“بالصور” هذا ما يملكه الحوثيون في الساحل الغربي ويضمن لهم الانتصار
المساء برس – تقرير خاص| “الحوثيون الذين يسيطرون على أكثر المناطق المأهولة بالسكان في اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء، هم بارعون في حرب العصابات”، هكذا بررت وكالة “رويترز” لما وصفته بـ”التحديات الهائلة التي يواجهها التحالف في معركة الحديدة”.
ولعل الكاريكاتور المرفق بهذا التقرير يلخص الوضع الذي تعيشه الإمارات اليوم في جبهة الساحل الغربي والحديدة، إذ أن كافة المؤشرات تؤكد أن أبوظبي لم تكن موفقة حين قررت السيطرة على أكبر المحافظات الساحلية غرب اليمن، ليس بهدف تحقيق ضغط أكثر اقتصادياً على جماعة أنصار الله، بل لاكتمال السيناريو الذي تراه أبوظبي مناسباً في اليمن وهو السيطرة على السواحل اليمنية والجزر الهامة ومضيق باب المندب والموانئ الاستراتيجية لليمن التي إن دارت فيها عجلة العمل والتطوير فإن ذلك سيكون بالتأكيد على حساب شركة موانئ دبي، هذا بالإضافة إلى الأهداف الاستراتيجية للتحالف، ومن خلفه بدرجة رئيسية الولايات المتحدة وبريطانيا، من حربهم على اليمن وهو السيطرة على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وإنشاء قواعد عسكرية داخل الأراضي والجزر اليمنية الهامة.
-
معركة الحديدة ليست كما توقعتها أبوظبي
وفقاً لما قاله جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، فإنه من الواضح جداً أن الإمارات ومن معها من مقاتلين محليين من المحافظات الجنوبية، لن يتمكنوا من السيطرة على الحديدة، وحتى وإن تحقق لهم تقدم هنا أو هناك فإن ذلك لن يكون إلا بعد أن تخسر أبوظبي معظم قوتها البشرية والعتاد العسكري المتطور كمدرعات الأوشكوش الأمريكية المضادة للدروع والتي تتساقط واحدة تلو الأخرى بمن فيها من جنود بالعبوات الناسفة والألغام التي تنتجها وحدة التصنيع الحربي بوزارة الدفاع بصنعاء، هذا ما يمكن استنتاجه من مجريات الأحداث في المعركة ومن تصريح “هيلترمان” لوكالة رويترز والذي أكد أنه “من الصعب أن نرى هزيمة الحوثيين بسرعة في الحديدة، حتى إذا قام التحالف بتفعيل ما يشير إليه بالمقاومة المحلية”.
-
الألغام التي تصنعها قوات الحوثي لا يمكن اكتشافها بسهولة
وفي تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، كشفت الصحيفة عن عسكريين موالين للإمارات، إن “المليشيات اليمنية المدعومة إماراتياً المتقدمة من الجنوب تعتبر أن أخطر تحدٍ تواجهه في معركة الحديدة هي “الألغام البرية التي أحاطها الحوثيون بلدائن مدعمة بألياف زجاجية تم طلاؤها لتبدوا كالصخور تماماً”، وهو ما أكده أيضاً القيادي في ألوية العمالقة عبدالرحمن اللحجي والذي صرّح للصحيفة بالقول “إن الألغام الحوثي تدمّر دباباتنا ومركباتنا”، وأن ذلك هو السبب في عدم تمكنهم من مواصلة التقدم للسيطرة على الحديدة.
وتعد التقنية المتطورة التي وصل إليها التصنيع الحربي بوزارة دفاع حكومة الإنقاذ الموالية لأنصار الله، نقلة نوعية في تاريخ الصناعات العسكرية في الشرق الأوسط والوطن العربي، إذ بات بإمكان حكومة صنعاء إنتاج عبوات ناسفة وألغام أرضية على شكل صخور بقصد تمويه العدو، وحسب مسؤول عسكري في ما يعرف بـ”المقاومة التهامية” صرّح لـ”المساء برس” فإن قواته عثرت على كميات كبيرة من هذه الألغام أثناء المعارك الدائرة في الساحل الغربي الشهر الماضي، مشيراً إلى أن “هذه الألغام محلية الصنع وهي شديدة الانفجار ومزودة بحساسات ضوئية وتنفجر بمجرد استشعار هذه الحساسات للحركة المحيطة باللغم حتى لو كان مصدر الحركة هو حيوان أو ما شابه”.
-
سلاح الجو المسير لقوات صنعاء يتطور سريعاً ويهدد التحالف أكثر من أي وقت مضى
إلى جانب الألغام الأرضية التي يصعب على قوات العمالقة الموالية لأبوظبي اكتشافها بسهولة أو الهروب منها، فإن أكثر ما يصيب تلك القوات بالذعر هي الهجمات الجوية بالطائرات بدون طيار، والتي تضاف إلى قائمة المنتجات العسكرية اليمنية محلية الصنع، والتي شهدت نقلة نوعية في تطويرها وإنتاجها بكميات كبيرة تواكب العمليات العسكرية المشتعلة في جبهة الساحل.
