رسالة الحوثي المشفرة حذّرت منها مراكز دراسات غربية منتصف 2017
المساء برس – تقرير خاص| في منتصف يوليو العام الماضي نشر موقع ستراتفور الاستخباري الأمريكي تقريراً قال فيه إن الحوثيين وصالح في اليمن يشكلون تهديداً باستخدام الصواريخ الباليستية التي يمتلكونها.
وقال التقرير الذي نُشر بعنوان “الصواريخ تبقى سلاح الحوثي القوية” إن المهندسين اليمنيين استطاعوا تعديل الصواريخ التي يمتلكونها ويستفيدون من مخزونات هذه الصواريخ لتعزيز قدراتهم، مضيفاً بأن المعلومات التي تم الحصول عليها تؤكد بأن “الحوثيين وصالح” لم يتمكنوا من تصنيع صواريخ وأن ما يستخدم حالياً هي المخزونات الموجودة من قبل ومن الإمدادات الخارجية.
واستند التقرير الأمريكي في معلوماته إلى ما توصلت إليه مراكز دراسات كبرى أمريكية وأوروبية بأن الحوثيين تتعاظم قوتهم كلما طالت الحرب في اليمن، وهو ما ركز عليه زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير الجمعة في ذكرى مقتل زعيم الحركة (السيد حسين بدر الدين الحوثي).
حيث أوضح زعيم الجماعة أن “القدرات العسكرية للجيش واللجان الشعبية تتطور وأن على العدو أن يعي ذلك”، مشيراً إلى أنه “كلما استمر العدوان في حربه فإن قدراتنا العسكرية سوف تكبر وتتطور وتتعاظم”، كما تطرق إلى أن الوضع الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف “بات يستدعي تحرك شعبي واسع لوقف حالة العبث التي تمارسه هذه القوات بحق اليمنيين والعرض والشرف”، مضيفاً أن “حالات الاغتصاب في المناطق المحتلة حصلت وتحصل بشكل مستمر وهذا ما تحدث به بعض أبناء هذه المحافظات”.
كما خاطب الحوثي المواطنين أن “حالات اغتصاب وانتهاك أعراض في المحافظات المحتلة، ومن لم ينهض ويغضب لمواجهة ذلك فهو فاقد الكرامة والحرية وأصبح في عرف الشرع ديوثا”، فيما حذر في الوقت ذاته “قوى الغزو والمرتزقة”بالقول إن “انتهاك العرض ليس سهلاً وليس بسيطاً”، داعياً إلى “رفع حالة الجهوزية وتكثيف الجهود في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض والتحرك لحماية الشرف والكرامة”، وأضاف “المطلوب أن نكون أكثر وعياً وثباتاً وأن يتحرك الشباب إلى الجبهات لمواجهة العدوان”.
وبالعودة إلى الحديث عن التطور في القدرات العسكرية والتي بدا من الواضح تركيز زعيم الجماعة عليها وتكراراها مرتين في خطابه، نجد أن مراكز الدراسات الأمريكية سبق وأن حذرت منها منتصف العام 2017.
وعلى سبيل المثال ورد في تقرير “ستراتفور” الأمريكي فقرة وصفها مراقبون يمنيون بأنها في غاية الأهمية لكونها تحذر صانعي القرار في البيت الأبيض ودول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات استمرار الحرب في اليمن التي لم تؤدِ إلا إلى زيادة قدرات من وصفها التقرير “بالجماعة المتمردة” وقد ورد في التقرير أيضاً “وعلى الرغم من الجهود العسكرية التي بذلتها قوات التحالف بقيادة السعودية، والمدعومة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضدهم، لا يزال الحوثيون وحلفاؤهم يستخدمون الصواريخ البالستية، كما أنهم يدعون حتى بأنهم قاموا بتحسين قدرات تلك الصواريخ. ويمكن لهذا التطور، الذي يتم بدعم خارجي محتمل، أن يشكل خطوة نحو قدرات تنمية الصواريخ المحلية”، وهي إشارة تفيد بتخوف الغربيين من تطور قدرات اليمنيين العسكرية بفعل استمرار الحرب.
