ماذا قال زعيم أنصار الله حول علاقتهم بإيران والموقف الروسي والحرب بالحدود؟
المساء برس : بعد مرور 3 سنوات على اندلاع العدوان، كيف تصفون وضع السعودية، من جهة، ووضع «أنصار الله» واليمن عموماً من جهة أخرى؟ ألم تصبح الحركة معزولة يمنياً، كما صرح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قبل أيام؟
بمرور ثلاثة أعوام منذ بداية العدوان الأميركي السعودي على دولة عربية مسلمة مستقلة اسمها اليمن، فإن الحديث ذو شجون وله جوانب كثيرة، في مقدّمتها مظلومية الشعب اليمني التي لا نظير لها في المرحلة الراهنة، والتي وصلت إلى درجة أن المؤسسات الدولية – الأميركية الهوى والولاء – ومنها الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، عُرِفَ عنها أنها صمّاء بكماء عمياء تجاه مظالم أمتنا.
وهي باتت اليوم تعترف بعظم مظلومية الشعب اليمني، وبأنها تمثل اليوم أكبر كارثة ونكبة على وجه المعمورة. فالاستباحة كانت السِّمة التي اتّسم بها العدوان الأميركي السعودي، لاطمئنانه تجاه المواقف الدولية والإقليمية أنها ستداهن لاعتباراتها المعروفة، وأيضاً لتجرّده من القيم الإنسانية، وأيضاً لفشله وإخفاقه في تحقيق أهدافه العسكرية بطريقة نظيفة، فعمد إلى الممارسات الوحشية ليجعل منها أسلوباً في عدوانه، آملاً أن يساعده ذلك في كسب المعركة وتحقيق هدفه في احتلال اليمن كل اليمن، فلم يتحرّج عن قتل الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين في المدن والقرى بطريقة وحشية تتّصف بالإبادة الجماعية، حيث استهدف الأسواق المزدحمة بالمتسوقين، واستهدف تجمعات المدنيين في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والعزاء وغيرها، واستهدف الأحياء المكتظة بالسكان، واستهدف المدارس والمساجد وغير ذلك. وقد نشرت وسائل الإعلام عندنا في اليمن، والحرّة منها في المنطقة، مشاهد موثقة تعبّر بنفسها عن حجم المأساة وفظاعة الجريمة، ومع ذلك لم يتحرك ضمير البعض حتى ليقول كلمة الحق تجاه مظلومية شعب من شعوب المنطقة، تربطه ببقية شعوب المنطقة كل الروابط الإنسانية والدينية والقومية والجغرافية.
وإلى جانب العدوان العسكري، لم يَقِلّ عنه العدوان الاقتصادي بالحصار الجائر الرامي إلى خنق أبناء شعبنا وتقييد حركتهم، بمن فيهم المرضى الهادفون إلى السفر حتى إلى بلدان أنظمتها متحالفة مع العدوان كمصر والأردن للعلاج، وفرض القيود على وصول الإمدادات والاحتياجات الضرورية الإنسانية كالغذاء والدواء والوقود، والمؤامرة على البنك المركزي، وضرب قيمة العملة، والسعي لتجفيف موارد المرتبات التي يعتاش عليها موظفو الدولة، وكل أشكال الاستهداف الرامية إلى تجويع الشعب اليمني، مع تدمير المصانع والكثير من المحلات التجارية والمنشآت الخدمية.
ومع كل ذلك، بقي شعبنا اليمني بكل أحراره من مختلف المكونات الحرة، وبجماهيره، صامداً وثابتاً بعون الله تعالى وتوفيقه ونصره، وساعياً إلى التصدّي للعدوان في كل أشكاله وجوانبه، بما أدهش قوى العدوان التي كانت واثقة من أن حجم العدوان وما ألحقه بالشعب اليمني كفيل بانهيار الشعب واستسلامه في غضون أسابيع.
