تقرير أمريكي: الرياض متخوفة جداً من الانسحاب الإماراتي و”التفاوض مع الحوثيين ليس هزيمة”
واشنطن – المساء برس| أفاد تقرير لأحد أكبر معاهد الدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة الأمريكية بوجود مخاوف شديدة سعودية وأمريكية من انسحاب القوات الإماراتية من اليمن بشكل جزئي وترك الرياض وحدها في الحرب ضد اليمن، مشيراً إلى أن السعوديين إذا لم يستبقوا غرقهم في اليمن منفردين، بحل ودي مع خصومهم الحوثيين، فإنهم يخاطرون بالقبول بأن يُتركوا وحدهم في حرب لا يمكنهم الفوز بها مطلقاً.
وقال تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ترجمه “المساء برس” إنه كان من الواضح منذ فترة طويلة أنه من المرجح أن يتم التوصل إلى حل في اليمن من خلال عملية سياسية أكثر من كونها عملية عسكرية، خاصة وأن الكونغرس الأمريكي يكثف الضغط في هذا الاتجاه وتراجع دولة الإمارات العربية المتحدة عن استمرار بقائها في اليمن وبدء سحب قواتها منذ أشهر والإبقاء على وحدات رمزية مع الاعتماد على المليشيات المسلحة التي أنشأتها أبوظبي تحت عناوين “النخب والأحزمة الأمنية” لإبقاء هيمنة أبوظبي عن طريقها على المحافظات الجنوبية والشريط الساحلي والمناطق الاستراتيجية في اليمن كالجزر الهامة والممرات المائية.
| بقاء السعودية لوحدها في اليمن مخاطرة كارثية على الرياض |
وقال المعهد في تقريره الذي كشف فيه بالمعلومات الدقيقة تفاصيل وحجم القوات الإماراتية المنسحبة من اليمن، إن القيود العسكرية في الرياض تعني أن الحل السياسي قد يكون الخيار الوحيد الآن، وأنه “لا يمكن للسعوديين أن يدّعوا نجاحاً كبيراً في تحقيق أهدافهم العسكرية، إذ لا يزال الحوثيون يهاجمون المدن السعودية الجنوبية في حين فشلت السعودية وقواتها وقوات حلفائها المحليين في اليمن من استعادة السيطرة على العاصمة اليمنية”، وأضاف التقرير إنه لم يعد من الممكن المضي قدماً في سبيل تحقيق أهداف السعودية في اليمن بعد أن أصبح من غير الواضح تماماً مدى استعداد والتزام الإمارات بمواصلة تحالفها مع الرياض في اليمن والمشاركة في الغارات الجوية التي تقودها السعودية ضد اليمن وأيضاً المشاركة بالعمليات العسكرية البرية والأنشطة العسكرية الأخرى.
وحذر تقرير معهد واشنطن للدراسات السعوديين بالقول “إذا لم يتبع السعوديون حلاً سياسياً بشكل أكثر استباقية، فإنهم يخاطرون بأن يُتركوا لوحدهم لخوض حرب لا يمكنهم الفوز بها، مضيفاً إن إقدام الإمارات على سحب قواتها بشكل غير معلن من اليمن والإبقاء على جزء بسيط منها، يقول التقرير إنه قد يكون الخيار الأسوأ لدولة الإمارات وسط الضربات الجوية السعودية المستمرة، مشيراً إلى أن هذا الانسحاب قد يدفع بالحوثيين إلى اغتنامها كفرصة لاختبار قدرة المليشيات المسلحة في المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف.
