الأسباب التي أدت إلى تجميد المؤتمر لعضويته بحكومة الإنقاذ
المساء برس – خاص| علم “المساء برس” من مصدر رفيع في صنعاء أن حزب المؤتمر الشعبي العام جمد عضوية بالكامل في حكومة الإنقاذ الوطني بشكل غير معلن، احتجاجاً على سياسات مهدي المشّاط رئيس مجلس الرئاسة المعروف باسم “المجلس السياسي الأعلى”.
وكانت الأنباء يوم أمس قد تداولت في أكثر من وسيلة إعلامية عن اتخاذ المؤتمر الشعبي العام قراراً بتجميد عضوية كتلتة الوزارية في حكومة الإنقاذ، ولم تؤكد أي مصادر رسمية من الحزب تلك المعلومات حينها، غير أن حديث رئيس المؤتمر الشيخ صادق أبو راس في اجتماع مع الكتلة الوزارية للمؤتمر يوم أمس أثار جدلاً واسعاً في الوسط السياسي اليمني حول طبيعة الوضع بين مكوني أنصار الله والمؤتمر في حكومة الإنقاذ، ودفع إلى التساؤل عن صحة أنباء تجميد عضوية الحزب لوزرائه في حكومة الإنقاذ، فيما ذهب البعض للترجيح أن يكون الاجتماع قد تم خلاله اتخاذ القرار دون الإعلان عنه رسمياً.
وكان رئيس المؤتمر “الشيخ أبو راس” قد أكد أثناء الاجتماع بوزراء المؤتمر والذي جرى فيه مناقشة التطورات في الساحتين الوطنية والتنظيمية، أن “حزب المؤتمر الشعبي تنظيم سياسي مدني، ليس لديه أية مليشيات (…) وحريص على دعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق السلام العادل والشامل، الذي يحفظ للشعب اليمني حقوقه وكرامته ويحافظ على وحدته وسيادته واستقلال قراره الوطني”، مؤكداً في الوقت ذاته أن المؤتمر سيظل “وفياً ومدافعاً صلباً عن الوحدة الوطنية وسيقف بقوة في وجه كل المؤامرات والمخططات التي تستهدف تمزيقها”، كما تطرق أبو راس إلى المستجدات في فلسطين المحتلة حيث أدان الحزب بشدة “إقدام الولايات المتحدة الأمريكية، على نقل سفارتها لدى الاحتلال الإسرائيلي إلى القدس الشريف، والجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني يوم أمس، والتي أدت إلى سقوط العشرات من الشهداء ومئات الجرحى”، معبراً عن “تضامن ووقوف المؤتمر الشعبي العام، قيادة وقواعد، إلى جانب أبناء الشعب الفلسطيني، وحقهم في الدفاع عن أنفسهم، ونيل حقوقهم، وإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف”.
وبالعودة إلى الأسباب التي دفعت بالمؤتمر إلى اتخاذ قرار بتجميد عضوية كتلته الوزارية في الحكومة، نقلت مصادر صحفية عن مصدر في المؤتمر أن قرار تجميد العضوية اتخذ بعد أن اتخذ الرئيس مهدي المشاط عدداً من القرارات التي وصفها المصدر أنها “كانت مجحفة بحق المؤتمر وكتلته الوزارية، ومنها قرار إقالة وزير الصحة والسكان والمحسوب على حزب المؤتمر، وتعيين الدكتور والاستشاري في جراحة القلب طه المتوكل، بديلاً للوزير السابق محمد سالم بن حفيظ، الذي تم تعيينه مستشاراً للمجلس السياسي الأعلى بدرجة نائب رئيس الوزراء، وأن تلك القرارات تمت بدون التوافق مع المؤتمر”، وأضاف المصدر المؤتمري “وأيضاً عدد من القرارات التي قضت بتعيين نائب لوزير التعليم العالي والبحث العلمي وتعيين أكثر من ثلاثين عضواً في مجلس الشورى بصورة انفرادية”.
