تهديدات بين صنعاء وبريطانيا.. هل يكون الحوثي قوة جديدة صاعدة بالشرق الأوسط؟
صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
بدا واضحاً تسويق المملكة المتحدة البريطانية لانهيار اتفاق الحديدة المتفق عليه بين طرفي صنعاء وحلفاء الرياض في العاصمة السويدية استكهولم ديسمبر الماضي، وذلك من خلال التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت خلال زيارته مدينة عدن جنوب اليمن الأحد الماضي.
هانت قال إن عملية السلام في الحديدة قد تموت خلال أسابيع إذا لم تبذل مزيد من الجهود الصادقة من الجانبين، مضيفاً بالقول “نحن الآن أمام فرصة أخيرة لنجاح عملية استوكهولم للسلام”، كما جدد التأكيد على أن “العملية قد تموت في غضون أسابيع إذا لم نر التزاماً من الجانبين بالوفاء بالتزاماتهم طبقاً لاتفاق استوكهولم”.
-
رغبة بريطانية جديدة بشأن الحديدة
تصريحات هانت بدت مستفزة لطرف صنعاء، وليس ذلك فحسب، بل إن العديد من المراقبين والسياسيين في صنعاء وعدن قرأوا في تصريحات وزير الخارجية البريطاني وطريقة زيارته لعدن أنها مقدمات واضحة لرغبة بريطانيا في إنهاء اتفاق استوكهولم واستئناف القتال في الحديدة.
كما تقول مصادر سياسية رفيعة في صنعاء إن زيارة “هانت” وتصريحاته تعد تدشيناً لعملية تصعيد عسكري كبيرة في الحديدة تحت ذريعة فشل اتفاق السويد بشأن مدينة الحديدة وموانئها، مشيرة إلى أن “التحرك العلني لبريطانيا والذي لم يسبق أن حدث من قبل بهذا الشكل جاء رداً على التهديدات التي أطلقها زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي أثناء خطابه الأخير رغم أن تلك التهديدات كانت موجهة نحو الإمارات وليس بريطانيا”.
-
هل كانت الإمارات هي المقصودة فعلاً بتهديدات زعيم أنصار الله الأخيرة؟
من جهتها أكدت مصادر مسؤولة عليا في صنعاء أن الرسالة التي مررها زعيم أنصار الله خلال خطابه الأخير حققت هدفها ووصلت إلى الطرف والجهة المقصودة بتلك التهديدات “وهي الأطراف الدولية الواقفة خلف كل تحركات القوات الإماراتية في اليمن سواءً في الجنوب أو في الساحل الغربي”، مشيرة في حديث مقتضب لـ”المساء برس” إلى أن “تهديد الحوثي بالرد على أي عمل عسكري على الحديدة باتخاذ خيارات لم يحبذ الحديث عنها، تلك التهديدات التي وجهها للإمارات كانت في حقيقة الأمر موجهة لمن يحرك الإمارات وهي بريطانيا والتي يوجد لديها قوات تابعة للملكية البحرية البريطانية في عدن وبعض المناطق الأخرى بشكل غير معلن”.
كما قالت المصادر إن بريطانيا فهمت تهديدات زعيم أنصار الله وأدركت من هو المقصود بها مباشرة وهو ما دفعها إلى الرد على تلك التهديدات بنفسها هذه المرة وليس عبر الإمارات كما في السابق وهو ما تمثل بإرسال وزير خارجيتها جيرمي هانت إلى عدن وظهوره يتجول بمفرده ويصدر تصريحات مسجلة بالصوت والصورة وبهاتفه الشخصي على غير ما سارت عليه الأعراف الدبلوماسية الدولية، وهو ما اعتُبر رداً صريحاً ورسالة واضحة أن تلك التصريحات وذلك الظهور وطبيعة الزيارة ذاتها كانت رداً بريطانياً مباشراً على تهديدات صنعاء على لسان زعيم أنصار الله والتي كانت لندن هي المقصودة بها وليس الإمارات.
-
بريطانيا أدركت رسالة الحوثي التهديدية وتردّ بتهديد مقابل
ويرى المراقبون إن المشهد في اليمن بدأ يتصاعد دولياً وبدأ الصراع يكبر ويتحول من صراع بين صنعاء وأدوات إقليمية إلى صراع وتهديدات علنية متبادلة بينها وبين القوى العظمى مباشرة ومنها بريطانيا، ويضيف المراقبون بالقول “إذا كان العام الرابع من الحرب على اليمن قد شهد اعترافاً غير معلن بأنصار الله كطرف والتحالف كطرف مقابل، وذلك من خلال ما حدث في استوكهولم برعاية الأمم المتحدة والذي مثل اعترافاً غير معلن بمكون أنصار الله كقوة على الأرض فاعلة ومؤثرة وصاحبة قرار وأسقط المسميات التي ظل التحالف يرددها طوال الفترة الماضية ممثلة بالمرجعيات الثلاث، فإن العام الخامس من الحرب على اليمن قد يحمل تطوراً للصراع من يمني سعودي إماراتي إلى يمني بريطاني أمريكي مباشر”.
-
هل يكون “الحوثيون” عنوان قوة جديدة صاعدة في الشرق الأوسط؟
من مواجهة “الشرعية” إلى مواجهة “الرياض وأبوظبي” إلى مواجهة “لندن وواشنطن”
كما يشير المراقبون إلى أن من شأن استمرار الحرب على اليمن من شأنه أن يزيد من حجم وقوة وتأثير سلطات صنعاء وجماعة أنصار الله، ففي الوقت الذي بدأت فيه الحرب باليمن متمثلة بين مكوّن “أنصار الله” الذي كان حينها مساوياً لخصمه – الطرف اليمني الآخر في هذه الحرب – بغض النظر عن تحالفه مع الخارج، إلا أن هذا الطرف الآخر لم يتمكن من القضاء على “أنصار الله” وبدلاً من ذلك تحولت الحرب من طرفين يمنيين، إلى طرف يمني يمثله “أنصار الله وحلفائهم من القبائل اليمنية والمكونات السياسية الأخرى” وطرف إقليمي تمثله السعودية والإمارات، ومع استمرار الحرب وازدياد حجم أنصار الله وثقلهم وإثبات قدرتهم على إدارة البلاد – على الأقل في المناطق التي يسيطرون عليها وهي 70% من المناطق الآهلة بالسكان – وكذا إدارة مواجهة الإقليم عسكرياً، مع استمرار الحرب ودخول اليمن عامه الخامس بات من الواضح والمؤكد أن من شأن استمرار هذه الحرب هو ارتفاع حجم أنصار الله وثقلهم ليتجاوز اليمن والإقليم “وليس من المستبعد أن نشهد في العام الخامس من الحرب مفاوضات معلنة أو غير معلنة بين أنصار الله وبريطانيا أو أنصار الله والولايات المتحدة”، كما حدث قبل ذلك من مفاوضات بين الأول والسعودية في “الظهران جنوب السعودية” التي جرت دون علم الطرف اليمني التابع للرياض.