سبق وكشفها المساء برس.. رويترز: السعودية تفاوض الحوثيين سراً
المساء برس – تقرير خاص| لجأت السعودية لمفاوضات سرية مع جماعة أنصار الله بشكل مباشر بعد قناعتها بعدم قدرتها على التغلب عليهم عسكرياً أو سياسياً أو باستخدام أوراق الضغط الاقتصادية، ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن دبلوماسيين ومصادر سياسية يمنية كشفهم أن السعودية وجماعة أنصار الله يجريان مفاوضات سرية في سلطنة عمان منذ شهرين.
وقال دبلوماسيان ومسؤولان يمنيان، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إن محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين تواصل بشكل مباشر مع مسؤولين سعوديين في سلطنة عمان بشأن حل شامل للصراع، حسب الوكالة التي نقلت أن أحد الدبلوماسيين أن “هناك مشاورات بين الحوثيين والسعودية دون حضور ممثل عن الحكومة المعترف بها دولياً، ومن الواضح أن هناك رغبة من الحوثيين ومن التحالف في السير نحو اتفاق شامل”.
وأضافت رويترز إن المصادر قالت إن “الاتفاق المأمول سيبدأ بهدنة لوقف القتال على جبهات المعارك في أنحاء البلاد على أن يؤدي في نهاية المطاف لتوقيع اتفاق سلام يتناول المصالح السياسية للأطراف المتحاربة”، مضيفة على لسان الدبلوماسيان إن “الحوار بين السعوديين والحوثيين يجري منذ قرابة شهرين”، مرجحة أن الحوار السري يهدف “إلى صياغة إطار عمل للتوصل إلى حل يتزامن مع وصول مبعوث جديد للأمم المتحدة إلى اليمن هو الدبلوماسي البريطاني السابق مارتن جريفيث الذي بدأت ولايته في المنصب يوم الأحد”.
رويترز تؤكد ما كشفه “المساء برس”
ما كشفته وكالة رويترز ليس بعيداً عمّا سبق وكشفه “المساء برس” في وقت سابق من هذا الشهر (5 مارس) حيث كشفت مصادر خاصة في صنعاء عن وجود وساطة عُمانية كويتية بشأن الملف اليمني والمفاوضات المقبلة بين أطراف الصراع في اليمن.
المصادر التي أكدت أنها على اتصال بوفد أنصار الله المتواجد حالياً خارج اليمن برئاسة محمد عبدالسلام المتحدث باسم الحركة، كشفت أن العاصمة العُمانية مسقط أبلغت الكويت عن تلقيها ردوداً إيجابية من أطراف الصراع في اليمن للقبول بهذه الوساطة التي تسعى لإقامة مؤتمر حوار شامل لجميع الأطراف اليمنية دون أي شروط مسبقة، مضيفة “أن الأطراف الخليجية المعنية بالأزمة في اليمن سيتم دعوتها للمشاركة في المؤتمر الذي سيتم فيه مناقشة كل الملفات والاطلاع على رأي كل طرف بهدف الوصول إلى إنهاء الصراع ووقف الحرب”.
وأكدت المصادر أن صُنّاع القرار في صنعاء أبلغوا الجانب العُماني استعدادهم تأمين إقامة هذا المؤتمر في صنعاء، غير أن جدلاً أثير بشأن ما نقلته المصادر حينها عن عدم ممانعة أطراف صنعاء في أن يحضر الرئيس المنتهية ولايته كمشارك في المفاوضات إلى صنعاء بمعية الأطراف السياسية الأخرى”، حيث تباينت ردود الفعل بشأن القبول بعودة هادي كمشارك في المفاوضات فقط، بين مؤيد ومعارض بشدة، ورافض للفكرة من أساسها، ويرى عدد واسع من قيادات أنصار الله أن مسألة عودة هادي إلى اليمن أمر لا مجال للتفاوض بشأنه “فهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً”، بعد تلطخ يده بدماء عشرات الآلاف من اليمنيين.
المصادر أوضحت أيضاً أن المعلومات الواردة من العاصمة الكويتية تفيد بأن هادي لا يزال مصراً على انسحاب أنصار الله من صنعاء عسكرياً وعودة حكومته إليها، وهو ما يرفضه المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ بشكل مطلق، لافتة أن الجانب العُماني يرى أن رفض هادي لعودته إلى صنعاء مع إبقاء العاصمة تحت سيطرة السلطات القائمة حالياً بهدف المشاركة في هذه المفاوضات، يشكل عقبة أمام إنجاح مساعي الوساطة العمانية الكويتية.
