الكشف عن تنظيم سري يعمل من داخل صنعاء ضد أنصار الله
المساء برس – تقرير خاص| أدت حادثة اختطاف أحد الصحفيين في العاصمة صنعاء إلى وقوع شبكة تنظيم سري تعمل ضد أنصار الله وسلطات صنعاء سراً من داخل العاصمة في شراك السلطات الأمنية.
هذا التنظيم الذي اتخذ من سلطة أحد المسؤولين المحسوبين على تيار حزب المؤتمر الموالي لطارق صالح، غطاء لممارسة أعماله، تبيّن من خلال ما كشفته التحركات الأولية لأجهزة الدولة أنه يعمل لتحقيق هدف واحد بشكل رئيسي وهو خلق صورة سيئة لدى المواطنين عن حركة أنصار الله وتصويرها على أنها جماعة تمارس السلب والنهب والتسلط والظلم بحق المواطنين متخذين من أسلحتهم الآلية التي يحملونها معهم ولباسهم المدني وسيارة هايلوكس موديل 2012 بدون أرقام كأدوات توهم من يراهم بأنهم ينتمون لأنصار الله “الحوثيين”.
قبل عدة أيام تعرض الصحفي رشيد الحداد لاختطاف بعد أن اعترضت سيارته في شارع الخمسين جنوب العاصمة صنعاء السيارة الهايلوكس نزل المسلحون من على متن السيارة وطلبوا من الصحفي العودة إلى مبنى مكتب وزارة الأشغال بمحافظة صنعاء.
كان الصحفي الحداد قبل ذلك قد انتهى من مساعدة أحد جيرانه حيث اتصل به بعد أن اعتقلته العصابة وطلبت منه مبلغ 7000 ريال للإفراج عنه، حيث تم اعتقاله من إحدى البنايات التي يجري بناؤها، وكان المعتقل هو العامل الوحيد الموجود في البناء قيد الإنشاء، وبعد اعتقاله لم يجد من ينقذه سوى الصحفي الحداد والذي بدوره وصل مبنى مكتب الوزارة وقام بدفع المبلغ الذي طلبه أحد أفراد العصابة الذي كان متواجداً حينها في مكتب الوزارة، وحين طالب الصحفي بسند رسمي للمبلغ رفضت العصابة طلبه وهو ما دفع بالصحفي إلى مخاطبة المتواجدين بأن ما يقومون به هو نصب واحتيال يُمارس ضد المواطنين باسم الدولة.
غادر الصحفي المبنى وبعد مسافة ليست بعيدة قام المسلحون باللحاق به عبر سيارة هايلوكس وأوقفوه وطلبوه منه العودة إلى المكتب، وأخبروه أن مدير المكتب هو من طلبه رؤيته، وعاد الصحفي الحداد معهم، لكن وبدلاً من أن تتوقف السيارة عند مبنى مكتب الأشغال أطالت السير على مسافة ليست ببعيدة وتوقفت عند منزل يقع خلف مكتب الأشغال وطلبوا من الصحفي النزول من السيارة وأخذوه باتجاه المنزل وقاموا بفتح باب يؤدي إلى سرداب وبدروم كبير مقسم إلى غرف متعددة، وتبين فيما بعد أن هذا البدروم عبارة عن معتقل تعتقل فيه العصابة فريستها وتبقيه في الداخل حتى يخضع لدفع المبالغ التي يطلبوها منه.
وبالمثل أيضاً فعلوا ذلك مع الصحفي الحداد الذي شعر فور إدخاله المنزل بأنهم سيعتقلونه وعلى الفور حاول إبراز هويته الصحفية وأخبرهم أنه يرأس تحرير صحيفة إلكترونية اقتصادية، وحسب رواية الحداد، بمجرد سماع أعضاء العصابة لمصطلح “اقتصادية” اعتقدوا بأنه صيد ثمين، حيث طلبوا منه مبلغ 200 ألف ريال مقابل الإفراج عنه وحاولوا التفاوض معه على المبلغ الذي وصل إلى 70 ألف ريال.
ويضيف الحداد إنه شعر بأن من سجنوه ويطالبوه بمبالغ باهضة للإفراج عنه ليسوا موظفين لدى الدولة وليسوا من جماعة أنصار الله كما كان يعتقد بقية المعتقلين الذين تفاجأ الحداد بوجودهم داخل المعتقل نفسه.
ولحسن الحظ لم يكن الصحفي الحداد منفرداً حين ذهب إلى مكتب الأشغال حيث كان إلى جواره على متن سيارته أحد المحامين والذي بدوره تواصل بجهة العمل التي يعمل لديها الصحفي الحداد وأبلغهم بما حدث، وبدورها تحركت جهة العمل معتقدة هي الأخرى أن ما حدث كان احتجازاً من قبل سلطة تنفيذية تتبع وزارة الأشغال وما إن وصلت أطراف من جهة عمل الصحفي الحداد إلى مكان احتجازه حتى كانت العصابة قد باشرت بالإفراج عنه بعد اتصالات تلقاها أحد أفراد العصابة من مسؤول سابق في مكتب الأشغال تبيّن في وقت لاحق أنه من يقف خلف هذه العصابة التي لا زالت تمارس عملها بشكل مستقل كما كانت تفعل في عهد هذا المسؤول.
