تعز خارطة جديدة.. عودة الإصلاح وخروج حلفاء أبوظبي
تقرير خاص – المساء برس| بدأ التوتر السياسي يعود من جديد إلى محافظة تعز منذ مخاطبة المحافظ الموالي للشرعية أمين محمود لقائد محور تعز المحسوب على حزب الإصلاح اللواء خالد فاضل متهماً إياه باختلاس مبلغ 3 مليارات ريال من مخصصات اللجنة الطبية المعنية بمعالجة جرحى تعز.
محمود اعتبر أن قائد محور تعز يماطل ويسوف في تنفيذ توجيهاته بشأن فتح مقر اللجنة الطبية، وكذا في تحمل المسؤولية تجاه متابعة مخصصات الجرحى، كما كشفت رسالة المحافظ عن قيام قائد المحور بالتصرف بمبلغ 200 مليون ريال كانت في عهدته دون علم السلطة المحلية، مطالباً إياه بأكثر من مناسبة بتوضيح أوجه صرف المبلغ وتصفية العهدة بطريقة واضحة وشفافة، حسب ما ورد في الرسالة.
كما أمهل المحافظ قائد المحور مدة أسبوع لموافاته بوثائق صرف مبلغ الثلاثة مليارات ريال، مهدداً بتشكيل لجنة للتحقيق والمحاسبة عن كافة المبالغ السابقة واللاحقة في حال لم ينفذ خالد فاضل ما طُلب منه.
أعقب ذلك تعرض منزل المحافظ بحي المجلية لإطلاق نار ومحاصرته من قبل عسكريين يتبعون اللجنة الرئاسية حسب ما أشيع، وهو ما فُهم على أنها رسالة مقصودة تبناها حزب الإصلاح ضد المحافظ الذي يصعّد سياسياً ضد القيادات العسكرية الموالية للحزب على رأسها قائد المحور خالد فاضل ورئاسة اللجنة الرئاسية المحسوبة هي الأخرى على الإصلاح والتي يرأسها العميد عبده فرحان المعروف باسم “سالم”.
وتطور الأمر لأن يصل بالمحافظ إلى إصدار توجيهات بإنهاء عمل اللجنة الرئاسية في تعز، حيث وجه محمود رسالة شكر للجنة لما قدمته الفترة الماضية، معلناً أنها أنهت مهمتها التي كُلفت بها، غير أن اللجنة رفضت توجيها المحافظ وظهر رئيسها في قناة يمن شباب التابعة للإصلاح ليقول إن اللجنة باقية في استكمال مهامها وأنه تم تشكيلها بقرار عملياتي من القائد الأعلى للقوات المسلحة “هادي” وأنه لا يُلغي عملها إلا أمر من نفس الجهة العملياتية.
وكان الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي قد شكل في أغسطس الماضي لجنة عسكرية برئاسة مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان وعدنان رزيق وهو قيادي سلفي متهم بالتورط مع تنظيم القاعدة وقاتل إلى جانب مسلحي التحالف بتعز وحصل على رتبة عميد، وكانت مهمة اللجنة تطبيق وقف إطلاق النار بين الفصائل المسلحة الموالية للتحالف والشرعية في تعز والمنقسمة في تحالفاتها وتمويلها بين كل من قطر وتركيا عبر حزب الإصلاح، والسعودية والإمارات عبر القيادي السلفي عادل عبده فارع المعروف باسم “أبو العباس” والمدعوم من الإمارات هو والمسلحين التابعين له.
واتُهم حزب الإصلاح باستخدام اللجنة الرئاسية لمواجهة خصومه في المدينة، هذا بالإضافة إلى سيطرته على معظم أحياء المدينة ومرافقها الحكومية واستلام ما كانت جماعة أبو العباس تسيطر عليه من مدارس ومنشئات وأحياء داخل المدينة، حيث يرى مواطنون أن الإصلاح سيطر على المدينة وواجه خصومه مستخدماً هذه اللجنة.
