يوميات مبرمج (مشهد من امام جامع)
المساء برس : حسام بن عارف
انها الساعة الواحدة بعد الضهر في دكان صغير ملي بالأوراق أخبرني المنبه بأنه وقت الغداء خصوصا بعد نوم استمر ساعتين ونصف ، اضافتا إلى الانحباس الحراري للدخان المتصاعد من سيجارا المدخنين في الدور الأول جعلني اتيقن بأن الوقت قد حان لخلع الكسل وتناول وجبتي المعتادة . لم اكن اتخيل بان وجبتي هذه المرة ” لحظه ” تنتظرني خلف الزجاج .. فما إن خرجت من الباب نظرت الى الأمام كأول نظرة لعالم بداء لي وكأني لا اعرفه .. لقد رئيت كلب يلعق رذاذ ماء وسخ ع الجانب الايسر من الشارع طفل يحمل كمية كبيرة من العلب الفارغة يداه تقولان أن وزن ما يحمله لا يتعدى الثلاثة كيلو جرام .. عامل حديد يصارع الحديد بالنار عندها كانت عجوز بجوار صندوق القمامة تتحرش بفتات قد تجده بين الاكياس بالجهة المقابلة شحات يتمنى أن يجد خمسين ريال ولو كانت موشططه ..لم يكن في وسط الجولة الا طفل لم يتعدا العشر سنوات في يديه شوك بلس يبيع الفاكهة الصفراء للخارجين من السوق …
كل هذه الاحداث مرت امامي بلحظة واحدة حاولت ان أرى فيها جميع الاتجاهات …
يا إلهي ما هذا الصباح وفي أي بقعه من الأرض انا ..
أمام عدم تصديق اللحظة من اجتماع الجوع المطقع وبرجوازيتي الانيقة من قيامي المتأخر من النوم هناك الملايين من اللحظات المؤلمة تكون قد مرت .. قررت الرجوع الى النوم … شعرت بالهزيمة فقررت التأكد.. مرة أخرى انا في الشارع شمس الضهر الحارقة تهمس لي : بأنه عند تقاطع الزمن مع الواقع يمكن أن ترى الحقيقة .. حقيقتنا المؤلمة التي لا نتمناها جميعا ولكننا نعيشها .. يمكن ان ترى هذا المشهد وكأنه جزء من مسرحية قديمة أو مقطع من فلم هندي ولكن الواقع يقول أنه مشهد من أمام جامع التوحيد .. صومعت الجامع الطويلة تشهد بذألك عندما لفتت انتباهي كمتلبس يوثق اللحظة ..
تحدق بي حفر الحي باستغراب افهم بأن هذه اللحظة معاده ومكررة في اغلب شوارع المدينة .. ولكن لا احد يفهمها
قررت مرة ثالثة الرجوع الى الفراش فلقد تناولت وجبتي !
التي لم اتخيل دسمها وبهاراتها … نمت كما لم انم من قبل تخبرني نفسي وانا طريح الفراش بأنني أخر ما تبقى من اهل الكهف النائمة .. والكلب الذي في الشارع كلبنا وكل الجائعين.
المصدر : من صفحة الكاتب على الفيس بوك