الهجمات الجوية على المواقع الحيوية جنوب السعودية.. ماذا يعني؟
صلاح السقلدي – وما يسطرون – المساء برس|
أقل ما يمكن فهمه مِــنْ الهجمات الجوية التي تعرّضتْ لها المنشئات النفطية والاقتصادية الحيوية السعودية بجنوب المملكة – في غمرة هذه الحرب- والتي شنتها طائرات بدون طيار تابعة للحركة الحوثية اليمنية يوم الأحد14 مايو الجاري هو أن هذه الحرب التي تقوم بها السعودية قد فشلتْ بتحقيق أهدافها المعلنة وباتت الرياض على إثر ذلك تغوص بمستنقع يمني عميق لا تدري كيف السبيل للخروج منه, فضلاً عن انسداد أفق التسوية السياسية سواء بين الفرقاء اليمنيين أو بين السعودية والتحالف من جهة والحركة الحوثية وحزب المؤتمر الشعبي العام المتحالف معها وباقي القوة السياسية بصنعاء من جهة أخرى.
فبعد أربعة أعوام –وقليل- مِن هذه الحرب ما تزال السعودية تتوجع بصمت في حدها الجنوبي، وصار الهاجس الأمني الذي بسببه أقدمت على هذه الحرب أكثر قلقاً، والوضع الأمني السعودي وبجنوبها بالذات أكثر هشاشة وضعفاً مما كان عليه قبل الحرب…فبرغم ما حققته السعودية من مكاسب باليمن وصارت لها اليد الطولى على مجريات الأحداث هناك وتمسك- بمعية الإمارات- بتلابيب المواقع الحيوية من موانئ ومدن وجزر ومنافذ بحرية وبرية وجوية وآبار نفط وغاز من محافظة المهرة شرقا الى الحُــديدة غربا مرورا بدُرّة التاج” عدن وميناءها الاستراتيجي”، وبرغم قبضتها الحديدية على القرار السياسي والسيادي اليمني من خلال سلطة يمنية رخوة مستكينة تحت سطوة المال والصولجان الخليجيين إلّا أنها أي السعودية تقبع في ورطة تاريخية حقيقية بعد أن طال أمد الحرب و فشل الحسم العسكري وتفاقم السخط الدولي بوجهها جرّاء الجرائم البشرية والوضع الإنساني المريع باليمن، وباتت تبحث عن مخرج ولو من بوابة الرئيس الأمريكية ترامب الذي وجَدَ بهذه الحرب سوقا مزدهرة لسلاحه وفرصة ذهبية اضافية له لنهب الخزائن الخليجية والسعودية تحديداً ..
فالصلابة العسكرية التي تبديها الحركة الحوثية برغم اختلال كفتي الميزان لمصلحة الطرف الخليجي قد حشرت الرياض في زاوية ضيقة مِن الخيبة والحرج برغم ما تحققه من مكاسب وما تظفر به من مطامع هائلة على الأرض اليمنية ظلت تتطلع لتحقيقها طيلة عقود مضت, وصار التعويل السعودي اليوم للخروج من هذه الورطة وحفظ ماء الوجه معقودا على إدارة الرئيس الأمريكي ترامب من خلال توسيع رقعة الصراع بالمنطقة ليشمل إيران مباشرة لصرف أنظار العالم بعيدا عن التوريطة السعودية باليمن واصباغ الصراع صبغة إقليمية شاملة, وهو الأمر الذي إذا ما تحقق قد يخفف على الرياض شدة الحرج باليمن وينهك خصمها اللدود إيران على أمل أن ينعكس ذلك الإنهاك على حليفها الرئيس باليمن” الحركة الحوثية” إلّا أن هكذا سيناريو ستكون كلفته المالية والاقتصادية عالية جدا على الخزينة السعودية أمام الآلة الحاسبة الترامبية الجشعة، كما ستكون الضريبة الأخلاقية للسعودية مُكلّفة أمام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية خصوصاً وأن السعودية والتحالف -عموما- موضوعه أمميا على رأس القائمة العار السواء وصارت سمعتها الأخلاقية سيئة للغاية وعلى المحك مباشرة، وبالتي فأية إطالة لهذه الحرب أو تصعيدها أو توسعتها أكثر مما هو حاصل ستكون لها تبعات كبيرة على الوضع الإنساني ،وسيزيد من أرقام ضحايا صواريخ الطائرات السعودية وقنابلها المدمرة وسيضاعف من سوء الحالة الإنسانية أكثر مما هي عليه من سوء وبؤس ،مما ستُــسلّط بالتالي الأضواء الدولية على السمعة السعودية بشدة ويقحمها بمزيد من الصدام الأخلاقي مع منظمات الحقوقية الدولية ومنها بالتأكيد المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي ضاقت ذرعا بتردي الأوضاع الانسانية والمعيشية وبتصاعد الجرائم ضد الإنسانية وهو الأمر الذي اشارت إليه كثيرا من تقارير هذه المنظمات وصنفت الرياض وأطراف أخرى أكثر من مرة بانهم يقترفون جرائم حرب صريحة يتوجب مثولهم أمام القضاء الدولي. هذا فوق ما سيجعل المملكة عرضة لمزيد من الابتزاز الأمريكي ويجعل البقرة الحلوب أكثر عرضة للحلّاب الهائج “ترامب”..
وعطفا على ذلك لا يمكن فصل التصعيد الأمريكي بالمنطقة الذي يقوده ترامب على مجريات الأحداث في اليمن, فصقور البيت الأبيض وعلى رأسهم ترمب ووزير خارجيته المتطرف “بومبيو” يقودون المنطقة الى أتون صراع مدمر، ولا نستبعد أن تكون يد الـــ C.I.A أو الموساد متورطتان بالهجمات التي شهدتها موانئ الإمارات قبل أيام وفي هذا التوقيت بالذات لجرّ دول الخليج الى صدام عسكري مباشر مع طهران ليتسنى لواشنطن وتل أبيب حصد ثمار هكذا صراع يتم التخطيط له خلف الحَــجب الصهيوأميركي.!
المصدر: مقال منشور للكاتب على صحيفة “رأي اليوم” اللندنية