توقعات غريبة للبنك الدولي بشأن الاقتصاد اليمني واتهام ضمني للشرعية
واشنطن – صنعاء- المساء برس|
تقرير: يحيى محمد| توقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد اليمني تعافيا ملحوظا في السنوات القادمة، مرجحا نموه عام 2021 بأكثر من 8%، الأمر الذي يثير علامات استفهام حول الأوليات والمعلومات التي بنى عليها تقرير البنك الدولي توقعاته بشأن اقتصاد اليمن.
وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية المتدهورة جداً بفعل الحصار الذي تفرضه دول التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات وبدعم عسكري مباشر من أمريكا وبريطانيا، وبسبب دخول الحرب على اليمن عامها الخامس، إلا أن توقعات البنك الدولي جاءت على عكس ما يراه المحللون الاقتصاديون في اليمن من بينهم مسؤولون في البنك المركزي بصنعاء.
وقالت مصادر مسؤولة في مركزي صنعاء إن بيانات البنك الدولي بشأن اليمن لهذا العام تشبه ما ورد من معلومات وتوقعات في تقارير البنك الدولي للأعوام السابقة، وأضاف أحد المسؤولين في تصريح لـ”المساء برس”: “في كل عام يتضمن تقرير البنك الدولي معلومات وتوقعات بحدوث تعافي للاقتصاد اليمني في العام المقبل أو في العام الذي يصدر فيه التقرير إلا أن الوضع الاقتصادي في اليمن يستمر في التدهور”.
وأضاف المصدر إن البنك الدولي أراد تلافي وقوعه في أخطاء بيانية ويصدر تقرير بمعلومات غير صحيحة كما حدث في الأعوام السابقة “ولهذا بنى توقعاته لنمو الاقتصاد اليمني للأعوام القادمة، وقال إن معدل النمو لهذا العام سيبلغ 2.1% وفي العام التالي سيبلغ 10%، وأن اليمن في 2021 سيصبح متعافياً اقتصادياً بنسبة 8% أي بعد 3 سنوات وهنا يتبين أن البنك الدولي أراد عمل هامش زمني على أمل أن تتوقف الحرب على اليمن ويرفع الحصار المفروض عليه كي يشهد البلد تعافياً اقتصادياً طفيفاً”، لافتاً إلى أن البنك الدولي قدم معلومات إيجابية مرتفعة جداً لهذا العام والأعوام القادمة بينما أكد أن الاقتصاد اليمني شهد انكماشاً بنسبة 2.7% خلال العام الماضي، مضيفاً: “وهو ما يدعو للتساؤل: ما الذي استند عليه البنك الدولي حتى يبني عليها توقعاته بالنمو طالما وأن الأسباب التي أدت إلى استمرار الانكماش الاقتصادي خلال الأعوام الماضية لازالت قائمة حتى الآن؟”.
كما أشار المصدر إلى أن الدليل الآخر على أن بيانات وتوقعات البنك الدولي غير دقيقة هو ما ورد في التقرير ذاته من تأكيد بأن معدل خط الفقر للأفراد البالغ دخلهم أقل من دولارين في اليوم سيرتفع في 2019 إلى 52% من إجمالي عدد السكان، وهو ما يعتبر تناقضاً لافتاً ومعيباً في تقرير البنك الدولي وفق مصدر البنك المركزي بصنعاء، وأضاف المصدر بالقول: “إذا أقررنا بصدقية معلومات وتوقعات البنك الدولي فهذا يعني أننا أمام إقرار دولي رسمي بفساد السلطة الشرعية في الجانب الاقتصادي والمالي لأن التقرير يقول بأن 2019 سيشهد نمواً اقتصادياً بمعدل 2.1% وهذا يعني أن معدل خط الفقر سينخفض، لكن تقرير البنك قال إن هذا المعدل سيرتفع وهذا يعني أن عائدات النمو الاقتصادي لن تعود على المواطن وتنعكس على وضعه الاقتصادي والمعيشي بدليل أن التقرير أكد أن معدل خط الفقر سيرتفع خلال هذا العام، بمعنى أن الأموال التي ستدخل خزينة الشرعية لن تنفق على المواطنين وهذا يعني إقراراً دولياً بفساد الحكومة الشرعية المتواجدة خارج اليمن واتهاماً ضمنياً لها بتسريع عملية الانهيار الاقتصادي”.
وقال المصدر إنه من غير المعقول أن يشهد البلد الذي يتعرض لأكبر دمار في المنطقة منذ سنوات وحصاراً اقتصادياً خانقاً من قبل تحالف إقليمي وغربي “من غير المعقول أن يسجل أعلى معدل نمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حسب ما ورد في التقرير”، متسائلاً بالقول: “هل من المعقول أن بلداً يشهد حرباً طاحنة وحصاراً قاتلاً نمواً اقتصادياً أكثر من بقية البلدان التي لا تعاني من حالة حرب ولا حصار؟!”.
ولفت المصدر إلى أن المعلومات التي يستقيها المسؤولين عن التقارير ويبني عليها البنك الدولي توقعاته ليست صحيحة، مشيراً إلى أن البنك الدولي أقر في التقرير نفسه بأنه حصل على بياناته من كل من “مصادر في وزارة المالية والبنك المركزي اليمني وصندوق النقد الدولي وتقديرات الموظفين”، وبما أن البنك الدولي هو مؤسسة تابعة للأمم المتحدة التي تعترف بشرعية الرئيس المنتهية ولايته هادي فإن البنك الدولي حصل على بياناته من مصادر قد تكون موثوقة وقد تكون غير موثوقة في حكومة الشرعية وتقديرات الموظفين بالبنك المركزي في عدن التابع للشرعية الذي لم يعد يمارس مهامه في حقيقة الأمر وأصبح البنك مجرد شكلاً يخلو من مضمون مهامي وعملياتي لإدارة عمليات الاقتصاد الوطني كجهاز إداري رسمي ووحيد في السيطرة والإدارة وهذا ما لم يتمكن مركزي عدن من تحقيقه منذ نقل البنك عام 2016، حسب المصدر.