تقرير: هل تستثمر الأطراف السياسية باليمن أزمة الرياض كما فعل الحوثيون
صنعاء – المساء برس| مثلّت زيارة رئيس وفد حكومة صنعاء المفاوض والمتحدث باسم جماعة “أنصار الله” محمد عبدالسلام إلى روسيا، كسراً لجمود العلاقات بين صنعاء وموسكو، وأحدثت اختراقاً دبلوماسياً إيجابياً حققه أنصار الله مستغلين بذلك انشغال الرياض بمواجهة أزمة تصفية الصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في اسطنبول.
-
صنعاء تستثمر أزمة الرياض لتحقيق اختراق دبلوماسي مع موسكو
استقبال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف للمتحدث باسم أنصار الله في مقر وزارة الخارجية الروسية بموسكو بعد الترتيب لزيارة رسمية بين خارجيتي صنعاء وموسكو، مثّل خطوة إيجابية وذكية من أنصار الله وسلطات صنعاء كما يراها البعض، إذ توحي مؤشرات الزيارة إلى أنها قد تقود إلى نتائج إيجابية وملموسة على صعيد الأزمة في اليمن والحرب التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي منذ مارس 2015، فأزمة مقتل خاشقجي يراها مراقبون أنها ستنعكس تأثيراتها على اليمن فالسعودية بعد أزمة خاشقجي لن تعود كما كانت قبلها خاصة في الإقليم.
انعكاس أزمة خاشقجي على اليمن، يبدو أن الحوثيين أدركوه مبكراً، فسارعوا إلى ترتيب أوراقهم الدبلوماسية، وبالمثل أيضاً رأت موسكو في هذه الخطوة من الحوثيين مؤشراً على أنهم يَخبِرون دهاليز التعامل مع المستجدات الإقليمية واستغلال الفرص لتحقيق مكاسب سياسية لصالحهم، وهو ما دفع بموسكو إلى فتح أبوابها أمام صنعاء بشكل رسمي، بعد أن كانت قد أقفلتها بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث أقفلت سفارتها في صنعاء وأوفدت “بوغدانوف” نفسه إلى الإمارات لتعزية أحمد علي في مقتل والده وسهلت لحكومة هادي عمليات طباعة العملة المحلية التي أدت بالاقتصاد اليمني إلى تسارع الانهيار وهوت بقيمة العملة المحلية.
وبالتالي فإن تمكن الحوثيين من إعادة العلاقات مع موسكو رسمياً قد يؤثر وينعكس على مواقف موسكو في مجلس الأمن تجاه الحرب في اليمن وأيضاً قد يدفعها إلى وقف عمليات طباعة العملة التي تقوم بها “الشرعية”.
-
أزمة خاشقجي فرصة ذهبية للأطراف اليمنية
ويرى البعض أن أزمة الرياض تمثل فرصة ذهبية للأطراف السياسية اليمنية، للبحث عن نقاط التقاء تجمعهم واتفاقات على خطوط رئيسية تنهي مشروعية الحرب التي تقودها السعودية والإمارات ضد اليمن، بعيداً عن التأثير الخليجي وخصوصاً الرياض المنشغلة حالياً بلملمة أوراق فضيحة تصفية خاشقجي.
استغلال الأطراف السياسية خصوصاً حزب الإصلاح وجماعة أنصار الله وحزب المؤتمر وحزبي الاشتراكي والناصري والحراك الجنوبي ممثلاً بتيار حسن باعوم، للأزمة السعودية، يعتقد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي سامي عطا بأنه “أمر ربما قد يحدث”، لافتاً إلى أن ذلك مرهون بالأطراف الموالية للتحالف “إذا ما وصلت إلى هذه القناعة أولاً”.
-
ماذا عن الأطراف الموالية للرياض؟
ويرى عطا، في حديث لـ”المساء برس” إن الأطراف السياسية الموالية للرياض وأبوظبي لن تصل إلى قناعة البحث عن حل ينهي الحرب في اليمن بعيداً عن التدخل الخليجي “إلا إذا أحس أمراء الحرب فيها بأنها لم تعد مربحة وتوقفت أو جفت أموال المملكة الممنوحة لهم”.
وفي الوقت ذاته يبدي الصحفي “عطا” تشاؤماً نسبياً من أن الأطراف السياسية الداخلية الموالية للتحالف يمكنها الاقتناع والجلوس للحوار “فهي فقدت تأثيرها وشعبيتها انهارت مع أنصارها ولهذا فإن أي حل قد يصلوا له هو حل الخروج من المشهد السياسي والاكتفاء باستثمارهم لها”، مضيفاً إنه وبسبب ضعف القوى السياسية الموالية للتحالف فإنها باتت تنتظر قرار التحالف، بينما هذا الأخير “أصبح أمام معضلة ميدانية قانونية كبيرة، فعودة الوصاية باتت مستحيلة وتجزئة اليمن أيضاً مستحيلة ولا تلبي مصالح الخليجيين أساساً، نحن أمام حالة تشبه لعبة شطرنج وصلت إلى طريق مسدود وهي هزيمة للعدوان بكل المقاييس لأن الانتصار في المعارك العسكرية يكون انتصاراً للأهداف المعلنة”، في إشارة منه إلى الأهداف التي أعلنها التحالف وشرعن من خلالها تدخله العسكري في اليمن (إعادة هادي وسلطته إلى الحكم) وهو أمر لا يبدو أن السعودية أو الإمارات تريد له أن يحدث قبل أن تحقق الدولتان أهدافهما غير المعلنة، أقل هذه الأهداف هو تعويض خسارتها المالية في اليمن.
