صنعاء تستفيد وتلعب على وتر الخلافات الداخلية بالأسرة الحاكمة الإماراتية
صنعاء – عمّان – المساء برس| يبدو أن صنعاء بدأت تلعب على وتر الخلافات التي لا تزال تحت الطاولة بين أعضاء الأسرة الحاكمة في الإمارات الذين بدأ بعضهم يصطف علناً ضد محمد بن زايد وسياساته في الإمارات والمنطقة.
هذا من ناحية ومن ناحية ثانية توجد خلافات كبيرة جداً بين شيوخ باقي الإمارات الشمالية والشرقية أو عدد منها مع محمد بن زايد وحكام أبوظبي تحديداً، ومما لا شك فيه أن جماعة “أنصار الله” تحديداً والقيادة السياسية اليمنية في صنعاء عموماً تدرك حجم وتفاصيل وطبيعة هذه الخلافات، ويبدو أنها قررت استغلالها لصالح تحسين الوضع في اليمن وتخفيف ضغط الحرب عليها، وهناك مجموعة من المعطيات الموجودة على الأرض والتي تقود إلى هذا التحليل أو الاستنتاج.
| تصريح عبدالملك العجري عضو وفد صنعاء المفاوض |
دعا عضو الوفد الوطني المفاوض عن سلطة صنعاء، عبدالملك العجري، شيوخ دولة الإمارات إلى “وقف جنون محمد بن زايد قبل أن تلتهم النار كومة القش” في إشارة إلى أن الإمارات مجرد كومة من القش ودولة ليست بالعميقة ولا تستند على مقومات دولة تجعلها تصمد في وجه أي هجوم خاصة وأنها قائمة على كونها سوق تجاري فقط لعدد من الشركات العالمية، وهي إشارة أيضاً من العجري إلى ما سيلحق بالإمارات من أي عمليات “انتقامية”، حسب وصفه، من قبل القوات اليمنية في حال استمرت أبوظبي في حربها على اليمن.
ووصف العجري في تغريدة له على تويتر عملية مطار أبوظبي في يوليو 2018 التي بثت قناة المسيرة مشاهد تثبت وقوع الضربة بالفعل، على عكس مزاعم أبوظبي وقالت إنه مجرد حادث على عربة تابعة للمطار ونفت أن يكون الهجوم يمنياً بطائرة مسيرة، وصف العجري هذه العملية بأنها تمثل “ضربة مزدوجة عسكرية واستخباراتية”.
| هل لشيوخ الإمارات تأثير على محمد بن زايد؟! |
يرى مراقبون إن تصريح عضو وفد صنعاء المفاوض والقيادي أيضاً في جماعة أنصار الله، وخصوصاً تركيزه على “مشائخ الإمارات” فيه دلالة على أن هناك توجهاً للعب على وتر الخلافات بين مشائخ الإمارات ومحمد بن زايد، خاصة وأن تصريح العجري نقلته قناة المسيرة التابعة لأنصار الله رغم أنه من النادر ما تنقل القناة تصاريح العجري وتغريداته إلا إذا كانت لها علاقة بالمفاوضات أو تأتي في وقت مفاوضات قائمة بين طرفي صنعاء والرياض.
هناك أيضاً خلافات فيما بين أعضاء الأسرة الحاكمة، أي بين بن زايد وباقي إخوانه وأبناء عمومته، وقد وصل الخلاف حداً بلغ ببن زايد أن يقوم بنسف أحد أعضاء الأسرة على متن قارب بحري في عرض البحر وكانت تلك رسالة واضحة لباقي أعضاء الأسرة لمن يحاول الوقوف في وجه بن زايد أو التمرد عليه وعلى سياساته.
