“ميدي” مركز دراسات.. ما مهمته؟ ولماذا يهتم الحوثيون بهذه المراكز؟
المساء برس – تقرير خاص| على مقربة من مكتب رئاسة الجمهورية الذي تعرض للقصف الجوي بغارتين لطيران التحالف صباح اليوم كان عدد من قيادات جماعة أنصار الله وعضوين من المجلس الرئاسي الحاكم يحضرون أول ندوة سياسية يعقدها مركز دراسات استراتيجية أنشأته جماعة أنصار الله مؤخراً ولم يُعلن عنه إلا اليوم أثناء الندوة السياسية.
مركز “ميدي” للدراسات السياسية والاجتماعية الذي نظم الندوة السياسية المعنونة “الشهيد الرئيس صالح الصماد، أنموذجاً للدولة المدنية” يعتبر أول مركز دراسات متخصص بإجراء الدراسات والأبحاث الاستراتيجية المؤثرة في القرار السياسي لسلطات الحكم في صنعاء، وحسب مصدر خاص مقرّب من صُنّاع القرار فإن “ميدي” للدراسات السياسية والاجتماعية، تم إنشاؤه بهدف العمل بشكل مكثف على إجراء الدراسات والأبحاث العلمية والتي على ضوء نتائجها ستعمل أجهزة الدولة على تنفيذ استراتيجيات طويلة ومتوسطة المدى لإدارة الدولة والنهوض باليمن سياسياً واقتصادياً في وقت قياسي.
وأضاف المصدر في حديث خاص لـ”المساء برس” إن قيادة أنصار الله مهتمة بشكل كبير بهذا المركز الذي سيكون بمثابة “سلطة الظل” بالنظر إلى المهام الموكلة إليه وما سينفذه من دراسات استراتيجية وفق المعايير المعمول بها في مراكز الدراسات العالمية على المستويين السياسي والاجتماعي، والذي بناءً عليه سيتم تنفيذ خطط استراتيجية من قبل السلطات التنفيذية على المديين الطويل والمتوسط، مشيراً إلى أن مركز “ميدي” للدراسات سيكون من ضمن مرافقه قسم خاص بالدراسات الجيوسياسية لليمن والقرن الإفريقي والتي سيكون لها تأثير في السياسات العليا الخاصة بموقع اليمن جغرافياً وتأثيرها على الإقليم والمنطقة، بما يتواءم والامتيازات التي تحظى بها اليمن وبما يضمن تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة بعيداً عن أي هيمنة خارجية وبما يحفظ تحقيق السيادة الكاملة.
في سياق متصل يرى مراقبون أن السياسات التي تتخذها سلطات صنعاء وقيادة جماعة “أنصار الله”، “وإذا صحّ أن الأداء المستقبلي في إدارة البلاد وفقاً للمعطيات الاجتماعية والسياسية والجيوسياسية، سيستند إلى الأبحاث والدراسات المتخصصة في كل مجال، فإن ذلك يعني أن حركة أنصار الله ستكون أول مكون يدير دفة الحكم كما تفعل الأنظمة السياسية الكبرى والتي ترى في مصلحة بلدانها فوق أي مصالح أخرى وتعتمد لتحقيق ذلك على مراكز الدراسات التي تنفق عليها أكثر مما تنفقه على التسليح العسكري”.
وأشار المراقبون في تصريحات أدلوا بها لـ”المساء برس” إلى أن الأنظمة الكبرى لا تدير الحكم وفق مزاجيات الشخصيات التي تتولى المناصب القيادية في هذه الأنظمة وإنما وفقاً لدراسات استراتيجية هي من تضع الخطط طويلة المدى والتي بناءً عليها يتمكنون من تحقيق أهدافهم بشكل سريع جداً، مضيفين “وتوجه أصحاب القرار في اليمن للسير على هذا الأساس، الحكم المؤسسي والمدروس والمستند إلى خطط استراتيجية وفق دراسات وأبحاث دقيقة تنفذها مراكز الدراسات، يشير إلى أننا أمام قيادة سياسية تُدرك معنى البناء المؤسسي للدولة وأهمية مراكز الدراسات الكبرى في إدارة البلاد وإدارة من يديرون البلاد من بعيد، وهو ما كان يفتقده نظام الحكم في اليمن سواءً في عهد الرئيس المنفي عبدربه منصور هادي أو في عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح”.
