الموقف قد ينفجر من جديد في تعز “خارطة الانتشار العسكري لكل طرف”
المساء برس – تعز – تقرير خاص| الانفلات الأمني في مدينة تعز، وحرب العصابات، والمليشيات المسلحة التابعة لكل من الإصلاح ومقاتلي “الشرعية من جهة، وأبو العباس وحلفاء الإمارات من جهة ثانية، كان السمة البارزة التي رسمت ملامح الوضع في المدينة التي زعم التحالف “تحريرها” قبل عامين من الآن.
ظل كل طرف من الأطراف المسلحة الموالية جميعها للتحالف منها ما هو محسوب على السعودية رأساً ومنها ما هو محسوب على الإمارات رأساً ومنها ما هو محسوب على قطر، وهذا الأخير يمثله الإصلاح، ظل كل طرف يحمل الآخر مسؤولية حالة الغوغاء التي تعيشها مدينة تعز والتي لا ينفك يوم إلا وقد حدثت فيها عملية قتل متعمد في وضح النهار أو نهب لأحد التجار أو اشتباكات هنا وهناك وعمليات حرابة وانتشار العصابات.
ومثّل هذا الوضع فرصة مناسبة للإمارات لبسط سيطرتها على المدينة وتمكين حلفائها المتمثلين بقوات اللواء (35 مدرع الذي يقوده العميد عدنان الحمادي ومليشيات أبو العباس” بالإضافة إلى مجندين جُدد جندتهم الإمارات قبل فترة ودربتهم في عدن وأنشأت لهم معسكراً في المعافر، تمكينهم من السيطرة على المدينة وإن بغطاء عسكري رسمي مستغلة ميول المحافظ الجديد أمين محمود لأبوظبي، وهو الأمر الذي استغلته الإمارات للدفع بسحب المقرات الحكومية التي تسيطر عليها مليشيات مسلحة تابعة لحزب الإصلاح تحت مسميات متعددة وتسليم هذه المقرات للقوات العسكرية الرسمية من بينها قوات اللواء 35 مدرع المحسوب أصلاً على الإمارات، لكن الإصلاح رفض تسليم أي مقرات إلا بعد تسليم مليشيات أبو العباس للمقرات الواقعة تحت سيطرته وهي كثيرة، وانتهى الخلاف بالرضوخ للجنة عسكرية من التحالف قدمت من عدن لحل الإشكال وإجبار الطرفين على تسليم ما تحت أيديهم من مقرات حكومية للقوات العسكرية التي فيما يبدو أنها باتت تحت سلطة الإمارات أكثر منها لـ”هادي وشرعيته المتمثلة بقيادة المحور التي يقودها خالد فاضل أبرز القيادات العسكرية الموالية للإصلاح”.
لكن الأمر لم ينتهِ عند تسليم المقرات والمؤسسات الحكومية، إذ يدرك الإصلاح أن الحركة الأخيرة للإمارات والمغلفة بـ”تسليم المقرات الحكومية للقوات الحكومية” كان القصد منها تنفيذ الخطوة الأولى لضرب نفوذ الحزب عسكرياً في تعز عبر تقليص نفوذ سيطرته على المنشئات ومن ثم استهداف مليشياته المسلحة المنتشرة في مناطق واسعة في المدينة، بالتزامن مع إجراء تغييرات إدارية لاستبعاد عناصره المؤثرة في السلطة المحلية، وبالتزامن مع استهداف خطباء وأئمة المساجد المحسوبين على الإصلاح كما هو الحال في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى، ولهذا، ورغم تسليم الإصلاح للمقرات الحكومية، إلا أنه أبقى على الثكنات والمربعات التي ينتشر فيها مسلحوه وسط أحياء المدينة، وبالمثل أيضاً فعلت المليشيات التابعة لأبي العباس، وهو ما يشير إلى أن تسليم المقرات كان إجراءً شكلياً فيما لا يزال كل طرف يضع إصبعه على زناد البندقية ترقباً للحظة غدر من الخصم، وهو بالفعل ما بدأ يتكشف خلال الأيام الأخيرة التي شهدت عمليات اغتيال وتفجيرات بالعبوات الناسفة طالت مبنى المحافظة وطالت حتى قياديين في السلطة المحلية، وهو أيضاً ما يراه مراقبون للوضع بأنه رسائل متبادلة بين طرفي الصراع بجاهزية كل طرف لغدر الآخر، وليس آخر هذه الرسائل ما حدث أمس الأربعاء من اشتباكات مسلحة أمام مبنى المحافظة.
وبحسب مصادر محلية فقد “اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة ظهر الأربعاء، بين مجاميع مسلحة، تابعة لمدير قسم شرطة الجديري العميد شائف الصغير الموالي لحزب الاصلاح، وحراسة مبنى المحافظة”، وذلك بعد قيام الأول بقطع الخط أمام مقر محافظة تعز المؤقت والمعين من قبل هادي الوقع في مبنى شركة النفط بشارع جمال. المصادر قالت أن “جماعة الصغير قاموا بالانتشار في محيط مبنى المحافظة ثم بعد ذلك بدأوا باقتحام المحافظة ومنزل المحافظ القريب من مقر المحافظة”، وقد نتج عن هذه الاشتباكات سقوط قتيلين.