وكان مدير مكتب الأشغال السابق يعتمد على هذا التنظيم بممارسة السلب والنهب على المواطنين والمراجعين والتجار وأي مواطن يرفض إجراءات المدير السابق غير القانونية والتعسفية يجد أمامه مجموعة من المسلحين بلباس مدني يأخذونه ويقتادونه إلى المعتقل، ومن الطبيعي أن يعتقد أي مواطن يتعرض لمثل هذا العمل أن من قاموا بسجنه هم “أنصار الله” اعتقاداً منه أنهم يتبعون اللجنة الثورية التي كانت تدير شؤون البلاد قبل تشكيل الحكومة والمجلس السياسي.
ووفقاً لشهادة الصحفي الحداد لـ”المساء برس” فقد تبين أن العصابة مارست أعمالاً ضد المواطنين لا يمكن أن تصدر إلا عن عصابة مافيا تتحرك وفق توجيهات تأتيها من مصدر تنظيمي أعلى، يوجه تحركات هذه العصابة لتحقيق هدف رئيسي وهو تشويه صورة أنصار الله لدى المواطنين.
وحسب الشهادات التي جمعها من المواطنين المعتقلين الذين استمع لهم الصحفي الحداد أثناء فترة احتجازه فقد قامت العصابة باعتقال أحد أصحاب المطاعم الراقية بعد أن رفض الطلبات الزائدة لأفراد العصابة من الوجبات الغذائية التي يأخذونها منه يومياً مجاناً، حيث رضي صاحب المطعم بتقديم وجبات الإفطار والغداء والعشاء للعصابة يومياً وبالمجان معتقداً أنهم يتبعون أنصار الله، وحين طلبوا منه ذات يوم بإعطائهم كمية وجبات بشكل “سفري” إلى جانب ما يأكلونه في المطعم، رفض صاحب المطعم طلبهم وعلى إثر ذلك قاموا باعتقاله.
شهادة أخرى دوّنها الصحفي من أحد المعتقلين وهو بائع حلويات محلية الصنع متنقل رأس ماله لا يتجاوز مبلغ الـ1000 ريال اعتقلته العصابة من الشارع، وطلبت لقاء الإفراج عنه مبلغ 7500 ريال، يروي الصحفي إن الضحية كان يبكي أمامه لعدم قدرته على توفير هذا المبلغ الكبير لتقديمه لهم.
ضحية أخرى هو صاحب عقار يجري بناؤه حالياً وبحجة رفع مخلفات البناء طلبت منه العصابة دفع مبلغ 2 مليون ريال كرسوم يدفعها بدون سند رسمي مقابل رفع المخلفات، ثم قامت العصابة ذاتها باعتقال مالك “بابور” بدون أي تهمة وحجزته في السجن وطلبت منه مقابل إخراجه القيام برفع 20 حملة من مخلفات البناء الذي أخذت العصابة من مالكه مبلغ المليوني ريال.
ويضيف الصحفي أنه لا يزال هناك الكثير من القصص والضحايا التي تعرضت لابتزاز هذه العصابة التي كانت تظهر أنها تتبع جماعة أنصار الله لا لشيء بل لقصد التشويه بصورة الحوثيين لدى المواطنين فيما هي بعيدة كل البعد عن الحركة بل إنها قد تكون تعمل لصالح التحالف إذا أثبتت التحقيقات ذلك.
وفور انتشار خبر اعتقال الصحفي رشيد الحداد في العاصمة صنعاء قبل عدة أيام سارعت مواقع إخبارية موالية للتحالف وتابعة للإصلاح بنشر الخبر زاعمة كالعادة أن الحوثيين قاموا باعتقال أحد الصحفيين.
السلطات في صنعاء تحركت على مستوى عالي فبعد أن وصل الخبر أن مسلحين لا يتبعون أنصار الله وليسوا موظفين في مكتب الأشغال بمحافظة صنعاء قاموا باختطاف الصحفي الحداد تحركت على الفور كل من (مكتب وكيل أول محافظة صنعاء حميد عاصم، ومكتب رئاسة الجمهورية، والاستخبارات العسكرية).
وعلم “المساء برس” من مصدر مطلع أن لعضو الوفد المفاوض القيادي في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ووكيل أول محافظة صنعاء حميد عاصم كان له الدور الأبرز في التحرك وتسهيل مهام جهازي الأمن القومي والسياسي للإيقاع بعناصر التنظيم الذي كان يعمل لحساب القيادي في المؤتمر مدير مكتب الأشغال السابق بالإضافة إلى تورط شيخ قبلي محسوب هو الآخر على حزب المؤتمر وله علاقة وطيدة بمحافظ صنعاء حنين قطينة، غير أنه لا توجد حتى اللحظة أدلة مؤكدة تثبت تورط هذا الشيخ ولا محافظ صنعاء بهذه العصابة، ووفقاً للمصدر فقد تمت صباح اليوم مداهمة المعتقل بشكل مفاجئ والإفراج عن جميع المعتقلين واعتقال أفراد العصابة الذين تم نصب الفخاخ لهم في نفس الموقع.
الصحفي رشيد الحداد تحدث لـ”المساء برس” عن دور وكيل المحافظة حميد عاصم بالقول إن ما قام به وكيل المحافظة يعد انتصاراً للصحافة اليمنية المهنية وما تكشفه من معلومات موثوقة، كما نقل الحداد عن وكيل المحافظة مخاطبته كافة المواطنين بعدم السكوت عن أي شخص يمارس انتهاكات سواء باسم الدولة أو باسم أنصار الله محذراً من السكوت عن مثل هذه الأمور التي تسيء لجماعة أنصار الله وعن هذه الجماعات التي تعمل لصالح التحالف مستغلة سكوت المواطنين المتأثرين بالشائعات التي يتم ترويجها في وسائل التواصل الاجتماعي الصادرة من مطابخ التحالف، حسب وصفه.