ولفت التقرير إلى أنه وعلى النقيض من السيناريو السابق فإن الانقسام والتراجع في العلاقة بين السعودية والإمارات بشأن اليمن قد يخلق مساحة لبدء محادثات تهدف لوقف التصعيد اليمني ضد السعودية، على أن تكون المحادثات بين الحوثيين والسعوديين مباشرة، مشيراً إلى أن هذه المحادثات قد تزيل السبب الرئيسي الذي يدفع بالحوثيين إلى مهاجمة السعودية والمنشئات الاستراتيجية والهامة فيها، ومن وجهة نظر المعهد فإن هذا التصعيد وربما الهجمات اليمنية ضد السعودية قد تتوقف ليس على المدى القصير بل على المدى الطويل.
| لن يوقف ضربات اليمنيين المتصاعدة ضد السعودية إلا تنازل الأخيرة وقبولها الخروج من اليمن على قاعدة لا غالب ولا مغلوب |
في هذا السياق تحدثت مصادر سياسية مقربة من قيادة أنصار الله لـ”المساء برس” أنه من المعلوم أن التصعيد اليمني ضد السعودية، يتخذ مبررات عدة على رأسها دفع الرياض لإيقاف حربها في اليمن ووقف غاراتها الجوية ورفع الحصار المفروض على الموانئ والمطارات والخوض في مسارات التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وسبق للمتحدث باسم قوات صنعاء أن أعلن في كل مرة يعلن فيها عن عملية عسكرية بالطائرات المسيرة على أهداف حيوية داخل السعودية، أن هذه العمليات تأتي في إطار مواجهة الحرب التي تشنها السعودية وتحالفها ضد اليمن للعام الخامس وأنها لن تتوقف إلا بتوقف الحرب السعودية على اليمن، والأكثر من ذلك أن صنعاء تزيد من تهديداتها باستهداف المنشئات السعودية وتعلن تهديدات جديدة باستهداف أهداف أكثر حساسية وأكثر أهمية من أنابيب ومنشئات البترول التي تم ضربها في ينبع والدوادمي، وبالتالي – والحديث لمصادر “المساء برس” – فإن اتجاه السعودية نحو التحاور مباشرة مع قيادة السلطة في صنعاء بشكل مباشر قد يفضي إلى وقف الحرب في اليمن ورفع الحصار بمقابل وقف الهجمات اليمنية على السعودية والانسحاب من الأراضي الجنوبية للسعودية التي باتت فيها قوات صنعاء متوغلة بشكل كبير جداً لدرجة وصولها إلى مشارف مطار نجران وباتت مشرفة على مدينة جيزان الساحلية وذات الأهمية الاستراتيجية.
| فرصة لإنقاذ السعودية وخروجها من اليمن بماء الوجه |
ودعا تقرير معهد واشنطن الولايات المتحدة وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دفع الرياض إلى التفكير في إعادة فتح المحادثات المباشرة مع جماعة أنصار الله على غرار المحادثات التي عقدت عام 2016، “بالإضافة إلى إيجاد طرق لجعل مثل هذه المفاوضات مقبولة لدى الموالين للرياض من المسؤولين اليمنيين”، في إشارة إلى ضرورة توجيه الرياض لحلفائها اليمنيين المقيمين لديها بالقبول بما سيتم الاتفاق عليه بين الرياض وصنعاء في المفاوضات المباشرة، والدفع نحو مفاوضات بين صنعاء وسلطة هادي بشكل مباشر، ليس من أجل الحديدة فقط بل لحل من أجل البلد بالكامل.
ولفت معهد واشنطن إلى أن هذه هي الفرصة الوحيدة لواشنطن والرياض للحد من النفوذ الإيراني المزعوم، إذ ورد في التقرير إن جلوس الرياض في مفاوضات مباشرة مع أنصار الله والتوصل معهم إلى اتفاق فهذا لا يعني أن السعودية قد استسلمت للحوثيين، مشيراً إلى أن على الرياض اعتبار هذا الجلوس والتفاوض “فرصة تتناقص بسرعة للحد من النفوذ الإيراني في اليمن وتحقيق الاستقرار في البلاد خاصة مع تزايد إرهاق السعودية في هذه الحرب.
كما جدد التقرير الأمريكي دعوة الرياض للقبول والتجاوب مع هذه الفرصة التي ستجعل الرياض تخرج من مستنقع اليمن بماء الوجه حيث ورد بالتقرير أن تفاعل السعودية ومشاركتها الفعالة في الجهود الساعي لتحقيق ترتيبات ترضي جميع الأطراف “هي وسيلة لإنقاذ ماء الوجه من الصراع”.