وبالعودة إلى الندوة الأولى لمركز الدراسات والتي حضرها عضو المجلس السياسي الأعلى سلطان السامعي، ألقى محمد النعيمي عضو المجلس السياسي “المجلس الرئاسي الحاكم” كلمة أشاد فيها بدور الرئيس الراحل صالح الصماد والذي “نادى إلى بناء الدولة لتحل مشاكل اليمن وأزماته التاريخية الاجتماعية والحقوقية والتنموية وتحقيق العدل والأمن والاستقرار، وأن بناء الدولة يتطلب منا استنهاض وعي المجتمع فكرا وثقافة وسلوكا يعتمد في أولوياته على الذات وفق مقومات ومعايير وشروط بناء النهضة الحضارية لليمن”، مشيراً إلى أن “أيادي الغدر والإجرام والعدوان أدركت خطورة وكفاءة قيادة الرئيس الشهيد لمشروع بناء الدولة وتعاظم حب الشعب له وتأثير ذلك على مصالحهم فسعت لاغتيال الشهيد لإجهاض مشروع بناء الدولة العادلة والمستقلة”، في إشارة منه إلى المشروع الذي أطلقه الصماد قبل مقتله بعنوان “يد تحمي ويد تبني” والذي بموجبه بدأ بتنفيذ خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي والمجال الصناعي والتحرر من الحاجة للخارج.
وقال مدير مركز الدراسات الدكتور فؤاد الشامي في كلمة له “إن الصماد حمل مشروع دولة مدنية قوامها النظام والقانون والبناء المؤسسي ليرفع الغطاء عن أعداء التنمية والبناء”، مشيراً إلى أن إعلان مشروع بناء الدولة “كان بمثابة إعلان حرب جديدة لم تتوقعها دول العدوان التي تقف وراء تخلف اليمن في كافة المجالات”.
وأكد الدكتور الشامي إلى أهمية مراكز الأبحاث والدراسات لدى متخذي القرار أو عند معالجة الصعوبات التي تواجه المجتمعات في مختلف المجالات، لافتاً إلى أن دول التحالف وقفت وراء إجهاض كافة المشاريع الوطنية اليمنية الهادفة إلى إحداث تغيير إداري واقتصادي، لتعارض تلك المشاريع مع اهدافها الخفية في اليمن ومطامعها الاستعمارية في الوطن، حسب وصفه.
من جهته كشف أمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري، عن ملامح مشروع الصماد الذي “كان نتيجة لتجربة عام وثمانية أشهر قضاها الشهيد في رئاسة المجلس السياسي الأعلى”، مبيناً أن من أهم أولويات “مشروع بناء الدولة الذي أسسه الرئيس الشهيد وكان يعمل على تحقيقه هو بناء الجيش والأمن والعدل والقضاء والاكتفاء الذاتي وتجاوز حالة اللادولة حسب ما هو متاح، بالتزامن مع استمرار التحشيد للجبهات والتعبئة العامة، وإعداد خطط وطنية كفيلة بتحقيق اكتفاء ذاتي في كافة المجالات وخصوصاً الجانب الزراعي”.
كما قدم الباحث في جامعة تعز مجيب شمسان ورققة عمل ناقشت حجم التدخلات الخارجية في اليمن و”دورها في إجهاض المشاريع النهضوية واغتيال الشخصيات الوطنية والتي كان أبرز نماذجها إبراهيم الحمدي وصالح الصماد”.