خارطة الانتشار المسلح لكل طرف في تعز
وفقاً لمعلومات مؤكدة حصل عليها “المساء برس” من أكثر من مصدر ميداني داخل المدينة فإن خارطة الانتشار المسلح لمليشيات الإصلاح وأبي العباس وتنظيم القاعدة والعصابات المسلحة المنقسمة في تبعيتها بين الطرفين، هذه الخارطة تتمثل في الآتي:
المليشيات المسلحة لحزب الإصلاح والتي تختبئ بعض عناصرها داخل المنازل وبعضها أنشأت متارس على أسطح البنايات ترقباً لأي طارئ، تتواجد على امتداد شارع الأدوية ومنه إلى قبة المعصور، وشارع المصلى الذي يتواجد فيه فندق طيبة، بالإضافة إلى انتشار عناصره في محيط المجمع الطبي وشارع محمد علي عثمان وفندق الرشيد في النصيرية، بالإضافة إلى انتشار جماعات أخرى في حارة النجيشة وبالقرب من مطاعم العصيد في شارع العواضي المطلة على باب موسى الذي كان تحت سيطرة أبو العباس والذي قام بإغلاقه لأول مرة منذ مئات السنين أثناء المواجهات الأخيرة، كما يتواجد مسلحو الإصلاح في حارة القرشي امتداداً إلى التحرير الأعلى وعلى طور شارع 26 سبتمبر وسائلة الجحملية فيما الجهة السفلية للأمن السياسي فهي خاضعة لنفوذ الإصلاح ومسلحيه، بالإضافة إلى نفوذ للإصلاح في محيط مبنى التربية، ولا تزال لديه ثكنة عسكرية هناك.
الخط الدائري
ينقسم الخط الدائري إلى قسمين الأول يسيطر عليه أبو العباس والثاني مسلحو الإصلاح، حيث أفاد المصدر أن “الخط الدائري بيد جماعة أبو العباس إلى مدخل الأمن السياسي، ومما دون الأمن السياسي – أي الجهة السفلية – فهو تحت نفوذ الإصلاح”، وأضاف: “الجهة الأخرى للخط الدائري باتجاه القلعة وحتى بداية الدمغة وتحديداً الرون الذي يعلوا بيت المحافظ فالنفوذ فيه لجماعة أبو العباس، وما بعد الرون فهو مع الإصلاح الذي قام بنشر عدد من القناصة داخل مناطق نفوذه وفيما يبدو يحاول استكمال السيطرة على بقية المناطق التي بيد أبو العباس”.
مسلحو جميل عقلان
يفترض بهؤلاء أن يكونوا تابعين للأمن المركزي إلا أنهم يُصنفون على أنهم عناصر من “المقاومة” متخذين من الأمن المركزي اسماً لإبقاء تواجدهم في المنطقة، وحسب المصدر، تسيطر جماعة “جميل عقلان” على مبنى المحافظة الحالي “شركة النفط” وتنتشر في كلية الطب ومحيطها والسجن المركزي.
مليشيات رضوان العديني
تسيطر جماعة رضوان العديني، وهي عبارة عن مليشيات مسلحة باسم “المقاومة” على مدرسة ناصر، وتجري حالياً أعمال تدريب وتأهيل لجماعة العديني، فيما مدرسة سبأ فهي بمثابة مقر لمليشيات “عبده فرحان الشرعبي”، وهناك شخصية معروفة باسم “سالم” ولا يُعرف إن كان هذا هو الاسم الحركي لـ”عبده الشرعبي” أم قيادي آخر، غير أن المعلومات الواردة تفيد بأن “سالم” يتواجد في مدرسة سبأ في فترة الصباح حتى الظهيرة ثم يغادرها ويتخذ من بيت أحد التجار الذي تمت السيطرة عليه خلف مبنى التربيه، منزلاً ينام فيه ومحاط بالحراسة.
تواجد أبو العباس
ووفقاً للمصادر الميدانية فإن القيادي الموالي للإمارات عادل عبده فارع المعروف باسم “أبو العباس” يتواجد في مجمع هائل وهو بمثابة مركز القيادة والسيطرة لمليشيات أبو العباس التي تمتد سيطرتها من ذلك المكان وحتى حارة الضاهرية وبيت كواتي ومنزل الشيخ عبدالله أمير الذي اتخذ منه أبو العباس مقراً للنوم خلال الأيام الماضية.
فيما المنشئات الحكومية كالجزء الأكبر من السجن المركزي ودار رعاية المكفوفين ودار رعاية الأيتام ومدرسة حكومية لا زالت ثكنات عسكرية لمليشيات مسلحة متعددة تتبع أكثر من طرف، وفي الوقت ذاته تفيد المصادر أن هناك تواجداً عسكرياً في هذه المنطقة تابعة لأركان حرب اللواء 145 والقيادي في المليشيات الموالية للتحالف عبده حمود الصغير وعمليات اللواء 17.
كما أفادت المصادر أن معهد الخيامي لا يزال يشهد تواجداً للمسلحين بين الحين والآخر في محيطه، كاشفة أن معسكر العين تتخذ منه القوات الإماراتية مقراً لها إذ تتواجد فيه غرفة عمليات في عدد من الضباط الإماراتيين وهو عبارة عن معسكر يتم فيه تدريب مجندين موالين للإمارات، بالإضافة إلى المعسكر الذي تم إنشاؤه منذ نحو عام في منطقة الصنة ويتم فيه تجنيد وتدريب مقاتلين موالين للإمارات يجري إرسالهم على دفعات إلى عدن لتدريبهم وإعادتهم إلى مقر المعسكر.