الإمارات تضع هادي وشرعيته وحكومته في موقف مُحرج أمام “أنصار الله”
المساء برس – تقرير خاص| أدت التطورات المتسارعة في جزيرة سقطرى من صراع متنامٍ بين حكومة المنفى الموالية للتحالف من جهة وأبوظبي من جهة ثانية، إلى كشف حقيقة التدخل العسكري السعودي الإماراتي في اليمن منذ العام 2015 والذي سبق وحذّر منه زعيم حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي في أول خطاب له بعد 24 يوماً من شن التحالف “عاصفة الحزم”.
ففي 20 أبريل 2015 ألقى زعيم الحركة عبدالملك الحوثي خطاباً متلفزاً أكد فيه أن التدخل العسكري السعودي في اليمن هدفه “غزو واحتلال البلاد”، هذا التحذير الذي سخر منه حلفاء السعودية والإمارات من السياسيين اليمنيين في كل من حزب الإصلاح وبعض الأحزاب الأخرى، بات اليوم هو التحذير الذي يستشهد به هؤلاء الساسة في وسائل إعلامية عدة تعليقاً على التطورات في جزيرة سقطرى.
وفي مقابلة أجرتها قناة الجزيرة للسياسي في “حزب الإصلاح” خالد الآنسي والمقيم حالياً في تركيا، أكد الآنسي أن الإمارات تمارس احتلالاً واضحاً للأراضي اليمنية وتنتهك السيادة اليمنية، وأضاف أن جماعة الحوثي كانت تقول من البداية وتحذر من التدخل العسكري في اليمن وأن هدف هذا التدخل ليس لإعادة “الشرعية” وإنما لاحتلال الجزر والموانئ والسواحل اليمنية المهمة، مضيفاً أن الإمارات اليوم تثبت للجميع بأن كلام الحوثي صحيح وأنها بما تفعله في سقطرى تثبت ذلك وتؤكد أنها فعلاً “دخلت اليمن لاحتلاله وليس لاستعادة الشرعية وقتال المتمردين الحوثيين”.
تطاول إماراتي ضد “بن دغر وهادي” على الهواء
قناة البي بي سي البريطانية في حلقة نقاشية بشأن المستجدات في سقطرى بين “الشرعية” وأبوظبي، أجرت يوم أمس اتصالاً هاتفياً مع د. ابتسام الكتبي – رئيس مركز الإمارات للسياسات، وحين سألتها المذيعة “ما الداعي لإرسال الإمارات قوات عسكرية إلى سقطرى وهي ليست منطقة صراع مع الانقلابيين الحوثيين؟”، لترد عليها المسؤولة الإماراتية بسؤال استفز كل اليمنيين وكان بمثابة الصفعة التي وجهتها “الكتبي” لـ”الشرعية” ابتداءً من عبدربه منصور هادي إلى أصغر جندي يقاتل معه وفي صفه، حيث كان رد كالتالي: “ما الداعي لذهاب رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر إلى سقطرى، ما الداعي لذهابه هوه؟” وأضافت أن الإمارات هي من نفذت المشاريع في سقطرى وأنه بن دغر هو مجرد شخص ينتمي لحزب الإصلاح وجاء إلى سقطرى لتنفيذ أجندة لحزب الإصلاح”، إجابة المسؤولة الإماراتية كانت مستفزة لدرجة أن المذيعة نفسها استغربت من هذه الإجابة حيث ردت عليها بالقول: “انتي قلتي ما الداعي لقدوم رئيس الوزراء إلى جزيرة سقطرى أليس من الغريب أن تطرحي هذا التساؤل، أليس هو رئيس وزراء اليمن، كيف يمكن أن نسأل رئيس وزراء اليمن لماذا هو في بقعة جغرافية من البلاد التي هو رئيس وزرائها؟!!”.
الصفعة الثانية التي وجهتها المسؤولة الإماراتية ضد “شرعية هادي وحكومته” هي اعتبارها أن “الشرعية” الحالية ليست هي الشرعية التي دخلت الإمارات لاستعادتها وأن الحكومة هذه ليست الحكومة التي صدرت بحقها قرارات أممية بالسماح بعودتها إلى اليمن وإنما هي حكومة خالد بحاح.
أما الصفعة الثالثة التي وجهتها الدكتورة الكتبي هي وضع حكومة هادي في موقف محرج حين اعترفت أثناء الاتصال الهاتفي أن التواجد العسكري الإماراتي في سقطرى ليس خافياً على أحد وأن هذا التواجد هو بتنسيق مع الأمريكان والبريطانيين، وهو ما مثل اعترافاً صريحاً أن الأمر ليس بيد هادي وشرعيته ولا بيد بن دغر ووزرائه وأن الأمر قد حُسم بموجب علم الأمريكيين والبريطانيين بهذا التواجد.
