موقف صنعاء من مبادرة وزير الدفاع الأمريكي: “أبعد من عين الشمس”
صنعاء – المساء برس| المكان: العاصمة البحرينية المنامة، الزمان: السبت الماضي، الحدث: إعلان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس عن صيغة للتسوية في اليمن من محورين الأول الحدود الخالية من الأسلحة والجيش والثاني نزع الأسلحة الثقيلة والصواريخ من اليمن ككل.
صيغة التسوية التي طرحها ماتيس في مؤتمر “حوار المنامة” الأمني تضمنت حسب قول ماتيس: “يجب أن تكون الحدود خالية من الأسلحة”، وأنه “يجب ألا يكون هناك شيء أكثر من الجمارك وشرطة الحدود” وعن الشق الآخر من تسوية ماتيس يقول الرجل: “نزع الأسلحة الثقيلة لا حاجة للصواريخ في أي مكان من اليمن لا أحد سيغزو اليمن”، ثم يعود ويقول “بعد ذلك نعود إلى اقتراح الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، الحكومة التي تعطي الأوطان التقليدية للناس الأصليين حيث يكون الحوثيون في مناطقهم، ويحظون ببعض المقدار من الحكم الذاتي … لا يحتاجون إلى مساعدة من إيران”.
تصريحات وزير الدفاع الأمريكي هذه التي لم يرد عليها نائب الرئيس هادي المنتهية ولايته اللواء علي محسن الأحمر الذي كان حاضراً في هذا المؤتمر، رد عليها الحوثيون في اليوم ذاته.. كيف؟.
في الوقت الذي كان من المقرر فيه أن يتم الإعلان عن تدشين التصنيع العسكري اليمني بحكومة صنعاء مرحلة إنتاج الصواريخ الباليستية الذكية في يوم الأحد، وهو اليوم التالي لمؤتمر المنامة، استبقوا هذا الإعلان بالكشف عن الصاروخ (بدر1 – P) الذكي يوم السبت نفسه وكشفوا عن بعض تفاصيله وعن التجارب الميدانية الحية التي تم تجربة الصاروخ فيها.
كان اختيار وزارة دفاع صنعاء ليوم السبت للكشف عن إنتاج صاروخ باليستي ذكي رسالة رد قوية على ما طرحه وزير الدفاع الأمريكي في المنامة، بل إنها توعدت في اليوم ذاته عبر بيان رسمي “بالكشف عن منظومات صاروخية أخرى قريباً”.
الخارجية اليمنية في صنعاء بدورها ردت على تصريحات ماتيس، حيث أعلن وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ هشام شرف عن أن تصريحات وزير الحرب الأمريكية جيمس ماتيس الأخيرة حول منح جزء من اليمنيين إقليماً مستقبلاً هي تصريحات تخصه هو.
وأشار شرف في تصريح لقناة “المسيرة” الناطقة باسم أنصار الله اليوم الثلاثاء، إن اليمن “بلد ذو سيادة ولسنا ممن يعطى له الأوامر ولن نقبل بانتقاص سيادة البلد”، لافتاً إلى أن “اليمنيين يدافعون عن بلدهم ولا يقبلون بما يضر سيادتهم وملف الصواريخ يخص اليمن وتأمينه، ولم نعتدِ على أحد قبل العدوان وتصريح ماتيس في قضية سياسية يؤكد أن واشنطن تنظر لليمن من جانب عسكري”.
وكما كانت رسالة وزارة الدفاع بصنعاء للرد على جيمس ماتيس، توالت الردود من قيادات بارزة في جماعة أنصار الله والتي كان منها نائب رئيس الوفد المفاوض عن صنعاء عبدالملك العجري والذي غرد على صفحته بتويتر إن حديث ماتيس عن مناطق حكم ذاتي يكشف عن “نواياهم التفتيتية، مؤكداً أن ما قاله ماتيس مرفوض “من كل القوى الوطنية ولا تمثل رؤية أنصار الله أو غيرهم.
وقال العجري في تغريدة رصدها “المساء برس” بصفحته على تويتر: “حديث ماتيس عن إمكانية حصول من أسماهم الحوثيين على منطقة حكم ذاتي، كما لو أن أنصار الله يمثلون قومية عرقية أو أن اليمن بلد إثني متعدد العرقيات أو أن الصراع في اليمن اجتماعي وليس سياسي، ونسي أن اليمن بلد واحد متجانس ثقافيا وأنصار الله مكون وطني والصراع سياسي”.
وأضاف في تغريدة أخرى أن جماعة أنصار الله هم “تيار وطني يتواجد في معظم مناطق اليمن في صعدة وحجة وذمار وتعز البيضاء واب والحديدة والمحويت وغيرها، حديث ماتيس عن مناطق حكم ذاتي يكشف عن نواياهم التفتيتية وهي مرفوضة من كل القوى الوطنية ولا تمثل رؤية انصار الله ولا غيرهم من القوى السياسية”.
بدوره علق رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، أن أساس المشكلة التي تسببت بتدخل السعودية والإمارات عسكرياً في 2015 هو “نهاية اتفاق التمديد باكتمال العام ومحاولة دول المبادرة (الخليجية) سباق نهايته (أي نهاية فترة العام الذي تم تمديده لهادي) بالعدوان والحل العسكري لعرقلة اتفاق موفمبيك البديل”، مضيفاً إن التبرير الذي طرحه ماتيس بشأن الحدود ونزع السلاح غير صحيح كونه جاء بفعل القصف، قائلاً: “مبررهم حالياً عن تواجد عسكري خارج حدود اليمن غير صحيح فهو نتيجة للقصف مع عدمه قبل مهلة 40 يوماً”.
ويرى مراقبون أن دولة مثل اليمن تتميز بموقعها الاستراتيجي ومجاورة لدول تناصب لها العداء منذ عشرات السنين وأمنها القومي والإقليمي معرض للخطر في أي وقت، لا يمكن لها أن تبقى بدون سلاح أو أن تخضع لإملاءات واشنطن العسكرية التي تريد رسم مستقبل اليمن كما تراه هي لا كما يراه اليمنيون ومصلحتهم القومية، وأن يقبل الحوثيون وحلفاءهم بما طرحه ماتيس أو يسعى للترويج له يبدو وكأنه “أبعد من عين الشمس”، حتى وإن وجدت واشنطن من يمرر لها مخططها في اليمن كاللواء علي محسن الأحمر الذي يلتقي بين الفينة والأخرى بقائد القوات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط ليتلقى منه التوجيهات العسكرية والأمنية ليذهب لتنفيذها وكأنها الوصي الأمني والعسكري على اليمن.