-
فرصة للسعودية للخروج من مستنقع اليمن
وعلى عكس الرأي السابق، يرى الكاتب في الشأن السياسي صلاح السقلدي أن استغلال فرصة أزمة الرياض، يجب أن تبادر به السعودية والإمارات نفسهما أكثر من الأطراف السياسية اليمنية الموالية لها.
ولم يستبعد السقلدي والذي تحدث لـ”المساء برس” في هذا الخصوص “أن تلقي هذه القضية – مقتل خاشقجي – بانعكاساتها الإيجابية على المشهد اليمني وتشكل دافعاً وعامل ضغط لـ/وعلى السعودية والإمارات، لوقف الحرب باليمن، والشروع بتسوية سياسية شاملة أو بالأحرى يجب أن تفكر الرياض وأبوظبي بهكذا توجه إن أرادتا عدم الانغماس أكثر بالمستنقع اليمني، خصوصا أن المجتمع الدولي يأخذ عليها مآخذ خطيرة بمجال حقوق الانسان باليمن والانتهاكات التي ترصدها التقارير الدولية ضدهما بهذا الشأن مما قد يعني في حال استمرار هذه الحرب أن تضاف انتهاكات جديدة وتسجل على إثرها تقارير ادانة تراكمية ضد البلدين – السعودية والإمارات – فوق ما تعانيه الرياض من ضغوطات وإدانات على خلفية جريمة خاشقجي”.
-
استغلال صنعاء لهذه الفرصة.. نصراً صريحاً
وبالنسبة لموقف الأطراف اليمنية الموالية للتحالف، يضيف السقلدي إن ما تقرره الإمارات والسعودية لن يجد أي معارضة من الأطراف اليمنية الموالية لها، مضيفاً: “أما الطرف الآخر المتمثل بالحوثيين والمؤتمر الشعبي العام – مؤتمر صنعاء – فلا أعتقد أن لديهما مانعاً من انتهاز فرصة كهذه لوقف الحرب باعتبارهم الطرف المتضرر والأضعف سياسياً وتسليحاً ومالاً فوق ما يعانيه من حصار خانق، والذي سيعني له وقف الحرب بهذه الصورة نصراً صريحاً، ولو معنوياً”.
-
فرصة.. لكنها أمام طرف يفتقد قراره السياسي
ويوافق السقلدي في رأيه، السياسي اليمني الجنوبي والموالي لأنصار الله أحمد العليي – منسق الجبهة الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال، والذي يجزم بعدم اعتقاده إمكانية استثمار اليمنيين كل ما جرى في السعودية “لسبب بسيط هو أن القوى التي ارتبطت بدول تحالف العدوان على اليمن فاقدة لقرارها السياسية والعسكري معاً، وأصبحت غير مدركة لما تريد، عدا أنها صارت مجرد مشرعنة للعدوان فقط”، مشيراً إلى أن أهداف دول التحالف تحولت من محلية إلى إقليمية تخدم احتياجات دول التحالف ليس إلا، حسب تعبيره.
-
لن يخرج الحل عن إطار الأمم المتحدة
رأي ثالث يتبناه الناشط في الشأن المدني والحقوقي هارون المذحجي والذي استبعد أن يخرج الحل في اليمن عن إطار الأمم المتحدة ومفاوضات السلام التي تقودها كون “الأمم المتحدة والدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن هي الحامل لهذه التسوية والراعي لها ولا أعلم إن كان ممكناً أن تجتمع الأطراف اليمنية الشرعية والحوثيين على طاولة واحدة بدون تسهيل وتيسير الأمم المتحدة”.
كما أشار المذحجي إلى محور آخر في موضوع الحل السياسي اليمني بعيداً عن التأثير الخليجي، قائلاً “ما يتعلق بالاضطرابات السعودية فلا أعتقد أنها تؤثر بشكل كبير على الأزمة في اليمن فما يحدث في الرياض هي أزمة بينها وبين تركيا في إطار الحرب الباردة بين محور إيران وروسيا ومحور الولايات المتحدة وحلفائها”.
واختتم المذحجي حديثه بالقول إن “المشكلة اليمنية ستظل بين الأطراف اليمنية وكل طرف يستند الى قوى اقليمية ودولية، والاهم من كل ذلك ان الحلول في اليمن سياسية باجماع دولي والحرب تأتي ليصل جميع الاطراف الى تسوية سياسية وخارطة طريق يقبل بها الجميع، الحوثيين والأطراف الأخرى للوصول إلى حكومة واحدة بدلاً من حكومتين وجيش واحد بدل عدة جيوش وميليشيات، ولهذا فالحلول يجب ان تمر بمرحلة انتقالية ومحاصصة سياسية عنوانها اتفاق الاطراف اليمنية برعاية ومساعدة دولية وفقا للمحاور السابقة”.