ماهي السياسة التي ينتهجها المشّاط؟
ومنذ صعود مهدي المشاط رئيساً للمجلس السياسي الأعلى، وهو بمثابة “رئيس الجمهورية”، شهدت الرئاسة اليمنية في سلطة الأمر الواقع، تغيرات في السياسات الداخلية والخارجية، حيث عمل الرجل على التركيز بشكل رئيسي على قضايا الفساد والبدء بتنظيف المؤسسات الرسمية والمشتركة حيث جرى إيقاف العديد من المسؤولين دون أن يتم الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام الرسمية والأهلية، على خلفية قضايا فساد سابقة وحالية.
كما أن ملف المعتقلين السياسيين المتهمين بالخيانة والمدانين بالاتصال بجهات خارجية تعمل ضد “الجبهة الداخلية” وتوافي التحالف الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة ضد اليمن عسكرياً بمعلومات استخبارية، كان له الأولوية في تحريكه بالنسبة للرئيس المشاط، فمنذ توليه رئاسة المجلس شهدت المحكمة الجزائية محاكمة العشرات ممن تم إدانتهم بارتكاب “جريمة الخيانة العظمى وتقديم المعلومات للعدو بما يخدمه ويضر بمصلحة الوطن والمواطنين ويتسبب بإزهاق الأرواح من الأبرياء المدنيين واستهداف البنية التحتية والانتماء لتنظيمات إرهابية كتنظيمي داعش والقاعدة”.
وفيما يتعلق بالتعيينات التي أصدر بها المشاط قرارات لقيادات في أنصار الله وحلفائهم كأعضاء في مجلس الشورى، اعتبر مراقبون أن العديد من الشخصيات الذين جرى تعيينهم هم ممن أداروا شؤون الدولة خلال الفترة التي قادتها اللجنة الثورية العليا برئاسة محمد علي الحوثي، فبعد أن تم تشكيل المجلس السياسي الأعلى وتشكيل حكومة الإنقاذ بالشراكة بين أنصار الله وحلفائهم وحزب المؤتمر، انتهت سلطة اللجنة الثورية واللجان الإشرافية على المؤسسات والهيئات الحكومية، التي كان عدد ممن تم تعيينهم في مجلس الشورى مسؤولين مباشرين ضمن اللجان التابعة للجنة الثورية ولم يصبح لهم أي صفة حكومية بعد تشكيل المجلس السياسي والحكومة وانحصرت مهامهم فقط فيما يتعلق بالجانب التنظيمي لأنصار الله.
وبالإضافة إلى ملفات الفساد التي ركز عليها المشاط وكذا التعيينات لأعضاء مجلس الشورى، اعتبرت مصادر اقتصادية أن ملف الفساد المستشري في الواجبات الزكوية والذي كان محط خلاف بين المؤتمر وأنصار الله قبل أحداث ديسمبر العام الماضي، وجد طريقه إلى أروقة الرئاسة منذ صعود المشاط، ففي الوقت الذي كان الرئيس الراحل صالح الصماد قد حاول تجنب أي ملفات تثير الحساسية بين شريكي السلطة في صنعاء ومنها ملف الواجبات الزكوية التي كانت حكراً على حزب المؤتمر والذي بدوره كان يرفض بشدة أي توجهات رئاسية بإحداث أي تغييرات في هذه الهيئة الحكومية الإيرادية الهامة رغم ازدياد حالة الفساد والنهب المنضم، إلا أن الرئيس المشاط اتخذ سياسة مغايرة لسياسة سلفه الصمّاد، حيث لم يمضِ على صعوده سدة الحكم أسابيع حتى أصدر القرار الجمهوري رقم (53) لسنة 2018 بشأن إنشاء الهيئة العامة للزكاة بعد أن تمكن من إقناع أعضاء البرلمان بتشريع قانون لإنشاء هيئة الزكاة وإقرار مسودة التسمية والتعاريف والأهداف ومهام وصلاحيات الهيئة والهيكل الإداري والموارد والنظام المالي والأحكام الختامية للهيئة، وحسب المصادر الاقتصادية فإن ملف الزكاة الذي سيشهد تغيرات جذرية سيوقف العبث والتسريب الإيرادي الذي تستغله بعض الشخصيات التي تشغل مناصب في الدولة منذ عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.