وأمام دعوة وفد صنعاء المفاوض عبر عضوها “العجري” وتهديداته شديدة اللهجة في الوقت ذاته، سيصبح شيوخ الإمارات والمستاؤون من سياسة بن زايد من أعضاء الأسرة الحاكمة قادرون على رفع صوتهم أمام بن زايد وجنونه واستغلال ما حدث لأبوظبي وما قبل أبوظبي مروراً بدبي ومفاعل براكة وغيرها للوقوف في وجه بن زايد وتحذيره من أنه يقود بلادهم إلى نفق قد لا تتمكن الخروج منه على المدى الطويل.
| ماذا تعرف صنعاء عن حادثة تفجير ناقلات النفط بالفجيرة؟ |
وفقاً لمصادر عليا في صنعاء، تحدثت لـ”المساء برس”، فإن المعلومات المتداولة في أروقة أجهزة أمنية سرية وأروقة الرئاسة، تشير إلى أن عملية التفجير تمت بأيادٍ داخلية إماراتية، وأن الحادثة لها علاقة بالصراع القائم بين إمارة الفجيرة ومحمد بن زايد الذي يحتل ميناء الفجيرة الاستراتيجي وهو الميناء الوحيد والأهم في الإمارات المطل على بحر عُمان، أي أنه المتنفس البحري الوحيد الذي يتجاوز مضيق هرمز، وهذا الميناء خاضع لسيطرة أبوظبي عسكرياً منذ صعود محمد بن زايد للحكم على اعتبار أنه الحاكم الفعلي للإمارات، ولا يحصل أبناء الفجيرة على أي عائد مالي من الميناء رغم أهميته القصوى.
ما تشير إليه المعلومات السابقة هو أنها كشفت عن أن الصراع داخل أروقة الحكم في الإمارات بدأ يتصاعد ويأخذ منحى عسكري، إذ يرى مراقبون إن من نفذ الهجوم على الناقلات النفطية يريد القول لمحمد بن زايد أن ميناء الفجيرة من حق أبناء الإمارة أو على الأقل إما أن نستفيد جميعاً من الميناء أو لا أحد.
| هل يمكن للفجيرة تنفيذ مثل هذا الهجوم؟ نعم |
لمعرفة الوضع السياسي في الإمارات وما إذا كان بإمكان أبناء الفجيرة تنفيذ مثل هذا الهجوم، شاهد تصريح الدكتور أسامة فوزي – أردني من أصول فلسطينية يقيم حالياً في أمريكا – الذي كان يعمل في الإمارات لعدة سنوات وتربطه علاقات على مستوى رفيع من مسؤولي وصانعي القرار السابقين بالإمارات.
| علاقة الاختراق الاستخباري اليمني لأبوظبي بخلافات الأسرة الحاكمة |
لا يوجد حتى اللحظة ما يؤكد قطعاً وجود علاقة بين ما كشفته المقاطع المصورة لعملية ضرب مطار أبوظبي بسلاح الجو المسير اليمني من اختراق استخباري قوي لليمن داخل أبوظبي وبين الخلافات الحاصلة داخل أروقة الحكم بالإمارات وأعضاء الأسرة الحاكمة.
لكن ذلك لم يمنع مراقبين من ترجيح كفة العلاقة بين الاختراق الاستخباري لصنعاء ضد خصومهم الإماراتيين وخلافات الأسرة الحاكمة، بحيث يمكن القول إنه من المرجح جداً جداً بعد الذي أخرجته الاستخبارات اليمنية من مشاهد مصورة تثبت وجود عناصر قامت بالتقاط الفيديوهات وتوثيق حادثة الاستهداف قبل وأثناء وقوعها، فإنه من المرجح أن يكون هناك يكون هذا الاختراق الاستخباري قد حدث بتسهيل وتمكين من عضو واحد أو أكثر من أعضاء الأسرة الحاكمة التي هي على خلافات قوية مع محمد بن زايد، خاصة وأن هذه الخلافات تحولت إلى صراع لا يُكشف عنه إلا الشيء اليسير واليسير جداً.
وبالتالي فإنه من المحتمل جداً أن يكون التعاون مع سلطات صنعاء من قبل البعض داخل الأسرة الإماراتية الحاكمة هو شكل من أشكال الصراع مع بن زايد، وأن هذا التعاون هو من تبعات ونتاجاً لهذا الصراع الذي إن صحّت هذه التحليلات فإنها تؤشر لتصاعد الصراع وبداية تصدع الحكم بأبوظبي.