أهم رسالة وردت في حوار زعيم أنصار الله.. لمن وُجهت وما تداعياتها
صنعاء – تحليل – المساء برس| لأول مرة تجري قناة تلفزيونية فضائية حواراً تلفزيونياً مع زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي، وهو الحوار الذي استمر لساعتين وأجرته قناة “المسيرة” الناطقة باسم الحركة، وتطرق لمواضيع مثيرة للشارع اليمني والخليجي والعربي عموماً، لكنه أيضاً تضمن وركز على رسائل هامة كانت مقصودة من وجهة نظر البعض لعل أبرزها وأهمها رسالة الحوثي للنظام السعودي ووجهة نظر صنعاء لطبيعة العلاقة مع الرياض.
| لسنا أعداءً لكم ولن نكون وكلاء أو موظفين لديكم |
لعل العنوان السابق يلخص مجمل رسالة زعيم أنصار الله للسعودية، إذ بدى واضحاً من أن الحوثي ركز على الحديث عن اليمن والسعودية وعلاقة كل طرف بالآخر سواءً فيما مضى أو في المرحلة الحالية أو ما يجب أن يكون عليه الوضع في المستقبل وماذا تريد السعودية وماذا يريد اليمنيون عموماً وعلى رأسهم أنصار الله.
وبدأ الحوثي حديثه بهذا الشأن بالتأكيد على حقائق تاريخية لا يمكن للسعودية أو لغيرها إنكارها وهي: “من يعادي الآخر؟” إذ قال إن اليمن لم يمثل يوماً خطراً على السعودية، وأضاف “كانت (أي السعودية) هي دائماً المعتدي على اليمن وتتدخل في شؤونه بشكل مستمر”، لافتاً أن “السياسات السعودية السلبية تجاه اليمن أمر معروف ويشهد به التاريخ”، وأضاف: “لم تشن حرب على السعودية يوماً ابتداءً من اليمن وكانت السعودية دائماً هي المعتدية … السلطة السعودية لها رصيد من التدخل السلبي والاعتداء المتكرر على اليمن”.
بالنسبة لليمنيين فإن التعايش مع السعودية كدولة مجاورة جغرافياً لليمن ليس مستحيلاً، وهو ما ألمح زعيم أنصار الله إلى إمكانية حدوثه في حال “غيرت السعودية من توجهها العدائي ونظرتها السلبية تجاه اليمن”، ولعل هذه هي النقطة الأولى في الرسالة السياسية الأكثر أهمية التي تضمنها الحوار التلفزيوني، إذ يرى مراقبون أن “السيد الحوثي أراد بهذه العبارة القول للرياض وحكامها بأننا لسنا أعداءً لكم ولا نشكل تهديداً لكم وعليكم تغيير نظرتكم هذه التي تجعلكم تعادون الشعب اليمني”.
النقطة الثانية في رسالة زعيم أنصار الله للسعودية هي أنها مطالبة “بتغيير رؤيتها تجاه اليمن من أن يبقى ضعيفاً وممزقاً”، وهي نقطة تحمل دلالات بعيدة المدى، حسب المراقبين الذين قالوا إنها رسالة سياسية تهم السعوديين قبل اليمنيين “إذ ليس من مصلحة السعودية أن تكون دولة جارة لها في حالة ممزقة وضعيفة”، لافتين إلى أن زعيم أنصار الله استخدم عباراته في الحديث عن العلاقة مع السعودية بذكاء شديد لتتحول إلى نصائح يفترض أن يأخذها السعوديون على محمل الجد إذا كانوا يفكرون بطريقة استراتيجية.
أما الخطوط الحمراء التي لن يقبل بها اليمنيون على الإطلاق والتي بسبب تبني جماعة أنصار الله لمواجهتها أمام الرياض قامت الأخيرة بشن حربها على اليمن، هي أن إبقاء اليمن خاضعاً للسيطرة السعودية وتحويل العلاقة بين البلدين إلى علاقة سيطرة وإخضاع، وجعل اليمنيين شعباً وحكومة ليس فقط وكلاءً للسعوديين بل موظفين لدى حكامها، وهو ما لن يقبل به الشعب اليمني وأنصار الله خصوصاً، وهو ما قاله صراحة عبدالملك الحوثي، والذي قال “لن يكون اليمنيون لا وكلاء ولا موظفين للسعوديين”.
ولعل الجديد في هذا الحوار هو ما كشفه زعيم أنصار الله وأكد ما كان عبارة عن تصريحات غير رسمية من أنصار الله وهي العروض التي كان يتقدم بها أنصار الله للسعوديين بشأن طبيعة العلاقة بين اليمن والسعودية، حيث قال الحوثي “كنا نعرض دائمًا قيام علاقات مع السعودية على أساس حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”، لافتاً في الوقت ذاته أن “المشكلة لدى السعودية ليست في أن لديهم مخاوف من أن يشكل الوضع في اليمن تهديداً لهم بل في سقف العلاقة التي ترغب بأن يكون اليمن خاضعاً وضعيفاً أمامها”، مجدداً التأكيد على أن “على السعوديين أن يقتنعوا أن الأمر الذي يمثل عامل اطمئنان واستقرار لهم هو قيام علاقة الاحترام المتبادل وحسن الجوار مع اليمن”.
ويقول المراقبون إن السعودية إذا استوعبت رسالة زعيم أنصار الله فقد نشهد تغيراً دراماتيكياً في المرحلة المقبلة على صعيد المشهد السياسي والعسكري في اليمن، لافتين أن من المحتمل أن تمثل رسائل زعيم أنصار الله للسعودية مطمئنة للأخيرة وعموداً ترتكز عليه تحركات دبلوماسية وسياسية معلنة أو غير معلنة من قبل السعودية للخروج بماء الوجه من المستنقع الذي وقعت فيه باليمن ويوقف نزيفها على حدودها الجنوبية عسكرياً ونزيفها المالي لشراء الأسلحة ودفع الأموال لواشنطن مقابل الخدمات العسكرية في الحرب على اليمن اقتصادياً.