إن المخاوف من تعاظم قوة “أنصار الله وحلفائهم” أو بمعنى آخر القوى المناهضة للسياسة الغربية في المنطقة، بات أمراً مقلقاً بالنسبة لواشنطن التي أرادت إضعاف القوة العسكرية للجيش اليمني قبل الحرب وفشلت في تحقيق هدفها بل إنها دفعت بالعقول اليمنية إلى الاتجاه نحو الصناعات الحربية.
ومن اللافت أن السياسة الأمريكية في المنطقة، وهي سياسة هجومية “إما بشكل مباشر أو عبر حلفاءها في المنطقة” ضد مناوئيها أو ضد الدول التي تسعى واشنطن لإضعافها – كونها تهدد نفوذها وهيمنتها على المنطقة – هذه السياسة فشلت فشلاً ذريعاً بدءاً بحرب العراق وليس انتهاءً بحرب اليمن التي دخلت عامها الرابع قبل أقل من شهر.
ففي العراق حاولت أمريكا أن تقضي على الجيش العراقي فتدخلت بشكل مباشر عام 2003م فاختفى الجيش العراقي ولم يواجه قوات الاحتلال وتولت الجماعات المسلحة المناهضة للتواجد الأمريكي عمليات القتال وتنفيذ العمليات العسكرية ضد قوات واشنطن، ثم جاءت داعش وبدلاً من أن تنهك الجيش العراقي وتضعفه وتستنزفه كانت النتيجة عكسية حيث باتت القدرات القتالية وإدارة العمليات الحربية للجيش العراقي أكثر قوة وتدريباً.
وفي سوريا ظلت قوة الجيش العربي السوري هاجساً يؤرق واشنطن وحين حاولت إضعافه والقضاء عليه عبر تغذية حرب أهلية داخل سوريا واصطدامها بالجيش السوري ثم إنشاء تنظيم الدولة “داعش” الذي كان الهدف منه استنزاف قوة سوريا العسكرية، كل ذلك انعكس سلباً على النتائج التي كانت منتظرة بالنسبة لواشنطن وفرنسا وبريطانيا وبدلاً من أن يضعف الجيش السوري بات أكثر قوة من قبل واكتسب خبرات عسكرية وقتالية لم تكن موجودة لديه من قبل.
وفي اليمن بدلاً من أن تعمل الحرب على إنهاء الجيش اليمني بالكامل والقضاء على ترسانته العسكرية التي يعد جزء منها إرثاً من “الاتحاد السوفيتي” والتي كانت موجودة في الجنوب، بدلاً من ذلك كله بات الجيش اليمني أكبر قوة عسكرية في الجزيرة العربية كونه صمد أمام دول التحالف بكل ما تمتلكه من ترسانة عسكرية متطورة ودعم لوجستي واستخباري، وأكثر من ذلك أن حركة أنصار الله المناهضة للسياسة الأمريكية في المنطقة عملت على إضافة نوعية في الجيش اليمني وهي الصناعة العسكرية المتمثلة بالصواريخ الباليستية التي تضرب السعودية بشكل يومي لدرجة جعلت من السعودية نقل مقر انعقاد اجتماعات الساسة العرب من الرياض إلى إحدى مدن الشمال، خوفاً من صواريخ الحوثيين التي قد تطال مقر انعقاد القمة.
في الأخير يمكن التأكيد على أن رسالة زعيم الحوثيين في خطابه اليوم كانت واضحة لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات، وهي أنه في كل دقيقة تطول فيها الحرب على اليمن لا يقف اليمنيون مكتوفي الأيدي ويعملون على مدار 24 ساعة في عشرات المواقع السرية على تطوير القدرات العسكرية وهاهم قد دخلوا العام الرابع من الحرب بسلاح جديد (يمني 100%) إذ بدأ بشن غارات جوية على العمق السعودي.