ميناء الحديدة بين 1921 و1925م سيناريو قد يتكرر بحذافيره
الحديدة – قراءة تاريخية – المساء برس| يقف طرفا “صنعاء وحلفاء الرياض من اليمنيين” أمام محك خطير وتهديد هو الأخطر في تاريخ اليمن يتهدد المياه الإقليمية اليمنية الغربية وتحديداً ميناء الحديدة.
ويرى مراقبون إنه إذا لم يتم الاتفاق بين اليمنيين على تجنيب الحديدة ومينائها الصراع فإن ذلك قد يفتح باباً للقوى العظمى للسيطرة على الميناء سواءً بشكل مباشر أو باستخدام أدوات يمنية تعمل لصالح قوى إقليمية وهذه الأخيرة تعمل هي الأخرى لصالح القوى العظمى.
ويقول المراقبون إن الطرف اليمني الذي يواجه صراعاً أكثر من غيره هو طرف صنعاء الذي يمثله أنصار الله وحلفائهم، وأن الصراع القائم الآن يتمثل في حماية ميناء الحديدة من وقوعه تحت الهيمنة والسيطرة الخارجية تحت أي مسمى، وفي الوقت ذاته يتعين على طرف صنعاء إجادة المناورة السياسية القائمة حالياً بينه وبين طرف الرياض وبينهما ممثلوا الأمم المتحدة لوقف الحرب في الحديدة وإبقاء الميناء خارج الصراع مع الحفاظ على السيادة اليمنية على الميناء وأمن المياه الإقليمية.
ما يحدث اليوم في الحديدة يعيد إلى الذاكرة واحدة من أكثر المشاكل أو القضايا التي شغلت الأوساط السياسية والهيئات المسؤولة في اليمن بشقيها في صنعاء وإمارة عسير والملحقية البريطانية في عدن بين عامي 1921 و1925م من القرن الماضي بشأن مشكلة الميناء.
واطلع “المساء برس” على دراسة بحثية بعنوان “سياسة بريطانيا والخلاف بين اليمن وإمارة عسير بشأن ميناء الحديدة 1921 – 1925م” للباحث العراقي في جامعة ذي قار بالعراق، مهند عبدالعزيز.
ويقول الباحث في مستخلص الدراسة:
لقد احتل البريطانيون الميناء في ديسمبر 1918م بحجة مفادها: تباطؤ العثمانيين في الانسحاب من اليمن وإعادة الأمن والنظام إليه، لكن العامل الحقيقي وراء غزوهم – أي البريطانيين – له هو رغبتهم في عزل الإمام يحيى حميد الدين عن البحر خوفاً من اتصاله بالدول الأوروبية لا سيما إيطاليا وإمكانية شرائه للأسلحة والمعدات الحربية هذا فضلاً عن جعل اليمن مسرحاً لتدخل القوى الأوروبية المنافسة لبريطانيا مما يشكل تهديداً خطيراً على مصالحها ويسبب وجود خلاف واسع بين اليمن وإمارة عسير.
لقد رغبت بريطانيا في استثمار ذلك لأقصى ما يمكن خدمة لأغراضها السياسية فأقدمت في 21 يناير عام 1921 على تسليم الميناء إلى إمارة عسير المتحالفة معها بعد فشل الجهود والمساعي البريطانية لإقناع الإمام يحيى بالعدول عن مطالبه بضم جنوب اليمن إلى شماله.
أخفقت إمارة عسير في إدارتها بشؤون ميناء الحديدة خلال مدة أربع سنوات من حكمها له إذ شاعت حالة الفوضى وتعرض النشاط التجاري إلى كثير من العرقلة والضرائب المجحفة التي شردت التجار واضطرت بريطانيا إلى النزول عند وجهة نظر الأوساط التجارية في عدن التي تضررت من هذه الإدارة، وفضلت الحكم اليمني لميناء الحديدة بدلاً من حكومة إمارة عسير في الوقت الذي بدأت فيه بوادر انهيار تلك الإمارة بعد وفاة السيد الإدريسي عام 1923 وتصاعدت حدة النزاع بين خلفائه.
سعت بريطانيا إلى فتح علاقة جديدة في علاقاتها مع الإمام يحيى لشعورها بأهمية تحسين تلك العلاقات، فأوعزت إلى السيد عبدالله العرشي ممثل الإمام يحيى في عدن عام 1925م بأنها لا تتدخل في قضية ميناء الحديدة وأن بإمكان الإمام الاستيلاء عليه متى شاء فاجتاحت قواته الميناء في آذار عام 1925.
ونظراً لأهمية المرحلة الحالية التي تشهد صراعاً مشابهاً لصراع عشرينات القرن الماضي على ميناء الحديدة، سينشر “المساء برس” في وقت لاحق تفاصيل ما ورد في الدراسة البحثية وكيف أرادت بريطانيا استخدام ميناء الحديدة كسلاح ضد الإمام يحيى وكيف أثارت الفتن بين العرب انسجاماً مع مبدأ فرق تسد والدور الذي مارسته بريطانيا لضمان مصالحها وكيف استطاع الإمام يحيى بإصراره وإمكانياته المتواضعه والتي تعززت ببعض الأوضاع والأحوال السياسية إحباط مساعي السياسة البريطانية ونجح في ضم الميناء والأجزاء الغربية من اليمن لدولته، وذلك ضمن ملف متكامل يعمل “المساء برس” على إعداده عن الصراع الدولي على الممر المائي الدولي وباب المندب الخاضعان – وفق الطبيعة الجيو سياسية لليمن – للسيطرة اليمنية، والمحاولات الإسرائيلية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي وتجددها الآن للسيطرة على جنوب البحر الأحمر.