المشاريع التي نفذها “صالح”!
المساء برس:صلاح السقلدي
قال الأخ فتحي بن لزرق,مُعلّقا على فترة حكم الرئيس السابق صالح بمناسبة يوم 7يوليو: ( ..والله أنها كانت دولة بحق وحقيق في عدن). وذهبَ بن لزرق يعدد المشاريع التي تمت في ذلك العهد, وهو ليس وحده من يقول هذا, فهناك كُـــثر يشيرون إليها إما لحسابات حزبية أو تمجيدا لصالح وعهده, أو تحسرا على الوضع السابق مقارنة بما تلاه من وضعٍ شديد البؤس. وتعليقنا هنا عن كل هذه الأصوات التي تظهر بمثل هذه المناسبات وتتعسف الحقائق وليس فقط عن بن لزرق.
فأن كان قصد بن لزرق بذلك أنها كانت دولة وفق المفهوم القانوني لمعنى الدولة التي تعني : مجموعة من البشر يمارسون حياتهم على رقعة جغرافية محددة وبإشراف سلطة سياسية, فهي فعلا كانت دولة بصرف النظر عن طبيعة السلطة السياسية الحاكمة, أمّـا أن كان القصد أنها كانت دولة يمنية يسودها القانون وتنفذ فيها المشاريع بصورة عادلة ونزيهة -وهذا هو ما قصده بن لزرق على ما يبدو من كلامه- ,وأنها دولة مؤسسات ولو بحدودها المقبولة وتدار بتلقائية القانون وهيبته وليس بالرغبة الفردية والحزبية وبسطوة القبيلة وغطرسة العسكر, فهي بعيدة كل البعد عن أن نطلق عليها دولة بحق وحقيقي.
أما موضوع تنفيذ المشاريع التي نفذها صالح فهي قياسا بالدعم الخارجي الكبير والديون الضخمة والموارد الداخلية ليس أكثر من مشاريع فُــتات, ثم أن الفترة التي قضاها بالحكم- 33سنة- كان لا بد أن يكون فيها مشاريع ولو بنسبة 25% من المليارات التي كانت بمتناول يده طيلة تلك الفترة الطويلة- على افتراض أن كل تلك المشاريع تمت بجهد صالح دون سواه. فضلا أن تنفيذها هو أصلاً من صميم مهام أية سلطة حاكمة وليس مقياسا لسيادة الدولة الحقيقية وإلا لكانت الضفة الغربية وما تنفذه اسرائيل من خدمات ومشاريع بنية تحتية كافية لأن يصرف الفلسطيني نظره عن التحرير ويتغنى عوضا عن ذلك بالدولة الحقيقية ومنجزاتها.
فلو كانت فترة صالح هي فعلاً دولة بحق وحقيق لما وصلنا أساساً الى ما صلنا إليه اليوم من ضياع وكارثة, وهذا أكبر دليل على ما نقوله, ثم أليس هذا الوضع الكارثي اليوم هو صنيع صالح, ويتم بأدواته وبواسطة أركان دولته ورموزه الفاسدة الفاشلة؟!….
فما نحن فيه اليوم هو نتيجة طبيعية ومولود شرعي لأوضاع غياب مؤسسات الدولة, وسيادة منطق: ” أنا الدولة والدولة أنا “.فلو لم يكن لصالح غير سوءة تغييبه لمؤسسات الدولة واختزاله للدولة بشخصه وبالدائرة المقربة منه, وانقلابه على الشريك الوحدوي الجنوبي عام 94م وضربة لمشروع بناء الدولة الحديثة- وثيقة العهد والاتقاق-وتحالفه مع قوى ترفض دولة المؤسسات وتستميت على بقاء الوضع التقليدي الرتيب لكان ذلك كافيا أن نطلق على عهده بعهد النكبة اليمنية بحق وحقيق.
فما يجعل البعض اليوم يعتقد أن عهد صالح كان فيه دولة قائمة بحق وحقيقي هو سبب واحد لا غير وهو: أن الوضع الذي تلى عهده في عام 2011م وحتى اليوم كان أشد قتامة وسوءا وفشلاً وفساداً ومحسوبية واهدارا للسيادة , جعل عهد صالح يبدو لنا عهدا مشرقا وهو ليس كذلك بالطبع, ولا هو بالوضع المثالي الذي يزعم البعض أو بالوضع الذي يستحق التحسر عليه كما يفعل البعض لأغراض مختلفة. فالضد يظهر حُــسنه الضدُ كما يقال… فشدة السواد الحالك يجعل الأسود يبدو أبيضاً..فكلما بالأمر أن البعض ومنهم بن لزرق يضعون مقارنة بين الأمس واليوم, بين السيء والأسوأ يبدو لهم الأول جنة مفقودة تستحق النحيب عليها.
مع إقرارنا للرجُــل “صالح” بامتلاكه شخصية قيادية فذة وشجاعة مُــهابة, وصاحب قرار جريء لا نظير له.
من حائط الكاتب على الفيسبوك