وقد بات بإمكان الطائرات اليمنية بدون طيار الوصول إلى مناطق بعيدة جداً حيث تم تطوير مداها وتزويدها بكاميرات حرارية بالإضافة إلى زيادة حجمها كي تنقل على متنها قذائف صاروخية أو صاروخ واحد برأس حربي متفجر وشديد التدمير وهو ما استخدمته قوات حكومة الإنقاذ مؤخراً في قصف مقر قيادة قوات التحالف الذي تتواجد فيه القوات الإماراتية في مدينة عدن أقصى جنوب اليمن وهي المرة الأولى التي يتمكن فيها مقاتلوا أنصار الله وحكومة صنعاء من إنتاج طائرات بدون طيار قادرة على الوصول إلى محافظة عدن وقصف هدف عسكري كمقر القوات الإماراتية.
-
منصات إطلاق الصواريخ الباليستية من تحت الأرض ما لا يمكن لمقاتلات التحالف اكتشافها
أما القوة الصاروخية في قوات حكومة صنعاء فهي الأخرى لم تقف عند تطوير وإنتاج الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، بل أضافت إلى ذلك إنجازاً جديداً من شأنه أن يعقد مهمة قوات الإمارات وحلفائها من المليشيات المحلية الجنوبية، وهي منصات الإطلاق التي تقذف الصواريخ من تحت الأرض، أي أن المقاتلات الحربية التي يمتلكها التحالف لم يعد بإمكانها المساهمة في تخليص القوات البرية من الهجمات الصاروخية بعد أن أصبح من المستحيل عليها اكتشاف أماكن انطلاق هذه الصواريخ خصوصاً صواريخ “بدر1″ التي يتم إنتاجها محلياً من أصغر قطعة حتى أكبرها.
يضاف إلى ذلك الصواريخ الجديدة التي لم يعلن عنها بعد، حيث كشف مصدر عسكري برئاسة الأركان بوزارة الدفاع بصنعاء في تصريح خاص لـ”المساء برس” أن “القوة الصاروخية أنتجت صاروخاً باليستياً جديداً”، وأنها ستُعلن عنه في وقت لاحق، مضيفاً “حتى اليوم تم استخدام هذه الصواريخ أكثر من مرة وقصف هدفين عسكريين في جبهة الساحل الغربي وهدف آخر على السعودية”، واصفاً نتائج تلك العمليات بـ”المذهلة”.
-
الاستخبارات العسكرية لقوات الحوثي اخترقت التحالف منذ البداية
مؤخراً اعتقلت الإمارات العشرات من قوات العميد طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق، والذي انضم للتحالف ولم يعترف حتى الآن بحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، كما أن قواته التي قام بتجميعها من بعض المناطق الشمالية ولم تتجاوز الـ(2000) فرد لا تخضع لقوات ما تسمى “الشرعية”، بل تتلقى توجيهاتها من طارق صالح والذي بدوره يتلقى التوجيهات من قيادة القوات الإماراتية في عدن والمخا مباشرة.
اعتقال العشرات لبعض ضباط وأفراد طارق صالح، جاء بعد استهداف سلاح الجو المسيّر التابع لحكومة صنعاء لمقر الاتصالات العسكرية التابعة للقوات الإماراتية في جبهة الساحل الغربي، وهو هدف عسكري شديد السرية ولا يمكن الكشف عن موقعه إلا لعدد قليل جداً من الضباط والجنود الموالين للإمارات، وهو الأمر ذاته، ربما، الذي دفع بالقوات الإماراتية إلى اعتقال ضباط وجنود طارق صالح لوجود شكوك إماراتية بتسريب معلومات عسكرية من بين هؤلاء الضباط لقوات أنصار الله وحكومة صنعاء.
وقد يكون “الحوثيون” وقيادة قوات صنعاء تمكنوا بالفعل من اختراق القوات الإماراتية عن طريق قوات طارق صالح، لكن هذا الاختراق لا يبدو أنه الوحيد، إذ لطالما نفذت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر هجمات متكررة ومفاجئة لما يعرف بـ”المقاومة التهامية” وألوية “العمالقة” الجنوبية، الأمر الذي يؤكد أن قوات صنعاء تمكنت من اختراق هذه القوات أيضاً وبات لديها أعين في كل مكان لنقل المعلومات العسكرية والإحداثيات الدقيقة للأهداف العسكرية الثقيلة، وقد حاول “المساء برس” الحصول على معلومات أكثر في هذا الجانب إلا أن الوصول إلى مصدر في الاستخبارات التابعة لقوات “حكومة الإنقاذ” كان شبه مستحيل.