ونجح شعبنا بالتماسك الداخلي سياسياً، فلم تنهر مؤسسات الدولة ولا البنية السياسية ولا المكوّنات الاجتماعية، وبالصمود عسكرياً في وجه شذّاذ الآفاق الذين أتت بهم قوى العدوان لغزو البلد من عشرات الدول من المرتزقة، جيوشاً وجماعات ومنظمات، وبوجه الآلة العسكرية والتقنيات الحربية الحديثة والإمكانات المتطورة التي أتى بها الأميركيون إلى المنطقة، ويديرون بها المعركة التي تستخدم فيها قوى العدوان الأسلحة المحرّمة دولياً، وبشكل مكشوف، وبشهادة الكثير من المنظمات، بما فيها منظمات غربية.
واليوم، بعد ثلاث سنوات، فإن شعبنا العزيز يقاوم بعنفوان وفاعلية كبيرة، ويتصدّى باستبسال وصمود عظيم لهذا العدوان الغاشم، ويطور قدراته العسكرية لدرجة أذهلت الأعداء الذين كانوا قد أعلنوا في بداية العدوان تدميرهم الكلّي للقدرات العسكرية لبلدنا، وإعلانهم ذاك موثق إعلامياً، فإذا بالنتيجة أنهم كلما استمروا في عدوانهم، ابتنت وتطورت قدرة بلدنا العسكرية، وكلما تآمروا عليه في الداخل، أسهموا بذلك في تصحيح وضعه الداخلي بشكل أفضل، وتنظيفه من بقيّة الخونة والمتربّصين، وإن شاء الله يتوفّق شعبنا لتحويل التهديد إلى فرص، والتحدي إلى إنجاز.
أما وضع السعودي، فهو بحماقته بهذا العدوان ورّط نفسه في متاهة أودت به نحو السقوط الأخلاقي والإنساني أولاً، ونحو الأزمات والمشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تتفاقم يوماً إثر يوم ثانياً، ومآلاتها بلا شك وخيمة عليه. وكما فشل في سوريا والعراق، كذلك النتيجة في اليمن والبحرين بإذن الله، فإرادة الله هي لمصلحة عباده المظلومين، والعاقبة للمتقين. أما السعودي، فهو في مرحلة الاستنزاف غير المسبوق من قِبَل من يعمل لأجلهم، وفي سبيل التقرب إليهم بكل شيء، وهو بنظرهم ليس أكثر من بقرة حلوب كما عبّر ترامب، يحلبونها حتى يجفّ ضرعها ثم يذبحونها، وهل هناك أسوأ من وضعٍ كهذا ومن مصير رُسمت معالمه ونهايته على هذا النحو؟! أما أنصار الله، فليست مشكلة العدوان تخصهم، بل هي مع الشعب اليمني بكله، وهم ليسوا منظمة منعزلة، بل هم تيار شعبي كبير مترابط مع بقية أبناء الشعب ضمن توجه واحد وموقف واحد، ومتى كان الشعب اليمني معزولاً يمنياً كما قال ابن سلمان؟! هذه مقولة فارغة.
معظم المؤشرات تفيد بتحضيرات يقوم بها تحالف العدوان لإطلاق عمليات عسكرية جديدة على الساحل الغربي، هل لديكم كـ«أنصار الله» التقديرات نفسها؟ وما هي استعداداتكم لمواجهة احتمالات من هذا النوع؟
المعركة في الساحل أتت برغبة أميركية، فمعروف عن الأميركيين تركيزهم الكبير على البحار والمناطق الساحلية، ومن المعلوم تركيزهم في المنطقة على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وهم يدركون الأهمية الجغرافية والاستراتيجية لها، وقد رأوا في العدوان الحالي على بلدنا فرصة ذهبية للسعي إلى السيطرة عليها بقناع سعودي وإماراتي، وقفّازات يمنية من خونة البلد ومرتزقتها. وفي الأيام الماضية، صدرت تصريحات عن عسكريين أميركيين تكشف طبيعة الدور الأميركي في معركة الساحل. ويهمّني أيضاً أن أوضح أيضاً التركيز الإسرائيلي على باب المندب والبحر الأحمر، وهذا معروف لدى الكثير من الباحثين والمراقبين للشأن الإسرائيلي، ونحن رصدنا أنشطة ومشاركة للإسرائيليين، منها في القصف الجوي في الساحل، ولهم أيضاً دور أساسي مع الضباط الإماراتيين في التخطيط وغيره من الأنشطة التي يشاركون فيها ضمن دورهم ومساهماتهم في هذا العدوان.
