السعودية تعتبر تدخلات وقف حربها باليمن “تدخل في شؤونها الداخلية”
الرياض – المساء برس| أغرب المواقف الدبلوماسية الرسمية هي ما تصدر عن الخارجية السعودية، إذ اعتبرت الرياض قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الذي قضى بوقف التدخل الأمريكي في الحرب باليمن ووقف تقديم الدعم العسكري للسعودية في هذه الحرب، اعتبرته الرياض بأنه تدخل في شؤون السعودية الداخلية، وهو ما يعني أن الرياض تعتبر حربها في اليمن شأن داخلي يخص السعودية وكأن اليمن هي محافظة من محافظات السعودية وليست بلداً ذا سيادة وحدود جغرافية وعضو في الأمم المتحدة.
منتصف ليل أمس الأحد صدر بيان رسمي باسم وزارة الخارجية السعودية اعتبرت فيه أن قرارات مجلس الشيوخ الأمريكي الأخيرة المرتبطة بالحرب في اليمن وقضية جمال خاشقجي تشكل تدخلاً سافراً في شؤونها، ورفضت حسب البيان “التعرض لولي العهد محمد بن سلمان”، وحذرت من “تداعيات تلك القرارات على العلاقات السعودية الأمريكية”.
الخميس الماضي صوت مجلس الشيوخ الأمريكي على قرارين ضد السعودية الأول: وقف المشاركة الأمريكية في الحرب باليمن وسحب كافة القوات هناك في غضون 30 يوماً ووقف الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، فيما القرار الثاني: نص على تحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول بتركيا مطلع أكتوبر الماضي.
الرياض في بيانها اعتبرت إن قرارات مجلس الشيوخ بُنيت على “ادعاءات واتهامات لا أساس لها من الصحة، ويتضمن تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، ويطال دور المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي”، وأضاف البيان إن الرياض “تؤكد رفضها التام لأي تدخل في شؤونها الداخلية أو التعرض لقيادتها ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده (…) بأي شكل من الأشكال أو المساس بسيادتها أو النيل من مكانتها”.
وقالت الخارجية السعودية إن قرار الشيوخ الأمريكي “لن يؤثر على دورها القيادي في محيطها الإقليمي وفي العالمين العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي”، في إشارة فُهمت على أنها رسالة سعودية مفادها أن وقف دعم أمريكا للسعودية في الحرب على اليمن لن يؤثر على دور الرياض في هذه الحرب ولن يوقفها، وهي رسالة اعتبرها مراقبون إنها مزايدة دبلوماسية من قبل السعودية للتقليل من أهمية القرار ولإبعاد الشبهة عن الرياض من أنها لا تستطيع خوض حرب هنا أو هناك إلا بدعم عسكري خارجي وخصوصاً أمريكي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبق وأن صرح أثناء فترة الانتخابات النصفية بأنه لولا الولايات المتحدة لما استطاعت السعودية الصمود في وجه إيران ولاحتلت طهران أراضي المملكة في غضون ساعات قليلة، وهي تصريحات مثلت إهانة قاسية وعلى وسائل إعلام عالمية للرياض وقيادتها السياسية، ورغم ذلك لم تلق تلك التصريحات التي تكررت في أكثر من خطاب رئاسي لترامب أي رد سعودي دبلوماسي رسمي كما هو الحال اليوم مع قراري مجلس الشيوخ على الرغم من أن أحد هذين القرارين لا يعني السعودية بل يعني أمريكا ومشاركة قواتها في الحرب على اليمن.
وبينما تعتبر الرياض هذا القرار تدخلاً في شؤونها الداخلية فهي في الوقت نفسه لا تعتبر تدخلها في اليمن تدخلاً في الشؤون الداخلية لدولة اليمن ذات السيادة بل إنها ببيانها الأخير تؤكد إنها تعتبر اليمن بحكومته الشرعية التي ترتديها كقفازات هي منطقة جغرافية ملحقة بالسعودية وأي تدخل دولي لوقف ما يحدث في هذه البقعة الجغرافية “اليمن” هو تدخل في شؤون السعودية الداخلية.
الجدير بالذكر إن ما ورد في بيان وزارة الخارجية السعودية لم يلقَ أي رد رسمي من قبل “حكومة الشرعية” التي يقيم معظم أعضائها في السعودية ودول أخرى على اعتبار أن ما صدر من خارجية الرياض يمس بالسيادة اليمنية ويمس بسيادة “الشرعية” ذاتها التي استعانت بالرياض وتحالفها لشن حرب بشعة طالت 4 أعوام لإعادتها للحكم دون فائدة، على عكس سلطة صنعاء التي رفضت تصريحات الرياض الرسمية ودانتها على لسان شخصيات سياسية ومسؤولين بارزين في مؤسسة الحكم بصنعاء.