الجوف تخرج عن سيطرة التحالف.. انقلابات من الداخل لصالح قوات صنعاء
الجوف – المساء برس| مؤخراً برز على الشأن العسكري الميداني تحركات مكثفة في محافظة الجوف أدت إلى سقوط مناطق واسعة بيد قوات صنعاء، فيما كانت من قبل تحت سيطرة قوات “الشرعية” الموالية للتحالف، وكان اللافت أن هذه التحركات صاحبتها انقلابات شعبية ضد التحالف من الداخل.
المتحدث باسم قوات حكومة الإنقاذ العميد يحيى سريع أشاد في بيان عسكري نشرته وسائل الإعلام الرسمية في صنعاء بخصوص العملية العسكرية التي نفذتها قوات الإنقاذ اليوم في الجوف، أشاد بما وصفها بـ”الأدوار والمواقف البطولية لأبناء محافظة الجوف الرافضة للعدوان ومساندتهم لإخوانهم في الجيش واللجان دفاعاً عن الوطن وسيادته” في إشارة إلى أن العملية العسكرية اليوم تمت بتنسيق مسبق ومشاركة فاعلة من أبناء وقبائل الجوف المتواجدين في تلك المناطق.
العملية العسكرية التي تمت في منطقة صبرين بمديرية خب والشعف والتي تمكنت خلالها قوات صنعاء من استدراج مجموعة كبيرة من مقاتلي “الشرعية” والتحالف وأدت لمقتل وجرح العشرات منهم بما فيهم قيادات العملية وفقدان التحالف لآليات عسكرية ومدرعات، كشف متحدث قوات صنعاء أنها “تمت بعد عملية استخبارية واستطلاعية دقيقة” تمكنت قوات صنعاء خلالها من استدراج قوات التحالف الذين حاولوا الزحف باتجاه مواقع قوات صنعاء في “العرم وأسطر” بمنطقة صبرين، حيث جرى استدراجهم “عبر طريق صحراوي” ووقعت مجموعة من قوات التحالف في حقل ألغام أدى إلى مقتل وإصابة “أكثر من 25 مقاتلاً وتدمير آلياتهم”.
وحسب العميد سريع فإن المجموعة الأخرى تم استهدافها بمجموعة كمائن، وأن من بين الجرحى خلال العملية “قيادات عسكرية من الصف القيادي الأول منهم قائد عملية الزحف رئيس أركان ما يسمى محور الجوف العميد مجاهد الغليسي ومصرع القيادي العسكري الكويتي العقيد فلاح الهاجري المكنى أبو شافي والذي يعمل لصالح الاستخبارات السعودية ومقتل وجرح عدد من قادة الكتائب”، كما أشار سريع إلى أن طيران التحالف حاول إنقاذ قواته بتنفيذ عدد من الغارات وإشراك طيران الأباتشي لكن تلك المحاولات “كانت دون جدوى”، لافتاً إلى أن “عشرات الجثث لا تزال مرمية في الصحراء”.
انقلابات شعبية ضد التحالف والشرعية
علم “المساء برس” من مصادر قبلية رفيعة في محافظة الجوف إن معظم القبائل في المحافظة من الواقعة مناطقها في النطاق الجغرافي لسيطرة القوات الموالية للتحالف بدأت بالتخلي عن تمسكها وقبولها بمقاتلي “الشرعية” وأن بعضها تحالفت مع أنصار الله وسلطة صنعاء.
وأشارت المصادر إلى أن العديد من أبناء القبائل الواقعين في مناطق سيطرة التحالف بالجوف بدأوا بالانضمام للقتال في صفوف قوات صنعاء بهدف إخراج قوات هادي الموالية للتحالف من مناطقهم، مؤكدة بأن هناك شكاوي متعددة ومتكررة وأن أصوات المقاتلين مع “الشرعية” بدأت بالتصاعد ضد التحالف والقيادات المحلية الموالية له بأنها تدفعهم للموت ثم تقوم بنهب مستحقاتهم وأكلها بالباطل.
ويرى مراقبون أن اصطفاف قبائل الجوف إلى جانب قوات صنعاء ومشاركتهم في العمليات العسكرية بين قوات الإنقاذ وقوات “الشرعية” يقود إلى طرح تساؤلات عن الأسباب التي دفعت بأبناء الجوف المتواجدين بمناطق سيطرة التحالف إلى التخلي عن هذا الطرف والاصطفاف بالموقف والسلاح إلى جانب قوات صنعاء.