أما من جانب شعبنا اليمني، فلم تَزِدْه هذه العمليات من الغزاة إلا وعياً بحقيقة أطماعهم، وسوء أهدافها، وقناعةً بموقفه وحتمية مقاومته وجهاده ضد المعتدين الغزاة المحتلين، وهو ماضٍ في معركة التحرر والتحرير والاستقلال والدفاع عن حريته وكرامته واستقلاله وأرضه في كل ربوع الوطن، في الساحل وفي مختلف الجهات من شرق البلاد إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، ويسعى أيضاً إلى تحرير البلاد من المحتل بدعم أبناء المناطق المحتلة ومساندتهم إلى حين طرد المحتل الأجنبي إن شاء الله، ويوماً إثر يوم تتكشّف الحقائق لبعض المغفّلين الذين تورّطوا في الخيانة، أو كانوا حالمين وتائهين وراء السراب، يظنون أن الغزاة الأجانب أتوا فقط لخدمتهم والعناية بهم، واليوم ما هو الواقع لديهم؟ وصل الأمر لدرجة اعتقال بعض الذين يسمّونهم «وزراء»، وكذلك إخضاع عبد ربه للاحتجاز والإذلال، والاحتلال المكشوف والتحكم التام بالمطارات والموانئ والقواعد العسكرية والمنشآت النفطية والاقتصادية وغيرها في المحافظات الجنوبية من قبل الأجانب، وتحوّل أولئك العملاء إلى غرباء في بلدهم خاضعين للأجنبي المحتل بشكل كامل.
بالنسبة إلى الجبهة الحدودية مع السعودية، هل يمكن الحديث عن سيطرة دائمة وثابتة على مساحات من نجران وجيزان وعسير؟ وكيف تخططون لاستثمار إنجازاتكم على تلك الجبهة؟
هناك سيطرة مستمرة في الجبهات الحدودية للضغط على السعودي لوقف العدوان، وهناك أيضاً عمليات عسكرية للرد على جرائمه بحق شعبنا، وقد أسهمت العمليات العسكرية في جبهات جازان وعسير ونجران وظهران الجنوب في التصدي للعدوان بشكل كبير وفعّال، ووصلت إلى درجة انهيار تام للجيش السعودي في بعض المحاور، وتكبيده خسائر هائلة في قوته البشرية التي خسر منها الكثير من قادته وضباطه وأفراده قتلى وجرحى وأسرى، ووصل إلى درجة العجز عن المواجهة في أغلب محاور الحدود، وقد وثّق الإعلام الحربي مشاهد ممتازة لبطولات الجيش واللجان الشعبية في اقتحام المواقع العسكرية للجيش السعودي، ومطاردة ضباطه وجنوده، وتدمير معداته العسكرية.
