أزمة سياسية بين صنعاء والأمم المتحدة بعد مقتل “الرئيس الصمّاد”
المساء برس – خاص| تتكشف يوماً بعد آخر أن ثمة أزمة سياسية بين العاصمة صنعاء والأمم المتحدة بعد مقتل الرئيس الراحل صالح الصماد رئيس المجلس السياسي السابق في 19 أبريل الماضي بغارة جوية لطائرة بدون طيار أمريكية أثناء تواجده في مدينة الحديدة غرب اليمن.
وحسب مصادر سياسية في صنعاء فإن ثمة أزمة سياسية ظهرت على السطح مؤخراً بين صنعاء والأمم المتحدة بعد مقتل الصماد، مشيراً في حديث لـ”المساء برس” أن فشل المبعوث الأممي للمرة الثانية في زيارته العاصمة صنعاء، أقوى مؤشرات وجود أزمة سياسية تسببت بها واشنطن والسعودية باستهدافها الرئيس صالح الصماد.
وكان المبعوث الأممي قد وصل العاصمة السعودية الرياض عائداً من مسقط للقاء حكومة المنفى الموالية للرياض، بعد أن كان مقرراً أن يصل صنعاء أمس السبت إلى العاصمة صنعاء للقاء أنصار الله وحكومة الإنقاذ في إطار جولته الثانية الهادفة لإحياء جولة مفاوضات جديدة بين الأطراف، كما كان من المقرر أيضاً أن يكون المبعوث الأممي قد زار صنعاء السبت قبل الماضي غير أن سلطات صنعاء أبلغته اعتذارها عن استقباله نظراً لانشغال قيادات أنصار الله والحكومة والمجلس السياسي الرئاسي بمراسم تشييع الصماد، وقد وصل غريفيث الخميس الماضي إلى العاصمة العمانية مسقط والتي التقى فيها، حسب ما نقلته وسائل إعلامية، بالناطق باسم جماعة أنصار الله محمد عبدالسلام المتواجد في عُمان.
كما التقى غريفيث في مسقط بشخصيات قيادية في الحراك الجنوبي أبرزها رئيس الحراك الجنوبي فادي باعوم وجرى مناقشة السبل الكفيلة لإعادة مسار المفاوضات السياسية بما يعزز من تحقيق الحلول العادلة للقضية الجنوبية.
وحسب مراقبين في صنعاء فإن القوة الحقيقية الحالية هي التي يملكها أنصار الله وحلفائهم لكونهم المسيطرين على الأرض من ناحية ووضعهم العسكري القوي في مختلف الجبهات من ناحية ثانية، وتماسك المكونات السياسية المتحالفة مع أنصار الله والمؤتمر من ناحية ثالثة، كما أن استحواذ صنعاء على أكثر الأوراق قوة في هذه المرحلة، دفع بالمبعوث الأممي إلى السعي لإيجاد حل يتوافق مع الحقائق على أرض الواقع، وهو الأمر الذي دفعه إلى عدم اتخاذ ما يسمى بـ”المرجعيات الثلاث” كأرضية يتم على أساسها بناء جولة المفاوضات الجديدة كما كان يفعل خلفه اسماعيل ولد الشيخ.
ورصد “المساء برس” أكثر من تصريح لأكثر من مسؤول في حكومة المنفى على رأسهم وزير خارجية هادي، عبدالملك المخلافي، والذي ألمح في أحد لقاءاته للوسائل الإعلامية أن أي حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن “يجب أن يستند إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية في 2011 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، وهو ما يراه المبعوث الأممي الجديد بأنه محور الصراع في اليمن وأن هذا المحور لا يجب أن يكون أساساً لأي حل سياسي طالما وأن الخلاف بين الأطراف يتمحور حوله، وأن أي حل يجب أن يُبنى، ابتداءً، على التعاطي مع الفاعلين في الأرض.
وترى الأطراف السياسية كالإصلاح أن السبيل الوحيد لبقائها في السلطة هي في التمسك “بالمرجعيات الثلاث”، خصوصاً بعد أن شعرت هذه الأطراف أن السعودية لم تعد ترى في “المرجعيات الثلاث” أساساً للحل في اليمن خاصة بعد أن تجاوزت الحرب 3 سنوات دون تحقيق نتائج حقيقية ملموسة على الأرض ودون التمكن من إعادة “الشرعية” إلى صنعاء، فالسعودية ترى في الحرب أنها أنهكتها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فالتكلفة التي تتكبدها السعودية منذ اليوم الأول للحرب على اليمن فاقت التوقعات بالإضافة إلى أن قوة أنصار الله العسكرية قد تضاعفت مع تطوير قدراتهم العسكرية والصاروخية التي تطال اليوم العاصمة الرياض، بالإضافة إلى عدم قدرة السعودية على صد تقدم الحوثيين وقوات حكومة الإنقاذ في الأراضي السعودية الحدودية في كل من جيزان ونجران وعسير.
يضاف إلى ذلك رغبة الأمريكيين وحلفائهم تحويل الصراع في المنطقة العربية من صراع قومي: عربي- إسرائيلي إلى صراع طائفي: سني- شيعي، وضرب أي قوة تبزغ في المنطقة، عربية كانت أو إسلاميةً.
ويرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي عبدالباري طاهر أن هناك من يعتقد أن مقتل الصماد والتوسّع في جبهات القتال، والدفع بقوى جديدة، أنه سيكون كمقدمة لتحسين المواقع، بالنسبة للتحالف، وكسب المزيد من الانتصار العسكري؛ لفرض شروط التحالف “الاثنى عشري”، وإرغام “أنصار الله” على القبول بإملاءاتهم، ومن يعتقدون بهذا الاعتقاد يرون بأن التحرك الجديد للمبعوث الأممي، وتفاؤله بقبول الأطراف بالحل السياسي، حسب تصريحاته السابقة وطرحه في مجلس الأمن، هو الدليل على أن تصعيد التحالف العسكري بدءاً باغتيال الصماد سيعزز من وضع التحالف العسكري، مشيراً إلى أن هذا الاعتقاد خاطئ وغير صحيح.
وأضاف طاهر في مقال رصده “المساء برس” على موقع “العربي”: “صحيح أن المبعوث الأممي – في بداية تحركاته – كان متفائلاً، ولكنه أيضاً حذر من إقدام طرف من أطراف الحرب على خطوة معينة قد تعطل مساعي السلام، وربما كان يلمح إلى التحركات العسكرية في الساحل؛ لإسقاط مدينة الحديدة، والسعودية والإمارات عازمتان على ذلك”، وهو ما يقصد به الكاتب الصحفي أن استهداف الصماد كان خطوة من الخطوات التي حذر منها المبعوث الأممي والتي أقدم عليها التحالف ومن خلفه واشنطن.
كما يؤكد الكاتب أن إسقاط مدينة الحديدة المعطل والمحاصر ميناؤها لن يحسم الحرب، ولن تقتصر أضراره على جماعة أنصار الله وإنما ستطال ملايين اليمنيين، مشيراً إلى أن اتجاه رياح الحرب بعد مقتل الصماد تجد أمامها أبواباً مفتوحة كأبواب جهنم.