مصادر متعددة في الجوف تحدثت لـ”المساء برس” في محاولة للإجابة على التساؤل السابق، وبينت هذه المصادر أن غالبية أبناء الجوف كانوا من بداية الحرب يقفون بسلاحهم إلى جانب قوات صنعاء ومقاتلي “أنصار الله”.
وكشفت المصادر إن تواجد أبناء الجوف في منطقة حدودية مع السعودية جعلهم يدركون على مدى سنوات طويلة التهديدات التي تشكلها السعودية على الجوف وحوضه النفطي، مشيرين بالقول “سواءً كان أبناء الجوف من فئة النخبويين والمشائخ أو من فئة المزارعين وعامة المواطنين فإنهم جميعاً يدركون حجم الأطماع السعودية من الجوف ويعرفون تماماً أن السعودية تسعى للسيطرة على هذه المحافظة منذ عقود”.
ولفتت المصادر إلى أن هذا السبب كان أبرز عوامل عدم وجود حاضنة شعبية لـ”الشرعية” والمقاتلين الموالين للتحالف في الجوف، مضيفين بالقول “مواطني الجوف من المتواجدين في مناطق سيطرة التحالف لم يكونوا يقوماً مقاتلين في صفوف قوات الشرعية ومن لم يقاتل مع قوات صنعاء ظل صامتاً ويراقب الأحداث والأوضاع وفي الأخير وجد هؤلاء أن سيطرة قوات التحالف والشرعية على مناطقهم أتى عليهم بالوبال ويمكن القول إنهم وجدوا واقعاً مغايراً لما تُروج له وسائل إعلام التحالف”.
الشرعية تدمر نفسها.. انتهاكات قواتها ضد أبناء الجوف
مصدر قبلي رفيع في الجوف – طلب عدم كشف هويته – كشف لـ”المساء برس” إن حياة المواطنين في مناطق سيطرة “الشرعية” ليست مستقرة “فهم يعيشون حالة من الفزع وعدم الاستقرار وما بين الحين والآخر يتم مداهمة المواطنين إلى بيوتهم لأعذار واهية”.
ويضيف المصدر القبلي إن “هناك تعسفات كبيرة ضد التجار وخاصة بائعي القات كما أن هناك انفلات أمني وهذا الانفلات جعل المناطق التي يسيطر عليها التحالف مسرحاً لتصفية الحسابات والثارات ولا يكاد يمر يوم إلا وتحدث اشتباكات إما بين عساكر الشرعية والقبائل أو بين مقاتلي الشرعية فيما بينهم البين وكل قيادي عسكري مع التحالف لديه مقاتليه وأفراده يستخدمهم لتوسيع نفوذه وتحقيق مصالحه كيفما يشاء ومع تصادم المصالح بين هؤلاء القادة يتم استخدام هذه القوات لغرض تصفية وتقليص نفوذ الآخرين”.
كما كشف المصدر القبلي عن أن هناك استياءً كبيراً من المواطنين ضد قوات الشرعية والمسؤولين التابعين لها، مضيفاً بالقول: “هنا في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية أصبح الناس في حالة عداء ضد التحالف وقوات الأحمر وهادي والإصلاح وممارساتهم أصبحت لا تطاق هنا فمثلاً أبرز التعسفات ضد المواطنين فرض رسوم غير قانونية على الجميع حيث يتم أخذ ألفين ريال عن كل دبة بترول 20 لتر تحت مسمى التحسين”.
صراع العكيمي وهاشم الأحمر
تعيش المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف بالجوف صراعاً على السيطرة والنفوذ، ووفقاً لتقارير سبق ونشرها “المساء برس” فإن كلاً من المحافظ المعين من قبل الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، أمين العكيمي وهو محسوب على حزب الإصلاح والعميد هاشم الأحمر القائد العسكري البارز في الوديعة والجوف ونهم، يعيشان صراعاً قوياً فيما بينهما وكل منهما يسعى وينافس الآخر على من يمسك بزمام الأمور، وسبق أن استطاع هاشم الأحمر أن ينفي العكيمي إلى خارج الجوف الذي انتقل بالفعل للإقامة في السعودية لفترة طويلة هذا العام.