قيادة محور تعز طالبت المحافظ رسمياً بالاعتذار عما بدر منه من اتهام لقائد المحور باختلاس 3 مليارات ريال، مشيرة في بيان صحفي أن “قيادة المحور محتفظة بحقها في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد التهمة والتشويه المتعمد في حقها”.
موقع “الصباح اليمني” كشف في تقرير موسع عن انعقاد اجتماع لقيادات إصلاحية عسكرية مساء الإثنين الماضي في منزل العميد عبده فرحان، وحسب “المصادر الموثوقة” التي أفادت للموقع الإخباري فإن الاجتماع كُرس للإعداد لخطة تهدف لنفي محافظ تعز الحالي، كما حدث مع المحافظ السابق علي المعمري.
وعلى وقع التطورات عاد العميد صادق سرحان قائد اللواء 22 ميكا المحسوب على الإصلاح أيضاً والذي غادر اليمن منذ عدة أشهر لظروف غامضة قيل حينها أنه غادر للعلاج.
بالتزامن مع عودة سرحان ظهر شقيقه عبدالقوي سرحان مدير فرع جهاز الأمن السياسي بتعز مصطفاً إلى جانب حزب الإصلاح وتصعيده ضد المحافظ، وكتب سرحان على صفحته بالفيس بوك يوم أمس الأربعاء منشوراً يوجه فيه رسالة غير مباشرة للمحافظ محمود ويلوح له بمغادرة المحافظة والرحيل، حيث كتب: “ارحل اروع كلمة قالها الشعب لعفاش لوكان تجاوب عفاش لكان صان نفسه واسرته وامواله وممتلكاته لكنه رفض وأصر علي الرفض واخذته العزة بالاثم فانتهي علي النحو المعروف”، وقال في منشور آخر: “علي نفسها جنت براقش قال له الشعب ارحل ياااااعلي بسلام مع كل مااخذته سنة وزيادة والشعب يطلب منه الرحيل ولو كان رحل لكان افلح لكنه قال سأهدم المعبد عليا وعلي اعدائي”.
وفيما يبدو أنه إعلان رسمي من حزب الإصلاح لشن حرب على المحافظ، دعا يوم أمس أنصاره إلى الخروج في مظاهرة للمطالبة باستمرار عمل اللجنة العسكرية في المحافظة، وبالفعل خرج الإصلاح للتظاهر اليوم الخميس في شوارع مدينة تعز، وفيما حملت التظاهرة شعار “من أجل التحرير والأمن” إلا أنها كانت موجهة ضد المحافظ الذي وصفه المتظاهرون بأنه يعيق عملية تحرير المحافظة من سيطرة قوات صنعاء.
تقلص نفوذ جماعة أبو العباس والموالين للإمارات في تعز أتى على حساب عودة هيمنة حزب الإصلاح على المدينة من الناحيتين العسكرية الأمنية، والسياسية، وهو ما يعني أن المحافظ أمين محمود لم يعد أمامه سوى خيارين إما اللحاق بمصير سلفه علي المعمري أو الرضوخ والتسليم لحزب الإصلاح صاحب السلطة الفعلية في مناطق تعز الخاضة لسيطرة التحالف، وفي كلا الحالتين فإن لسان الحال يقول بأن تعز تشهد حالياً تشكل خارطة سياسية جديدة ملامحها الرئيسية هي عودة الإصلاح إلى تعز وخروج حلفاء الإمارات من المشهد، هذا السيناريو يراه مراقبون أنه يتوافق مع الأطراف السياسية في صنعاء والتي ترى في حزب الإصلاح خصماً يمكن التفاهم والاتفاق معه فيما لو تخلى عن التبعية لأي إملاءات خارجية بينما بقاء مدينة تعز بيد الجماعات السلفية والمتطرفة وعناصر تنظيم القاعدة دون قيادة واحدة أمر يصعب معه التعامل كون كل جماعة تتلقى إملاءاتها وتمويلها من أكثر من جهة خارجية وجميعها تستظل تحت عناوين “الشرعية والمقاومة”.