ونشير هنا إلى أن كثيراً من منتسبي الجيش السعودي غير مقتنعين بالعدوان على بلدنا، وهذا واحد من أهم أسباب عدم تحمّسهم الكبير للقتال، وأما الأغبياء منهم المتحمّسون للعدوان فكانوا فاشلين في الصمود في المواجهة برغم أحقادهم وتكبّرهم، وقد سخر حتى مسؤولون أميركيون من ضعف القوة البرية السعودية. وتقييمنا نحن للوضع وحقيقة الأسباب هو هذا التصنيف الذي شرحناه. وأخيراً، عمد النظام السعودي إلى جلب مرتزقة من عدة بلدان، بينهم مرتزقة يمنيون وسودانيون وباكستانيون ومن دول متعددة، للتمترس بهم في الجبهات الحدودية بعد وصوله إلى الفشل الحقيقي والعجز التام في الاعتماد على جيشه في المعركة هناك، وهذا يدل على الفاعلية الكبيرة والنجاح المؤكّد لعملياتنا هناك، والله خير الناصرين.
على مستوى قدراتكم الصاروخية، هل نتوقع مفاجآت جديدة إذا طالت الحرب أكثر؟ وما هو المعيار الذي تُوقِّتون على أساسه ضرباتكم الباليستية؟
تطوير القدرات الصاروخية مستمر، باعتبارها قوة استراتيجية، ويداً طولى تطاول الأهداف البعيدة في عمق مناطق العدو، ولها الصدى والتأثير الكبير، وقد وصلت إلى الرياض وإلى منطقة أبو ظبي، والأهم في ذلك أنها نجحت في اختراق منظومة الحماية الأميركية التي كانت محطّ ثقة لديهم، ووصول «بركان 2» إلى قصر اليمامة في الرياض، وينبع بمسافة أبعد، وهو ما اعترف به الأميركيون أنفسهم. وأخيراً، أقاموا ــ غير مشكورين ــ معرضاً لصاروخ «بركان 2» في الولايات المتحدة، ومن الجيد لنا هذا القلق والتأثير ــ عندهم وعند أدواتهم في المنطقة ــ من قدراتنا الدفاعية التي نأمل بعون الله أن تصل يوماً ما في فاعليتها ودقتها وزخمها إلى مستوى الردع. فمن المهم لنا العمل بكل ما نستطيع للدفاع عن بلدنا وحماية شعبنا من قتلة الأطفال والنساء، ومن المهم بالنسبة إلينا امتلاك القدرة اللازمة لمواجهة كل معتد وطامع بأرضنا ومتكبر على شعبنا، وهذا حق طبيعي لنا، ولا سيما أنه اتضح أن هناك من يسعى وسعى فعلاً إلى تدمير بلدنا واحتلال أرضنا. أما توقيت الضربات فتتنوع أسباب التوقيت بين سياسية وعسكرية، وكذلك للانتقام للمدنيين إثر جرائم العدوان الكبيرة، والهدف واحد وهو السعي للضغط على المعتدين لوقف عدوانهم على بلدنا.
هل أنتم متفائلون بإعادة تنشيط المسار السياسي؟ وهل ثمة مبادرة جدية معروضة عليكم اليوم؟
لا توجد لدينا مؤشرات حالياً على توجه جادّ من جانب الخارج نحو الحل السياسي، مع وجود احتمال لقيام بعض التحركات كعملية تجميلية للوجه القبيح للأمم المتحدة، التي ظهر دورها على أنه منحصر في تأمين غطاء للعدوان، ومحاولة شرعنته وتبريره. فأحياناً تنطلق بعض التحركات والمساعي الخجولة والضعيفة والتصريحات (الإعلامية) للتغطية على التواطؤ السلبي والانحياز المفضوح إلى العدوان. والحقيقة أن أميركا وبريطانيا هما طرفان مستفيدان في العدوان، ويجنيان من خلاله مئات المليارات من الدولارات، إضافةً إلى مكاسب سياسية وجيوسياسية وغير ذلك، ولا رغبة لهما في وقف العدوان بعدما أصبح مصدراً مغرياً جداً للحصول على تلك المصالح.
ما سقف التنازلات الذي يمكنكم القبول به، خصوصاً في ما يتصل بالسلاح؟ بمعنى آخر: هل أنتم مستعدون لتسليم أسلحكتم، الثقي%8