وحسب مصادر محلية فقد انعكس صراع العكيمي والأحمر على صغار القادة العسكريين والمدنيين التابعين لكل طرف وهذا هو ما مثل مشهداً واضحاً وجلياً لطبيعة الوضع الذي تعيشه مناطق سيطرة الشرعية بالجوف.
اختطاف واعتقال النساء.. الشرعية تقدم نموذجها في الحكم
ليست مزايدات إعلامية أو افتراءات مُدّعاة ضد الشرعية وقواتها كما هو الحال مع إعلام هذا الطرف الذي يختلق في كل يوم ما بين (5-10) شائعات وبثها عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف تشويه صورة الحوثيين والتي منها على سبيل المثال اتهامهم باختطاف النساء وارتكاب العيب الأسود وغير ذلك من العناوين التي لا يمكن أن يقبل بها المجتمع اليمني القبلي حتى لو كانت من أكبر زعيم في جماعة أنصار الله، لكن ما سنسرده هنا هي معلومات حقيقية وحدثت بالفعل في مديرية الحزم عاصمة الجوف، إذ شهدت حدثاً لم يعهده اليمنيون وأعرافهم القبلية من قبل إلا في عهد “الشرعية” وقواتها، حيث أقدمت قوات هادي في أكثر من مرة على اختطاف النساء واعتقالهن وتوجد حالياً عدد من النساء المعتقلات من الجوف آخرهن اختطاف المواطنة سميرة مارش من أهالي الحزم والتي قامت قوة عسكرية غير معروفة الانتماء (مجموعة من الملثمين بالأقنعة) بمداهمة منزل المواطنة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ومن ثم اعتقالها وحتى منتصف يوليو الماضي مر على فترة اعتقال سميرة 6 أشهر، وقد تبين أن سميرة جرى نقلها إلى الاستخبارات العسكرية في مأرب وتم منع زيارة أسرتها لها أو حتى الاتصال بها هاتفياً ولا تزال معتقلة هناك، حدث مثل هذا وقبله أحداث مشابهة أخرى وبسبب عدم قبول المجتمع اليمني لمثل هذه الأفعال فقد تداعت قبائل الجوف بما فيها تلك التي تقطن مناطق سيطرة التحالف لاستنكار هذا الحدث ورفضه وإيقاف مرتكبيه عند حدهم.
مصادر قبلية تفيد إن انكشاف الأحداث الأخيرة التي طالت العرف القبلي وارتكاب الشرعية ومسلحيها للعيب الأسود في الجوف كان بمثابة المسمار الأخير في نعش “الشرعية” والتحالف والذي أدى إلى انقلاب مواقف قبائل الجوف ممن كانوا لا يزالون يقفون في الصف المحايد تجاه الحرب وأدى بهذه القبائل إلى تغيير قناعاتهم كلياً.
ولم تكن سوى أشهر قليلة جداً منذ تزايد انتهاكات التحالف ومقاتليه المحليين لمواطني الجوف حتى بدأت بعض القبائل بالمجاهرة علناً وإعلان رفضها تواجد قوات الشرعية وتأييدها جماعة “أنصار الله” وقوات صنعاء، وقد مثلت حشود الجوف في احتفالية المولد النبوي في نوفمبر الماضي بمثابة إشارة البدء ورسالة سياسية قبلية واضحة الدلالة وجهتها قبائل الجوف للشرعية والتحالف ومن معهم، ولم يمضِ سوى شهر واحد فقط منذ انطلاق إشارة البدء حتى انقلبت مزوية على التحالف وخرج أبناؤها بمختلف فئاتهم وأعمارهم جيشاً واحداً ضد التحالف وقواته لتنتهي المعارك باستعادة قوات صنعاء للمتون وسحب قبائلها من يد الشرعية.
وعلى الرغم من استمرار محاولات الشرعية لاستعادة السيطرة على المتون إلا أنها هذه المرة لا تصطدم بقوات صنعاء فحسب بل قبل ذلك تواجه النيران من كل اتجاه بسبب “استبسال أبناء المتون في الدفاع عن مديريتهم” بحسب وصف أحد أبناء المنطقة تحدث لـ”المساء برس”، والذي أكد أن الذي شهدته مديرية المتون مؤخراً بدأت إشارات حدوثه في مديرية خب والشعف ومناطق أخرى تلوح في الأفق وأبرز دليل على ذلك ما حدث في منطقة صبرين.