تحقيق كندي يكشف وقوف رئاسة الشرعية خلف انهيار العملة ويكشف فساد النفط بالجنوب
المساء برس – متابعات خاصة| كشف تحقيق صحفي حديث لوكالة “ديبريفر” للأنباء عن صفقات فساد ضخمة، تقف وراء استمرار تفاقم الأوضاع المعيشية في اليمن وإسهامها المباشر في انهيار سعر العملة المحلية مقابل العملات الأخرى.
وأكد التحقيق وجود ارتباط مصالح بين قوى نافذة في الرئاسة والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وأحد رجال الأعمال اليمنيين أنتج ولا يزال صفقات فساد تسببت في استمرار تدهور الأوضاع المعيشية، والاقتصاد اليمني سيما في جنوبي البلاد.
وأشار التحقيق إلى أن صفقات الفساد هذه تكمن في مجال المشتقات النفطية وحصر استيرادها على شركة وحيدة تابعة لرجل الأعمال أحمد العيسي بدعم وتواطؤ من لوبي فساد في الرئاسة اليمنية يتزعمه “جلال” نجل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والمرتبط بعلاقات وطيدة وشراكات تجارية مع العيسي.
وجاء تحقيق “ديبريفر” في وقت تصاعدت فيه خلال الآونة الأخيرة، حالة الغليان والسخط الشعبي في مدينة عدن جنوبي اليمن، بسبب المعاناة اليومية التي يتجرعها السكان، وسط تدهور أمني ملحوظ، يصاحبه تردي في متطلبات الحياة الأساسية من كهرباء، ومشتقات نفطية، ومياه غير صالحة للشرب، إضافة إلى شبكة اتصالات رديئة في المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.
واللافت أن كل ذلك يُقابَل بتجاهل وصمت مريب من قبل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته المتواجدة معه في عدن منذ زهاء شهرين، رغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تحرير المدينة من قوات جماعة الحوثيين.
وأوضح التحقيق الصحفي أن القوى النافذة في الرئاسة اليمنية جعلت من رجل الأعمال العيسي، محتكر وحيد لاستيراد الوقود بكافة أنواعه إلى عدن والمحافظات المجاورة، ما دفع ناشطون وشباب من جنوبي اليمن إلى شن حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي نددوا فيها باستمرار العيسي في القيام بدور الدولة وتحكمه في أهم سلعة يحتاجها الناس.
وشرح التحقيق نقلاً عن مختصين وخبراء ومراقبين، الطريقة التي جعلت من العيسي متحكماً في المشتقات النفطية وأسعارها بتواطؤ من الرئاسة اليمنية، وكيف ساعد ذلك في انهيار سعر العملة المحلية “الريال” ما انعكس سلباً على السلع الغذائية والأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير ليزيد العبء أكثر على كواهل الأسر اليمنية التي تعيش أساساً في وضع اقتصادي سيئ، في ظل عجز الحكومة “الشرعية” التي يرأسها الدكتور أحمد عبيد بن دغر عن اتخاذ أي اجراء مناسب يوقف التدهور الحاصل.
واعتبر التحقيق احتكار شركة “عرب جلف” التابعة لرجل الأعمال أحمد العيسي لعملية استيراد الوقود في المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية “الشرعية”، سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص، بموجب قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، الذي أصدره الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مطلع مارس الماضي، والقاضي بفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات، ولكن بعدما تم التخطيط لتصبح عملية الاستيراد حكراً على شركة وحيدة.
وأكد التحقيق أن قوى نافذة ولوبي فساد يتزعمه جلال نجل الرئيس هادي، كانت وراء اتخاذ ذلك القرار، ليتم استغلاله بطريقة جلعت من العيسي وشركته المستورد الوحيد للمشتقات النفطية إلى المحافظات الجنوبية وبالتالي تحديد الأسعار وفق ما يراه مناسباً له ولأصدقائه في “لوبي” الفساد.
وقال تحقيق الوكالة الدولية إن “استمرار قيام العيسي بدور الدولة وتحكمه في أهم سلعة يحتاجها الناس، يشير إلى سيطرة مراكز وقوى نفوذ كبيرة على قرار الرئيس هادي ـ الذي يبدو كشاهد ما شاف حاجة- أمام ما يفعله لوبي الفساد الذي يتزعمه نجله جلال”.
وتطرق التحقيق إلى الطريقة التي أصبحت فيها شركتي النفط ومصافي عدن الحكوميتين، إلى مجرد خزانات خاصة بالتاجر العيسي الذي قام بإبرام عقد طويل المدى لاحتكار استئجار خزانات شركة المصافي، بعد أن توقفت كلا الشركتين عن استيراد الوقود عقب قرار الرئيس هادي بتحرير سوق المشتقات النفطية.
وأشار إلى عمليات الابتزاز التي يمارسها العيسي على الشركتين، وذلك بدعم من لوبي الفساد، ووصلت إلى حد تعيين مسؤولين في شركة النفط بقرارات جمهورية وفق ما يراه العيسي نفسه، ما جعل الشركة وكأنها ملكاً خاصاً له، وفقاً للتحقيق.
وأوضح التحقيق أن خطوات رجل الأعمال العيسي تحظى بدعم كبير من القوى نافذة كبيرة في البلاد، إذ أن نجل الرئيس هادي ليس وحدة من يقف مع العيسي، بل هناك نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، الذي تربطه به علاقات قديمة ومتينة، متعلقة بأعمال تجارية وتهريب مشتقات نفطية في سنوات ماضية.
وكشف التحقيق عن ما أسماه “الطامة الكبرى” التي تحدث عنها عمال وموظفون في شركة مصافي عدن، الذين أكدوا وجود توجه جاد لدى القيادة الحالية للشركة الموالية للعيسي، لبيع بواخر وسفن تابعة للمصفاة، وعددها أربع سفن، لصالح شركته “عرب جلف”، تحت مبرر أنها متهالكة وقديمة، رغم إن هيكلها مازال أفضل من السفن التي يمتلكها العيسي، وأكدوا أن الهدف من ذلك هو قيام شركة العيسي بتأجير هذه السفن بعد بيعها للمصفاة ذاتها.