اتفاق الحديدة يتعثر “الشرعية” تستغل الرواتب للانقلاب “تفاصيل حصرية”
الحديدة – المساء برس| عُقد أمس الجمعة بمدينة الحديدة غرب اليمن اجتماع ضم لجنة التنسيق المشتركة بين طرفي صنعاء والرياض لمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، في وقت يتكتم فيه طرفا المفاوضات عن نتائج الاجتماع نظراً لتعثره اليوم.
طرف الشرعية يطلب انسحاب السلطة المحلية الحالية
وفيما تم مناقشة عملية انسحاب قوات الطرفين من المدينة والميناء وفتح طريق كيلو 16 الرابط بين الحديدة وصنعاء وتعز الذي تحاصره قوات التحالف، أفادت مصادر محلية مطلعة لـ”المساء برس” إن التفاهمات بين الطرفين فشلت بعد إصرار طرف التحالف على خروج السلطة المحلية وقوات الأمن الداخلي التابعة لمدينة الحديدة من المدينة ذاتها وتسليم المدينة لما وصفها طرف التحالف بـ”السلطة المحلية والقوات التابعة للحديدة بقيادة الشرعية”، وهو ما رفضه طرف صنعاء لمخالفة ذلك ما تم الاتفاق عليه في العاصمة السويدية استكهولم.
وحسب المصادر فإن طرف التحالف رفض الاعتراف بالسلطة المحلية للحديدة على أنها السلطة المخولة إليها قيادة المدينة حسب الاتفاق، معتبرين أن السلطة المحلية التي وردت في اتفاق السويد هي السلطة التي أشار إليها “الرئيس” المنتهية ولايته “عبدربه منصور هادي” في كلمته يوم أمس الأول الخميس أثناء اجتماعه بأعضاء البرلمان المؤيدين للتحالف.
هادي ينقلب على الاتفاق ويعلنها صراحة
وكان هادي في كلمة أمام عدد من أعضاء مجلس النواب الذين استطاعت الرياض تجميعهم على مدى أشهر بهدف إكمال النصاب لعقد جلسة برلمانية، فسّر اتفاق السويد الخاص بالحديدة على أنه “يفضي في المحصلة إلى خروج المليشيا الحوثية وتسليم الحديدة بطريقة سلمية إلى السلطات المحلية الشرعية وقات أمنها وفقاً لنصوص القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والقانون اليمني الذي يعطي السلطات الشرعية الحق الحصري والمطلق في إدارة المحافظة والموانئ”، وهو ما اعتبره مراقبون التفافاً إن لم يكن انقلاباً على اتفاق السويد الذي لم يشر بأي شكل من الأشكال إلى أن اتفاق الحديدة تم بناءً على نصوص قرار مجلس الأمن الدولي 2216.
هادي اختصر الطريق على طرف التحالف وأعلنها يوم أمس الأول صراحة أنه وبكل وضوح لن يقبل “بأي حلول خارج عن المرجعيات الثلاث الثابتة”، وهو ما فُهم على أنه إعلان واضح من طرف الشرعية بأن اتفاق الحديدة إذا لم يتم تنفيذه وفقاً للقرار الدولي 2216 فإن “الشرعية” لن تنفذه، وهو ما انعكس بالفعل في اجتماع أمس الجمعة الذي عُقد صباحاً برئاسة “كاميرت”.
عضو وفد الرياض “هادي هيج” يعترف وينفي أن تكون إدارة الحديدة للشرعية
في منشور على صفحته بالفيس بوك نقل القيادي الجنوبي في حزب المؤتمر الشعبي العام جمال سالم الصبيحي والمؤيد لـ”الشرعية”، نقل تصريحاً للشيخ هادي هيج عضو مجلس الشورى بسلطة “الشرعية” وعضو الوفد الحكومي “وفد الشرعية” في مفاوضات السويد.
وقال الصبيحي نقلاً عن الشيخ هيج قوله “حتى لا نصبح سذجاً وسطحيين حول ما قاله الاخ خالد اليماني والزملاء في وفد الحكومة الشرعية لمفاوضات السويد بأن المعني بادارة الحديدة هي الشرعية!!”.