المصادر كشفت أيضاً أن المرتكزات الرئيسية في هذه الوساطة التي اتفق عليها الجميع هي الوضع الإنساني المدمر في اليمن ووقف الصراع المسلح، والحفاظ على وحدة الجغرافيا اليمنية كاملة وغير منقوصة السيادة، وأن الطرف الوحيد المعترض على نقطة الوحدة اليمنية هو المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً والذي يقترح إضافة “استفتاء انفصال الجنوب” ضمن النقاط الثلاث السابقة كشرط للقبول بالمؤتمر.
وفيما يتعلق بالجانب الخليجي أشارت المصادر أن وحتى اللحظة هناك إشارات بوجود موافقة مبدئية من قبل أبرز دولتين رئيسيتين في التحالف هما السعودية والإمارات شريطة أن يكون بإشراف الأمم المتحدة، والتي بدورها دفعت بمندوبها الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث والذي أصبح على علم واطلاع بالوساطة العمانية الكويتية، وبعد المعلومات التي كشفتها رويترز فإنه من الواضح أن غريفيث كان حاضراً بشكل مباشر أو غير مباشر في المفاوضات غير المعلنة بين أنصار الله والسعودية مباشرة.
ويرى مراقبون أنه من المنطقي جداً ألا يكون هادي في الصورة القادمة سواءً على مستوى المفاوضات السياسية أو المستقبل السياسي لليمن، بالنظر إلى عدم فاعليته في المشهد وخاصة بعد أن أصبح خاضعاً للإقامة الجبرية من قبل السعودية التي ستعمل على استخدام ورقة “الشرعية” والاعتراف الدولي بحكومته وتتحدث باسمه حسب رغبتها.
“اعتراف سعودي بعدم تبعية أنصار الله لإيران”
وتزعم السعودية أن جماعة أنصار الله تتحرك حسب الإملاءات الإيرانية، كما تتهم الحركة أنها تعمل لصالح إيران بهدف توسيع نفوذها في الإقليم، لكن اتهامات السعودية لا تزال مجردة من أي دلائل حقيقية تثبت صحة تلك المزاعم التي ترفضها المنظمة الأممية حتى اليوم.
ويرى سياسيون إن لجوء السعودية للتفاوض مع حركة أنصار الله مباشرة وبشكل سرّي، هو اعتراف صريح بعدم صحة المزاعم التي سعت السعودية ذاتها للترويج لها من أن الحركة تابعة لإيران، مشيرين في حديث لـ”المساء برس” إلى أنه “لو كانت ادعاءات السعودية صحيحة لكانت ذهبت للتفاوض والتفاهم مع الإيرانيين أنفسهم مباشرة وبشكل سرّي”، مضيفين: “لكن لأنها تدرك أن ما تروج له في إعلامها مجرد شائعات تغطي بها وتشرعن لجرائمها في اليمن، فقد ذهبت للتفاوض مع أصحاب القرار أنفسهم وفد أنصار الله”.
“مسؤولوا المخابرات الأمريكية يُجمعون: إيران لا تستطيع السيطرة على الحوثيين”
وكشف معهد أمريكي معني بالدراسات السياسية عن اعترافات صريحة لجميع المسؤولين الاستخباريين في واشنطن تفيد بأن إيران لا تستطيع السيطرة على جماعة أنصار الله في اليمن.
ونقل المعهد الأمريكي للدراسات السياسية عن مصادر في الاستخبارات الأمريكية أن كافة المسؤولين في جهاز الاستخبارات يتفقون جميعاً على أن إيران لم تستطع السيطرة على حركة “أنصار الله”، ولا التأثير عليهم ولا على قراراتهم.
وقال المعهد في تقرير تحليلي أخير عن اليمن نشره على موقعه في الإنترنت وترجمة “المساء برس” أن حركة “أنصار الله” التي وصفها المعهد بـ”ذات التوجه الشيعي”، لطالما امتلكت علاقات متينة مع إيران، لكنها لم تكن أبداً قريبة لدرجة أن تكون وكيلة أو عميلة للإيرانيين، مستشهداً بالمعلومات التي حصل عليها والتي أثبتت، حسب التقرير، أن إيران حاولت الضغط على مقاتلي “أنصار الله” وإقناعهم بعدم اقتحام العاصمة صنعاء عام 2014، لكنها – أي إيران – فشلت وتجاهل الحوثيون كل نصائحها.