صنعاء تقدم تنازلات سياسية إكراماً للمبعوث الجديد وإسقاطاً لذرائع التحالف
المساء برس: تقرير خاص| في الوقت الذي يصور التحالف بأن الحل باليمن “معقد جراء ما وصفوه بـ”تعنت الحوثيون ” ظهرت على السطح مبادرات من شأنها أن تزيل هذا اللبس الذي يحاول التحالف تصويره للمجتمع الدولي بشأن الوضع في اليمن.
كانت أولى تلك التحركات الرامية لإيقاف نزيف الدم اليمني، مبادرة الرئيس الأسبق علي ناصر محمد والذي قدم مقترحاً لمبادرة جديدة لحل الأزمة في اليمن ووقف إطلاق النار، وأعلن عنها في كلمة له ألقاها أمام مؤتمر فالداي الدولي للحوار الذي استضافته روسيا الاتحادية الأيام القليلة الماضية وشارك فيها وزيرا الخارجية الروسية والإيراني وعدد من الدبلوماسيين والساسة في الشرق الأوسط.
ودعا ناصر الأطراف اليمنية لوقف إطلاق النار في اليمن وتوفير مناخ سياسي ملائم للحل، وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة توافقية من كافة المكونات السياسية كما تضمنت تفاصيل المبادرة “تشكيل لجان عسكرية محلية وإقليمية ودولية لجمع السلاح الثقيل والمتوسط من الجماعات المسلحة وتسليمها ليد وزارة الدفاع” كما تضمنت دعوة لاطلاق الحوار بين كافة المكونات السياسية والاجتماعية للتوافق على شكل الدولة الفيدرالية وقيام الدولة الاتحادية من إقليمين، وتشكيل لجنة دستورية لتنقيح المشاريع الدستورية المطروحة، وطالب بتشكيل لجنة انتخابية لوضع الأسس للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لتجنب المجابهات العسكرية مجدداً، وبعقد مؤتمر دولي لتمويل وإعادة إعمار مادمرته الحرب.
هذه المبادرة لاقت ترحيباً من قبل حركة أنصار الله وشخصيات سياسية جنوبية لها تأثير في الشارع الجنوبي، في حين لم تعلق دول التحالف وعلى رأسها السعودية والإمارات على تلك المبادرة، فيما لا تزال “الشرعية” بلا موقف حتى الآن.
لحقت مبادرة علي ناصر محمد، مبادرة أخرى لكن هذه المرة من قبل الطرف الذي يتهمه التحالف بعرقلة الحل السياسي، حيث قدم رئيس اللجنة الثورية العليا التابع لإنصار الله محمد علي الحوثي، مبادرة إلى الإمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي تحت عنوان “مبادرة لإنهاء المآسي التي جلبها العدوان على اليمن”، وقد تضمنت عناوين مبادرة الحوثي “تشكيل لجنة مصالحة و الإحتكام لصندوق الإنتخابات لانتخاب رئيس وبرلمان يمثل كل الشعب وقواه السياسية ووضع ضمانات دولية لبدء الإعمار وجبر الضرر ومنع أي اعتداء من دول أجنبية على اليمن وإعلان عفو عام وإطلاق المعتقلين لكل طرف ووضع أي ملف مختلف عليه للاستفتاء”
مبادرة، كما وصفها مراقبون، تعتبر بمثابة البساط الذي يمهد للمبعوث الأمممي الجديد لتسهيل مهمته في إيجاد حل سياسي للخروج من دوامة الحرب، بالإضافة إلى أنها “تعد بادرة لحسن النوايا من أطراف صنعاء، هذا إن كان المجتمع الدولي والأمم المتحدة صادقون في إيجاد حل سياسي”، كما أن هذه المبادرة تضع دول التحالف في موقف محرج بالنظر إلى أن تبريرات السعودية والإمارات في المحافل الدولية والدول العشر تتركز في إلقاء اللوم على حركة أنصار الله والزعم أنهم يرفضون تقديم أي تنازلات سياسية، أما بعد مبادرة الحوثي فالأمر مختلف ، لأنه رمى الكرة بملعب مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالتزامن مع تعيين المبعوث الأممي الجديد البريطاني مارتن جريفيتس.
ويرى سياسيون “ان مبادرة الحوثي وعلي ناصر محمد” عملت على تحريك المياة الراكدة، في الوقت الذي قامت الأمم المتحدة بتعيين مبعوث جديد لها باليمن ” وهو المبعوث الثالث منذ 2011، وتعتبر المبادرتين بمثابة بداية الطريق التي تمهد للحل السياسي، كونها زالت الكثير من العوائق، حيث اتفقت المبادرتين عن إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية وإيقاف الحرب، وهو ما تنادي به الأمم المتحدة والتحالف.
لكن بعد المبادرتين خرج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في حديث جديد لعرقلة أي حلول سلمية وإعاقة عمل المبعوث الدولي الجديد منذ البداية إذ أكد الجبير، أن “الملف اليمني شائك”، لافتاً إلى أن “الحوثيين قوضوا أكثر من مرة جهود الحل في اليمن”، جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الدولي لدول الساحل G5.
مراقبون اعتبروا حديث الجبير مؤخراً كان بمثابة قطع الطريق أمام اي حل سياسي، لاسيما بعد مبادرة الحوثي، واضافوا “كلام الجبير يعتبر اعتراف ضمني بأن السعودية تعرقل اي تواصل لأي حل سياسي وكان الاجدر بها أن تتعاطى مع مبادرة الحوثي لكنها دائما تعمل على عرقلة الحل السياسي من أجل استمرارها في الحرب في بلد أصبح يشهد أكبر أزمة إنسانية في التاربخ المعاصر” حسب قولهم.
ويبقي منحى المسار السياسي متأرجحاً ومسدوداً في ظل الحديث عن كثرة اللقاءات من جنيف إلى الكويت إلى مسقط وفي ظل الحديث ايضا بأن الخروج من دوامة الحرب لن تكون سوى بالحل السياسي، لكن ما هو واضح أن التحالف بقيادة السعودية لا تريد ذلك.