الجنوب وحده المخول لتقرير مصيره، ولن تتغير الحالة المأساوية في جنوب الوطن نهائيا إلا بامتلاك الشعب زمام المبادرة.