الشيخ هيج أكد أن النص الذي تم الاتفاق عليه والتوقيع عليه من قبل الطرفين بخصوص إدارة أمن الحديدة “أشار إلى أن سلطة الحوثي الحالية والقائمة على الأرض والتي هي ذاتها منتخبة بحسب آخر انتخابات محلية بأنها هي من تدير الجانب الأمني في المدينة والموانئ”، ولفت الصبيحي نقلاً عن “هيج” إن وفد الرياض لم يضف على النص سوى كلمة في آخر الفقرة وهي “بما فيها المشرفين” مضيفاً إن قبول وفد الرياض بهذا الاتفاق تم بعد “الضغط الكبير علينا وعلى الأشقاء في المملكة من قبل سفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن للموافقة والتوقيع”.
وأضاف الشيخ هيج بالقول: “ولولا تدخل سعادة سفير المملكة في اللحظات الأخيرة لكنا وقعنا على مشروع إطار الحل النهائي الذي يعطي الانقلابيين الحق والمشروعية في استمرار مشروعهم الفارسي ويمكنهم من الشراكة في إدارة المرحلة الانتقالية”.
بند إدارة الحديدة ينص على بقاء السلطة الحالية وسحب المقاتلين والمشرفين المدنيين لأنصار الله
ووفقاً لبند إدارة الحديدة في اتفاق السويد فقد نص البند على أنه “تقع مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى على عاتق قوات الأمن المحلية وفقاً للقانون اليمني، ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، بما فيها المشرفين”، وهو ما يبدو واضحاً أن السلطات المحلية القائمة حالياً هي من أوكلت إليها مهمة إدارة المدينة وأمنها، وأن عبارة “يجب احترام المسارات القانونية للسلطة” وأيضاً عبارة “يجب إزالة أي عوائق تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها” وإلحاقها بعبارة “بما فيها المشرفين” تؤكد جميعها أن السلطة المحلية بالحديدة والتابعة لقيادة صنعاء هي من ستتولى مهام الإدارة والأمن وورود عبارة إزالة أي عوائق بما فيها المشرفين يُقصد بها إبعاد المشرفين التابعين لأنصار الله من المؤسسات الرسمية بالحديدة، بمعنى ترك السلطة المحلية الحالية العمل بمفردها دون تدخل من قبل مشرفي أنصار الله أو أي عوائق عسكرية من طرف صنعاء تقف حائلاً أمام عمل السلطة المحلية، ولو كان تفسير هذا البند وفقاً لما تريده “الشرعية” لما وردت عبارة إزالة العوائق بما فيها المشرفين، إذ كيف يبقى مشرفون لأنصار الله بالحديدة إذا كانوا قد قبلوا باتفاق يقضي بتسليمهم المدينة للشرعية لإدارتها مدنياً وأمنياً؟.
وفد الشرعية.. انقلاب آخر على الاتفاق “ترك الموانئ مقابل تسديد رواتب الحديدة فقط”
وبالعودة إلى تطورات الوضع السياسي والعسكري بالحديدة، فقد أكدت مصادر مطلعة بما دار في اجتماع اليوم الجمعة إن وفد “الشرعية” رفض التأكيد على الانسحاب من الكيلو 16 وفتح الطريق الرابط بين (الحديدة – صنعاء – تعز)، وأن الاجتماع انتهى بدون الوصول إلى نتيجة والوصول إلى طريق مسدود بين الطرفين بسبب استناد طرف الشرعية إلى تصريحات هادي يوم أمس في الرياض.
المصادر أكدت أن من ضمن ما تم الاختلاف عليه هو الانسحاب من ميناء الحديدة من قبل قوات صنعاء والتي أكدت أن الاتفاق بشأن الانسحاب من ميناء الحديدة وتحييد إيرادات الميناء لصالح تسديد الرواتب لجميع موظفي الدولة وأن طرف صنعاء ذكّر وفد “الشرعية” ببند الاتفاق بهذا الخصوص والذي نص على أن “تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن”.
وأضافت مصادر “المساء برس” إن وفد صنعاء اعترض على التزام وفد الشرعية بتسديد رواتب موظفي الحديدة فقط واستثناء باقي المحافظات، وأشارت المصادر إلى أن طرف الشرعية رد على وفد صنعاء بأن ذلك ما تضمنته توجيهات الرئيس هادي، وهو ما يأتي مخالفاً لاتفاق السويد الذي نص على أن إيرادات الموانئ بالحديدة تُسلم لفرع البنك المركزي بالمدينة لتسديد رواتب الموظفي في الحديدة وجميع أنحاء اليمن وليس الحديدة فقط.