وتأكيداً لما قالته المسؤولة الإماراتية من اعترافات كشفت أن التواجد الإماراتي العسكري في سقطرى وبقية الأجزاء اليمنية الهامة هو بعلم وموافقة الأمريكيين والبريطانيين وهو ما يعني أن الحرب ضد اليمن تقودها هاتين الدولتين، وتأكيداً أيضاً لما كان الحوثيون يحذرون منه مطلع العام 2015 من مساعي غربية للتواجد عسكرياً على اليمن والسيطرة على المنافذ الاستراتيجية والسواحل اليمنية المتحكمة بمنفذ باب المندب، يؤكد المستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، عبدالخالق عبدالله، أن اليمنيين “استيقظوا على سقطرى متأخرين”، وأن “الأمر محسوم منذ زمن بعيد يا سادة يا كرام”، في تصريح هو الأقوى والأكثر استفزازية للشعب اليمني كافة ويضع حكومة المنفى في أكثر المواقف إحراجاً أمام جماعة أنصار الله.
حكومة “بن دغر” ترد على استحياء
حكومة بن دغر وتماشياً مع حالة السخط العارمة في الشارع اليمني من تصريحات الإماراتيين أصدرت بياناً لم يتم نشره في الموقع الرسمي المستنسخ، لكن رئيس الحكومة بن دغر نشر البيان في صفحته على الفيس بوك، وعلى الرغم من التمادي الكبير الذي وصل به التعامل الإماراتي مع حكومة هادي لم يكن بيان حكومة بن دغر كافياً للرد على الإهانات الإماراتية حيث اكتفى البيان بالقول إن القوات العسكرية الإماراتية التي وصلت إلى سقطرى وسيطرت على المطار والميناء “ترى فيه الحكومة أنه أمر غير مبرر كون الإمارات متواجدة في جزيرة سقطرى بصفة مدنية منذ ثلاث سنوات”، في إشارة إلى أن التعزيز العسكري ليس له أي مبرر في سقطرى التي لا يوجد فيها من أنصار الله وتحظى بحالة من الأمن والاستقرار منذ عقود.
غير أن البيان الحكومي أشار إلى نقطة هامة وهي بمثابة اعتراف بأنها مسلوبة السيادة حيث ورد في البيان أن ما جرى “هو في الواقع انعكاس لحالة الخلاف بين الشرعية والأشقاء في الإمارات وجوهلها الخلاف حول السيادة الوطنية ومن يحق له ممارستها”.
الإمارات ترد: سيطرتنا عسكرياً على بلادكم لا شأن له بالسيادة
وفي بيان رسمي كان أكثر استفزازية للشعب اليمني وصفعة جديدة لحكومة هادي، ردت الإمارات على بيان حكومة “الشرعية” معتبرة إياه بأنه تصعيد من قبل “الإخوان المسلمين” الذين يقفون خلف “حملات مغرضة تستهدف الإمارات”.
وقالت الخارجية الإماراتية في بيانها إنها مستغربة من بيان بن دغر “والتصعيد الذي تناول دولة الإمارات، ودورها بشكل يخالف الواقع والمنطق، ولا ينصف الجهود الكبيرة التي تبذلها ضمن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم اليمن واستقراره وأمنه”.
كما استهجنت الإمارات ما وصفته بـ”إقحام موضوع السيادة الذي لا يمت للواقع الحالي بصلة، خاصة في ظل ظروف الأزمة الحالية، وتدرك دولة الإمارات الدور الذي يقوم به الإخوان المسلمين ومن يقف وراءهم في هذه الحملات المغرضة”، مؤكدة أن وجود الإمارات عسكرياً في كافة المحافظات اليمنية “المحررة” حسب البيان، يأتي في إطار مساعي التحالف لدعم “الشرعية” في هذه المرحلة الحرجة، مشيرة إلى أن الإمارات ليس لها أي مطامع في اليمن أي جزء منه وأنا ما تقوم به من خطوات في العديد من المحافظات اليمنية “إنما تأتي دعما لأمن واستقرار اليمن ومساعدة الشرعية والشعب اليمني”.
حكومة الإنقاذ تحمل “الشرعية” المسؤولية
حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء ومن قبل وزارة الخارجية اليمنية، حمّلت الرئيس المنفي عبدربه منصور وحكومته مسؤولية تدهور الأوضاع في المحافظات الجنوبية، لا سيما في محافظة أرخبيل سقطرى. وقالت حكومة الإنقاذ في بيان لها إن “حكومة الرئيس المنتهية ولايته تتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في المحافظات الجنوبية، والمناطق المحتلة، والتبعات المترتبة عن ذلك، علاوة على الأحزاب والأشخاص الذين تواطؤا وقاموا باستدعاء التحالف، وتسهيل مهمة دخولهم إلى البلاد”، مؤكدة إن أي تصرف بالأراضي اليمنية سواء من قبل أشخاص أو دول أجنبية يعد عملاً مداناً من قبل الشعب اليمني “في جنوب وشمال وشرق وغرب الوطن وسيواجه بكل قوة من قبل اليمنيين كافة، وحتماً سيخضع الأشخاص أو الاحتلال للملاحقة القانونية عاجلاً أو آجلاً”.
وأكدت حكومة الإنقاذ، أن ما تشهده محافظة أرخبيل سقطرى، “دليل صارخ على ما آلت إليه الأمور، في ظل تكريس المحتلين لوجودهم، وصولاً إلى حد ادعائهم من دون خجل، بتبعية الجزيرة لدويلة الإمارات”، واصفة ممارسات السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية “ممارسات استعمارية وقحة وتكرس وجودها الاستعماري في الجنوب وتنتهك سيادة الجمهورية اليمنية والتصرف بأراضيها وجزرها والعبث بها وكأنها ملكية تابعة لها”.