قبل ساعات من صدور تقرير الخبراء الأممين.. واشنطن تورّط الرياض
المساء برس – تقرير خاص| لم تكن المعلومات التي نشرتها شبكة (سي إن إن) التلفزيونية الأمريكية في ساعة متأخرة مساء أمس الإثنين، مصادفة، إذ كان التوقيت الذي اختارته واشنطن لنشر تلك المعلومات دقيقاً جداً ومقصوداً به إخراج واشنطن من اللوم والحرج أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل قبل أن يصدر تقرير الخبراء الأمميين المحققين في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن والذي أدان بشكل رئيسي دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات لارتكابهما هجمات في اليمن ترقى لجرائم حرب، وهو ما يقود إلى توجيه نفس الاتهام أيضاً للولايات المتحدة أبرز حليف لكل من الرياض وأبوظبي وأكثر دولة تقدم الأسلحة والذخائر للتحالف لارتكاب ما يرتكبه في اليمن من جرائم ضد الإنسانية.
وكانت مصادر أمريكية من البنتاغون قد كشفت لـ(سي إن إن)، أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد وجهت تحذيرا للملكة العربية السعودية، بأنها مستعدة لخفض الدعم العسكري والاستخباراتي، لحملتها ضد الحوثيين في اليمن، إذا لم يُظهر السعوديون أنهم يحاولون تقليل عدد القتلى المدنيين نتيجة الغارات، وقالت الشبكة التلفزيونية إن هذه التصريحات تأتي “بعد غارة على حافلة مدرسة أسفرت عن مقتل 40 طفلا في أوائل أغسط الحالي”.
إذاً وبحسب مراقبين فإن المعلومات التي نشرتها الـ(سي إن إن) كانت مقصودة وهدفها إخراج واشنطن من دائرة الاتهام بالتواطؤ في جرائم الحرب في اليمن، وهو ما تأكد بالفعل بعد صدور التقرير التابع لفريق الأمم المتحدة، في حين كانت التوقعات يوم أمس تشير إلى أن تصريحات المسؤولين في البنتاغون لقناة (السي إن إن) بشأن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الدفاع الأمريكية بعد المجازر الأخيرة التي ارتكبها التحالف في اليمن خصوصاً مجزرة أطفال ضحيان بصعدة ومجزرة الدريهمي ومدينة الحديدة بالساحل الغربي لليمن والتي قتلت عشرات الأطفال وجرحت ضعفهم، كانت تشير إلى أن تلك التصريحات تأتي في سياق الابتزاز الذي تمارسه واشنطن ضد دول التحالف منذ صعود الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب للحكم والذي حقق أكثر الاستفادة لواشنطن أكثر من خلفه باراك أوباما، من خلال جنيه للأموال الخليجية لقاء إبقائه لمساعدة واشنطن لكل من الرياض وأبوظبي في حربهما ضد اليمن، حيث وكما جرت العادة فإن كل هجوم أمريكي ضد دول التحالف يعقبه عقد صفقة بيع أسلحة بين واشنطن والرياض كثمن لخفض التصعيد الأمريكي ضد التحالف عبر استغلال ورقة “حقوق الإنسان وانتهاكات بحق المدنيين”، لكن وبعد صدور تقرير الأمم المتحدة تبين أن واشنطن كانت على علم بمحتوى التقرير وكانت، من خلال تصريحات مسؤولي البنتاغون لـ(سي إن إن) وما أعقبها من تصريحات لوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في مؤتمر صحفي اليوم الثالثاء، تسعى لتحقيق هدف وخطوة استباقية لإخراج نفسها من دائرة الاتهام قبل نشر التقرير الأممي الذي يدين حلفاءها في الخليج وبالتالي يدينها هي خصوصاً وأنها أكبر الحلفاء للخليج ومعظم الأسلحة التي تستخدم لقتل اليمنيين هي أسلحة وذخائر أمريكية.
ويرى العديد من المراقبين الحقوقيين داخل اليمن وخارجه أن التصريحات الأمريكية الصادرة من البنتاغون ليست أكثر من مجرد مسرحية هزلية وساذجة، حسب وصف البعض، بالنظر إلى طبيعة التصريحات التي يراها حقوقيون أنها استخفاف بعقول المتابعين لما يحدث في اليمن وعن دور واشنطن في ذلك.
هذه التصريحات كان آخرها ما قاله جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي والذي قال بأن بلاده تراجع بشكل مستمر دعمها للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، مضيفاً بالقول: “نحن نواصل مراجعة دعمنا، وأرسلنا جنرالا إلى الرياض عقب ما حدث في أوائل أغسطس للتعبير عن قلقنا والمطالبة بتحقيق شامل وعاجل، وسنواصل فعل كل ما يمكننا لوضع حد لهذه المأساة”.
ماتيس قال أيضاً إن الولايات المتحدة لا تشارك بشكل مباشر في الحرب باليمن، وقال: “نحن لا نشارك في الحرب نفسها ولكن نركز على هزيمة داعش والقاعدة في الجزيرة العربية، هذا هو ما نفعله عندما نقوم بعمليات هناك”.
وقال ماتيس، في مؤتمر صحفي: “نحن ندعم حق شريكتنا السعودية في الدفاع عن نفسها”، وأضاف أن “الولايات المتحدة تعمل مع التحالف العربي لمعرفة ما حدث من أخطاء في الغارات ومنع تكراراها، مؤكدا أن الهدف هو تخفيف حدة المأساة ونقلها إلى مائدة مفاوضات الأمم المتحدة”، هذه التصريحات وصفها مراقبون، منهم موالون لحكومة “الشرعية” الموالية للرياض، أنها أسلوب رخيص من واشنطن تمارسه ضد حلفائها حين تشعر أنها قد تدخل في دائرة الاتهام من المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية كي ترمي بالتهمة على أدواتها في الخليج وهي الرياض وأبوظبي الذين تستخدمهم لتحقيق أهدافها في اليمن.