آخر مستجدات الحديدة.. صنعاء تُدخل وحدات عسكرية متخصصة للمعركة
الحديدة – المساء برس| في الوقت الذي تداولت فيه بعض وسائل الإعلام الجديدة والناشئة مؤخراً لأخبار غير مؤكدة عن تقدم المسلحين الموالين للتحالف “الإمارات” واقترابهم من ميناء الحديدة الاستراتيجي، تفاجئ الشارع اليمني بقيام طائرات التحالف بقصف الميناء بغارتين جويتين اليوم الإثنين.
استهداف التحالف للميناء جاء بعد ساعات قليلة من تحذير شديد اللهجة لكل من الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واللذين حذرا من اقتراب التحالف من ميناء الحديدة وسيطرة المسلحين الموالين له على الميناء الذي يمثل آخر شريان لإمداد الشعب اليمني بالمعونات والمساعدات الإغاثية والغذائية اللازمة لإبقاء أكثر من 14 مليون شخص على قيد الحياة في ظل سيطرة الإمارات عسكرياً وتحكمها بالموانئ الأخرى في المدن الجنوبية لليمن.
الغارات الجوية على ميناء الحديدة تسببت بإصابة 3 مواطنين حسب مصادر محلية أفادت لـ”المساء برس”، وحسب المصادر أيضاً فإن المعارك بين من تبقى من المسلحين التابعين لطارق صالح والمسلحين الجنوبيين المتشددين من جهة وقوات حكومة الإنقاذ من جهة ثانية، هدأت خلال ساعات اليوم الأولى، إلا أنها عادت بشكل متقطع.
مصادر مطلعة وقريبة من قيادات تدير الوضع الميداني في الحديدة من الطرفين أكدت لـ”المساء برس” إن الاشتباكات قد تتجدد في أي وقت، خصوصاً بعد وصول تعزيزات كبيرة جداً، حسب وصفها، لقوات صنعاء والمسلحين القبليين الموالين لأنصار الله.
المصادر أكدت أن من بين التعزيزات الكبيرة التي وصلت لـ”الحوثيين” وحدات عسكرية متخصصة ونوعية تدخل خط المعركة في الحديدة لأول مرة، منذ تصعيد التحالف على الساحل الغربي، مرجحة أن تكون هذه الوحدات المتخصصة مهمتها تنفيذ عمليات نوعية وخاطفة، وأضافت المصادر: “ولا يستبعد أن تكون هذه الوحدات مكلفة بتنفيذ هجمات عسكرية بحرية قد تغير من مجريات الوضع العسكري وتؤدي إلى تغييرات استراتيجية على مستوى تداعيات الحرب في الحديدة على الإقليم بشكل كامل”.
قصف ميناء الحديدة رغم ما يمثله الميناء من أهمية استراتيجية للشعب اليمني ككل، دفع بكيانات وهيئات ومؤسسات رسمية في صنعاء لإدانة التحالف ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لوقف التصعيد العسكري المتزامن بالقصف الجوي للتحالف على المنشئات الحيوية الاقتصادية لليمن.
وكان القيادي في حركة أنصار الله محمد علي الحوثي قد أكد أن تعمد التحالف لقصف ميناء الحديدة يأتي “ضمن خطة أقرتها الولايات المتحدة الأمريكية”.
وقال الحوثي في تغريدات رصدها “المساء برس” على صفحته بتويتر، إن “الخطة التي قدمت للأمريكان تضمنت استهداف ميناء الحديدة وتدميره”، وأضاف “نحن نؤكد مجدداً ونحذر من استهداف الميناء فالميناء مدني ولا يوجد أي منفذ لتهريب السلاح إليه كون أي سفينة تدخل ميناء الحديدة تخضع للتفتيش من خلال آلية للأمم المتحدة وفوق ذلك تصحب بالعرقلة والتأخير من العدوان”.
واعتبر الحوثي إن تعمد التحالف قصف ميناء الحديدة رغم التحذير الذي أطلقه امين عام الأمم الأمتحدة يعتبر رسالة تحدٍ من التحالف و”دليل استهتار قيادته بالمجاعة والأزمة الإنسانية كما أنه عدم اعتراف بالدور الأممي الداعي للسلام”.
