واخلجتاه.. تطبيع مع تل أبيب واستقواء بواشنطن
صلاح السقلدي – وما يسطرون – المساء برس| نعم.. واخجلتاه تعترينا نحن شعوب العُــرب قاطبة، من الشامِ لتطوانِ ومن نجدٍ الى يمن..، مما تفعله الأنظمة العربية- والخليجية بالذات -بالقضية الرئيسية للأمة “قضية فلسطين”،من سقوط وهرولة الى الحضن الصهيوني وتطبيع مجاني مشين، يتم اليوم بشكل محموم وفاضح ,وكأن هذه الأنظمة كانت تنتظر بلهفة قرار الرئيس الأمريكي ترامب بنقل سفارته الى القدس وباعترافه بالقدس الموحدة عاصمة لدولة اسرائيل لتسارع″ الأنظمة العربية” الى ارسال الدعوات الى قادة اسرائيل لتفرش لها السجّاد الأحمر،على مطاراتها وفنادقها، بل وحتى مساجدها، ويتهافت المسؤولون الخليجيون الى التقاط الصور مع ضيوفهم الصهاينة بشكل يبعث عن التقزز والقرف، في وقت ما تزال فيه قضية فلسطين تراوح مكانها من التغييب والتعسف والبطش، بل وتحدق بها اليوم المؤامرات من كل الجهات أكثر من أي وقت مضى وبمباركة عربية .
كنتُ -ومع الملايين من بسطاء الأمة العربية والإسلامية- قد شبكتُ عشري على رأسي مذهولاً فور سماع خبر استقبال سلطان سلطنة عمان” قابوس بن سعيد” لرئيس وزراء اسرائيل “بنيامين ناتنياهو” الخِصم المتطرف للعرب وللفلسطينيين في العاصمة ” مسقط”.. ولكن ما هي إلّا بضعة أيام حتى صعقني تيار الدهشة بقوة مرة أخرى جرّاء سماع خبر الاستقبال الحافل الذي حُظيتْ به في دولة الإمارات العربية المتحدة الوزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية “ميري ريغيف” المعروف عنها تشددها الهستيري ضد كل ما هو عربي ومسلم، الى درجة وصفتْ فيه قبل شهور صوت الاذان بمساجد القدس بــــ” نباح كلاب محمد”، في خضم مساعيها لفرض قانون إسرائيلي لمنع الاذان بمساجد المدينة “القدس”.!
ومن مفارقات هذا الزمن الساخر أن تتجول اليوم هذه الوزيرة بواحدٍ من أكبر وأهم المساجد العربية ” مسجد الشيخ زايد بأبوظبي”.. يحُــفّها من يمنيها وشمالها ثُــلة من وزراء ومسئولين إماراتيين كُــثر..وهي الوزيرة التي لم تسن بعد أن فرغت من زيارتها أن تعلن لمضيفيها الكرام أن زيارتها تمثّلُ رسالة تقارب بين الأديان. وأن رسالة المساجد- الذي نعتته ذات يوم بأنها تردد نباح كلاب محمد- هي رسالة الأخوة والسلام.
ومن نافلة التذكير، ونحن نستمع لهذه الوزيرة التي تتحدث عن ميزة تقارب الأديان أن نعيد الى الأذهان خبر أن اسرائيل قد أقرّتْ قبل ثلاثة أشهر قانون القومية اليهودية.
وثالثة الأثافي الخليجية التي سقطت على رأس القضية الفلسطينية كانت صخرة قَــطَـرية لا تقل وزناً وألماً عن سابقتيها، حين استقبلت الدوحة وفدا رياضيا اسرائيليا” منتخب الجمباز ” الذي حظي هو الآخر باستقبال حافل عند وصوله إلى الدوحة للمشاركة في بطولة العالم للجمباز.. ليعزف فيها النشيد الوطني الإسرائيلي ،على رؤوس الأشهاد(وعلى عينك يا قدس).
الطريف بالأمر أن تبرر هذه الأنظمة خطواتها التطبيعية المخزية هذه مع دولة ما تزال تحتل المسجد الأقصى وأراض عربية شاسعة في فلسطين والجولان ولبنان، بأنها خطوات تعّـبر عن رغبة هذه الأنظمة بإشاعة روح السلام والاستقرار والتعايش بين شعوب المنطقة. وهي في الأصل أنظمة تشيع الشقاق بين شعوبها من الخليج الى المحيط…فالسلطات الحاكمة في قطر التي شاركت بتمدير سوريا وليبيا، تبرر فعلتها التطبيعية برغبتها بالسلام والتعايش.. وهذه الإمارات التي تحاصر قطر وترفض توقيف الحرب باليمن تحدثنا اليوم عن فضيلة السلام والمحبة… والسعودية التي تتطبع هي الأخرى على ناري هادئة تتحدث هي الأخرى عن روح الجسد العربي والاسلامي الوحد، وهي التي تنشر الحرائق بكل الأرجاء، من شمال الشمال الى جنوب اليمن, الى ضفة الخليج الشرقية، مرورا بارض الرافدين التي سلمتها بكل سخاء ذات يوم لجنازير دبابات ابرامز ،و تشالينجر.
فكل هذا السقوط والتدحرج العربي لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بشيء اسمه سلام ومحبة من أنظمة غارقة ببحر الضغائن وبخضم الأحقاد، بل الأمر محاولة للتزلف لحاكم البيت الأبيض أكثر وأكثر، لتحوز – الانظمة خليجية-على رضائه وتخطب وده، في ذروة صراعها وتآمرها على بعضها بعض, واستقواءها كل واحد منها ضد الآخر بالعصاء والجزرة الأمريكية … فهذه الأنظمة تعرف جيدا- أو هكذا يخال لها- أن المرور من بوابة تل أبيب هي أقصر الطرق للوصول الى قلب وعقل حاكم البيت الأبيض ولوبي بين صهيون هناك.
*خاتمة شعرية قبانية:
(( أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ؟
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ…
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا،
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ…
وبين نُهور اللبنْ…
وحين أفقتُ…اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا…
ولا سمكٌ في مياهِ الفُرات…
ولا قهوةٌ في عَدَنْ.)).
*صحافي من اليمن –عدن-.
المصدر: مقال منشور في جريدة رأي اليوم