ما الذي حدث قبل أزمة الغاز الأخيرة ولماذا حدثت الآن؟
المساء برس – تقرير خاص – يحيى محمد| أدى ظهور أزمة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في كافة أرجاء المحافظات اليمنية، وليس فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ، إلى التساؤل عن أسباب افتعال الأزمة في هذا التوقيت تحديداً والذي سبقه أحداث مهمة في الشارع الجنوبي.
ومن خلال تتبع الأحداث التي شهدتها المحافظات الجنوبية يمكن القول إن هناك ارتباطاً وثيقاً بالأزمة الحالية المفتعلة وأحداث المحافظات الجنوبية التي وقعت وبدأت تتصاعد قبل الأزمة.
وكان لافتاً انشغال الشارع الجنوبي بتصاعد الحديث عن النشاط الإماراتي المتزايد في السواحل والجزر اليمنية والتوسع في السيطرة على محافظة حضرموت بذريعة محاربة تنظيم القاعدة الذي كشفت تقارير سابقة نُشرت في “المساء برس” عن وجود تخطيط أدارته الاستخبارات الإماراتية بشكل مسبق مع تنظيم القاعدة، وهو التخطيط الذي هدف لنشر عناصر القاعدة وإعادة توزيعها في المناطق الشمالية الشرقية للمحافظة بالتزامن مع حملة عسكرية للقضاء عليهم، فيما كانت الحقيقة أن الحملة هي للسيطرة على ما تبقى من مساحات ومعسكرات المحافظة الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الموالي لحزب الإصلاح والرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي.
ويمكن للمتتبع للأخبار التي تداولها الإعلام اليمني الرسمي بشقيه الموالي للتحالف والموالي لحكومة الإنقاذ وأنصار الله وكذا الإعلام غير الرسمي والحزبي أيضاً يجد تزايد الحديث عن “الاحتلال الإماراتي” للجزر اليمنية والسيطرة على السواحل والموانئ وباب المندب، وتزايد السخط المجتمعي في المحافظات الجنوبية عن الدور الإماراتي الذي بات يمارس احتلالاً علنياً للأراضي الجنوبية.
من الأحداث اللافتة والمهمة أيضاً والتي حدثت قبل اشتعال أزمة الغاز من جديد، ما حدث في محافظة مأرب من استهداف الطيران الحربي التابع للتحالف لأكثر من مرة قوات هادي والإصلاح في كل من جبهتي صرواح ونهم، وأن القصف الذي حدث لم يكن خطئاً وكان مقصوداً بهدف إضعاف قوات الإصلاح في مأرب وفقاً لرغبات إماراتية بحتة تمهّد للسيطرة على مأرب على غرار سيطرتها على المحافظات الجنوبية.
قبل الأزمة الأخيرة أيضاً تصاعدت الأصوات المطالبة بإيقاف التدخل العسكري للتحالف في اليمن وبدأ البعض بالدعوة للعودة إلى الداخل والتفاوض فيما بين الأطراف المتصارعة كمفاوضات وتفاهمات يمنية يمنية، والاعتراف علناً أن التحالف أصبح احتلالاً لليمن وانحرافاً عن الأهداف التي تدخل من أجلها وهي إعادة ما يسمى “الشرعية” إلى صنعاء وإنهاء الانقلاب.
قبل الأزمة أيضاً تصاعدت عمليات الاغتيال السياسي ضد قادة عسكريين جنوبيين ورجال دين بارزين يتم تصفيتهم بهدف إخلاء الساحة أمام الإمارات وحلفائها الذين يبدو أنهم “مستعدين لبيع أي شيء”، حسب وصف البعض، مقابل أن تمنحهم الإمارات دوراً سياسياً مستقبلياً ولو شكلياً، بينما تستخدمهم أبوظبي لتحقيق أطماعها وأهدافها التوسعية التي بدأت تتضح جلياً وتعلن عنها رسمياً ببقائها في اليمن حسب ما تراه هي من احتياج لذلك.
قبل الأزمة تزايد السخط الشعبي شمالاً وجنوباً ضد حكومة هادي غير المعترف بها شعبياً والمعترف بها دولياً بسبب عجزها عن عمل أي شيء بخصوص الإجراءات التعسفية التي اتخذتها السعودية بحق المغتربين اليمنيين الذين طردت منهم مئات الآلاف مؤخراً واكتظت سجونها بهم.
كل ما حدث كان كفيلاً بإحداث انتفاضة شعبية في المحافظات الخاضعة لسيطرة قوات التحالف ضد القوات الإماراتية والقوات اليمنية التابعة لها وغير الخاضعة لسلطة مأرب، وفيما يبدو فإن التحالف استشعر الخطر الذي بدأ يتصاعد ضده وضد ما تعتبرها السعودية والإمارات من مشروعية لتدخلها العسكري في اليمن، وسعى لافتعال أي أزمة تشغل الشارع اليمني وتلهيه وتبعد الأنظار عمّا يشكل خطراً على بقاء تدخلها في اليمن واستمرار مخططها التوسعي الرامي لنهب مقدرات اليمن من مخزون نفطي وغازي من ناحية والتحكم بالمجال الحيوي “الجغرافي والسياسي” لليمن بكونها واقعة على أحد أهم ممرات العالم المائية.