باتريك يحاول لملمة الموقف وتلافي الخلاف ويطلب عدم التصريح للإعلام
كما كشفت المصادر أن وصول الطرفين إلى طريق مسدود بعد أن كانا قد اتفقا على فتح طريق كيلو 16 ابتداءً من اليوم السبت وإتاحة الميناء ليكون نقطة لتوزيع المساعدات إلى صنعاء وتعز، دفع برئيس اللجنة الأممية الجنرال باتريك إلى التقدم بطلب للطرفين بعدم الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام بما دار في الاجتماع الذي انتهى بالفشل، مشيرة إلى أن هذا الطلب أتى من باب ترك المجال مفتوحاً أمام الأمم المتحدة للتوفيق بين الطرفين قبل أن يواصل انغلاقه وتعود التوترات العسكرية من جديد على الميدان على وقع عدم التوافق على الانسحاب ومن يتسلم إدارة المدينة.
وأشارت المصادر إلى أنه من المتوقع أن يُطلع الجنرال باتريك مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن مارتن غريفيث على هذه التطورات، الأمر الذي يشير إلى أن الكرة الآن أصبحت في ملعب غريفيث للفصل بين الطرفين وتأكيد ما ورد في اتفاق السويد.
لجنة الشرعية تغادر الحديدة بعد الاجتماع الفاشل وقبل خروجها تتجه نحو قوات التحالف بالخمسين
وحسب مصادر موثوقة بقوات التحالف المتواجدة في أطراف مدينة الحديدة فإن “وفد اللجنة الحكومية وبعد مغادرته للاجتماع توجه إلى شارع الخمسين حيث تتمركز القوات المشتركة ومنه إلى مقر العمليات المشتركة التابعة للتحالف بالحديدة”.
المصادر رجحت أن تكون لجنة “الشرعية” قد توقفت عند قوات التحالف لإبلاغها نتتائج الاجتماع، ولم يؤكد المصدر فيما إذا كانت “الشرعية” قد طلبت من قيادة القوات التابعة لها خارج الحديدة الاستمرار في القتال والتعزيزات أو إبلاغها بالانسحاب من الكيلو 16 وفتح الطريق من عدمه.
وعلى المستوى العسكري فقد تبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب الخروقات العسكرية في محيط مدينة الحديدة وخارجها، وفيما ذهب التحالف إلى اتهام قوات صنعاء بارتكاب خروقات في الحديدة دون بيان طبيعة هذه الخروقات ومكان حدوثها، ركزت قوات صنعاء على تفصيل دقيق جداً للخروقات التي ترتكبها قوات التحالف في الحديدة والتي تجاوزت خلال اليومين الأخيرين القصف بالقذائف المدفعية والرشاشات إلى القصف باستخدام الطيران الحربي التابع لتحالف والذي نفذ يوم أمس غارة جوية هي الأولى منذ إعلان اتفاق السويد وألحقها بغارتين جويتين اليوم الجمعة.
ووفقاً لمصدر عسكري رفيع في صنعاء تحدث لـ”المساء برس” فإن قوات صنعاء تقوم بتسليم اللجنة المشتركة ورئيس الفريق الأممي بياناً تفصيلياً بالخروقات التي يرتكبها التحالف ومسلحيه المحليين في الحديدة، وأضاف المصدر “التحالف يخترق الاتفاق بالحديدة يومياً ويروج في وسائله الإعلامية إننا من نخترق الهدنة لكننا نعرف كيف نتعامل معهم ونحن نرصد كل حركة من قبل الطرف الآخر بما في ذلك رصد الأماكن والمجموعات التي تنطلق منها القذائف وأين تسقط ونتائجها على المدنيين وتوقيتها كما يتم رصد التحركات العسكرية لهم والاستحداثات التي تتم ونرصد حتى حجم التعزيزات العسكرية التي تصل إليهم بين الوقت والآخر ونرفع بها جميعاً إلى اللجنة الأممية لإسقاط الحجة”.