خارجية حكومة الإنقاذ بدورها دانت عبر مسؤول بالخارجية استهداف التحالف للميناء الاستراتيجي في اليمن بغارتين من طائرات التحالف، وقال المسؤول بالخارجية اليمنية إن “دول تحالف العدوان بقيادة السعودية تتجاهل الدعوات المطالبة بإيقاف التصعيد العسكري في الحديدة وتتجاوز الخطوط الحمراء بأقدامها على استهداف ميناء الحديدة”، لافتاً إلى أن التحالف سبق أن قصف ميناء الحديدة في أغسطس العام الماضي، ودمر محطة الحاويات والرافعات الجسرية والكرينات.
ودعت صنعاء مجلس الأمن الدولي إلى اعتماد قرار “يدعو إلى إنهاء الأعمال القتالية والتصعيد بمحافظة الحديدة، ووقف استهداف المدنيين والأعيان المدنية وخاصة المستشفيات ومخازن ومصانع الأغذية والموانئ وإنهاء الحصار والقيود المفروضة على دخول السلع، واتخاذ إجراءات لوقف الانهيار الاقتصادي الناجم عن العدوان والحصار المفروض على اليمن، واستئناف مشاورات السلام”، وهي الدعوة التي تأتي قبيل أيام من انعقاد جلسة مجلس الأمن في الـ16 من الشهر الجاري والتي من المتوقع أن تتقدم بريطانيا بمشروع قرار يصوت عليه المجلس لوقف الحرب في اليمن بشكل فوري.
وفيما كانت طائرات التحالف قد استهدفت الشهر الماضي مخازن الغذاء العالمي في محيط مدينة الحديدة، يبدو أن المتحدث باسم قوات التحالف تركي المالكي يسعى لتبرير أي غارات جوية للطيران في حال استهداف أي مخازن غذائية أو ناقلات برية تنقل المعونات الإغاثية التي تأتي عبر منظمات الأمم المتحدة، حيث قال المالكي في مؤتمر صحفي عقده اليوم في الرياض إن التحالف ألقى القبض على شحنات من الحشيش كانت معبأة داخل أكياس تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، وهو ما اعتبره مراقبون أنه مؤشر لتبرير استهداف أي منشئات أو مخازن أو ممرات لنقل الأغذية من الحديدة إلى باقي المحافظات بهذه الذريعة.
كما يرى مراقبون أن التحالف قد يخلق أي ذريعة، حتى وإن كانت ضد الأمم المتحدة ومنظماتها، لتبرير قصف ميناء الحديدة الذي تحذر تلك المنظمات من استهدافه أو اقتراب المعارك منه.
وبالعودة إلى الوضع الميداني أفادت مصادر عسكرية من كلا الطرفين إن الوضع الميداني هادئ اليوم الإثنين بعد أن توقف تقدم المعارك عند الكيلو 16 وبالقرب من مدينة 7 يوليو منذ ثلاثة أيام، حيث تواجه قوات التحالف مقاومة شديدة بمحيط مدينة 7 يوليو شرق الحديدة، وحسب المصادر فإن التعزيزات العسكرية التي وصلت لقوات صنعاء قلبت موازين القوى في أرض المعركة خصوصاً وأن قوات التحالف لم تعد متصلة مع بعضها بعد أن تمت محاصرتها في أكثر من منطقة على امتداد الشريط الساحلي من قبل قوات صنعاء.
وأشارت المصادر إن استمرار المعارك رغم ارتفاع أعداد القتلى في صفوف قوات التحالف سببه دفع التحالف بأعداد كبيرة من المقاتلين إلى الساحل بهدف تحقيق تقدم ميداني سريع وتلافي وقوع قواته في حصار يمنع من مواصلة المعارك.
كما أشارت المصادر العسكرية إن الهدوء في المواجهات بين الطرفين تزامن مع حركة نزوح كبيرة للسكان في المناطق الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة بعد أن كانت المعارك قد اقتربت إليها.
ويرى مراقبون أن هدوء المعارك في محيط مدينة الحديدة بالتزامن مع نزوح الساكنين من المناطق القريبة من الاشتباكات شرق وجنوب المدينة ينبئ بأن الوضع قد يعود للانفجار من جديد بعد خروج النازحين وأن التهدئة من قبل الطرفين تأتي فقط لإجلاء المواطنين المدنيين ومن ثم استئناف المواجهات التي قد تتطور من معارك برية إلى عمليات بحرية قد تقلب موازين القوى خلال الساعات القادمة، خاصة بعد دخول الوحدات العسكرية المتخصصة والنوعية التابعة لوزارة الدفاع بصنعاء على خط المعركة.