زراعة القمح ومساعي أنصار الله للاكتفاء الذاتي “جبهة جديدة أمام الحصار”
المساء برس – متابعة خاصة| تستورد اليمن سنوياً نحو3ملايين طنا من القمح وما يقارب 750الف من الذ رة الشامية وأكثر من 159الف طن فول الصويا المستخدم كأعلاف للدواجن وتقدر تكلفة الاستيراد للحبوب بمليار و800مليون دولار سنويا فهل سننتقل تدريجياً من الاستيراد إلى الإنتاج في العام الجديد هذا ما ستكشفه تفاصيل التقرير التالي:
البداية مع المهندس /أحمد الخالد المدير التنفيذي للمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، والذي أشار إلى أن البرنامج الوطني لزراعة القمح أسس في العام 2008م كمشروع استراتيجي لليمن، وكان يتركز على ثلاثة محاورة: شراء البذور من المزارعين، وزراعة الأرض، والدعم بالآلات والمعدات الزراعية، ولم ينفذ منها سوى محور واحد فقط، وهو قيام المؤسسة الاقتصادية بشراء بعض البذور من بعض المزارعين وفي حدود مبلغ200 مليون ريال فقط.
وحول تجربة البرنامج أفاد الخالد، في حديث لوكالة الصحافة اليمنية أن البرنامج تم استيحاؤه من التجربة السورية التي تعد من التجارب الناجحة، التي مكنت سوريا من تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، وتحولت بعد ذلك إلى دولة مصدرة.
تفاصيل كثيرة تعكس جور الوصاية الخارجية ودور عملاء الخارج في إعاقة أي جهود لتنمية في اليمن ، فالبرنامج الذي كان نتيجة مبادرة أطلقها أكاديميون في جامعة صنعاء، عملوا لسنوات على تحويلها إلى واقع ، تأسس عام 2008م بقرار من رئيس الوزراء علي محمد مجور حينذاك، تأسيس البرنامج حينذاك كان من أهم دوافعه ن ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية وتأثير على الوضع الاقتصادي والمعيشي في اليمن، والذي يعتمد على واردات القمح من الخارج بنسبة %90، ونتيجة لتلك الارتفاعات التي أثرت على الموازنة العام للدولة، وتسببت في ارتفاع فاتورة القمح المستورد من الخارج ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعاره في السوق اليمني ، مما أثار موجة سخط في أوساط المواطنين في تلك الفترة، حينها أعلنت حكومة مجور اعتزامها الاتجاه نحو زراعة القمح في الداخل ، وفي نفس العام صادف أن ارتفعت عائدات الدولة من مبيعات النفط الخام المصدر، حيث ارتفع سعر برميل النفط حينذاك إلى قرابة 160دولاؤ ، وارتفعت احتياطيات اليمن من العملة الصعبة في عام 2008م إلى 8مليارات دولار، ما شجع الحكومة على الدفع بشروع البرنامج الوطني لدعم مزارعي القمح.
“إجهاض المشروع”
بعد إقرار البرنامج من قبل الحكومة، تعرض للإهمال ثلاثة أشهر قبل أن تعلن الحكومة عن أهدافه وتحدد مسار عمله، حيث ارتكز البرنامج على محاور ثلاثة: شراء البذور من المزارعين، وزراعة الأرض ، والدعم بالآلات والمعدات الزراعية ، إلا أن السفارة الأمريكية تدخلت في الأمر ومارست ضغوطا سياسية كبيرة على حكومة مجور، ليتوقف البرنامج عن زراعة الأرض، ودعم المزارعين بالمعدات الزراعية واكتفى البرنامج بقيام المؤسسة الاقتصادية بشراء بعض البذور من بعض المزارعين وفي حدود مبلغ وقدره 200 مليون ريال، وهو مبلغ متواضع لا يساعد على النهوض بزراعة محاصيل الحبوب الرئيسية في ظل المنافسة الكبيرة للمنتجات الخارجية.
يضاف إلى ما سبق فقد أجهض المشروع بقرار سياسي تجاوز حكومة مجور تنفيذا لضغوط خارجية مورست على البلد، رغم أن المقومات الأساسية للمشروع كانت موجودة متمثلة في الأرض والمياه.
يقول الخالد في “في تلك الفترة كانت قيادة البلد تستجيب لسياسة الأمريكية وللسفير الأمريكي الذي كان يتحكم في القرار السياسي اليمني، ولا يخفى على الجميع أن السفير الأمريكي كان لديه مندوب في كلية الزراعة بجامعة صنعاء “وقد شاهدت ذلك بنفسي عندما كنت في كلية الزراعة جامعة صنعاء، عند دخولي إلى قسم الأصول الوراثية ووجدت شخص أجنبي في ذلك القسم وعندما سألت عنه قالوا لي هذا مندوب السفارة الأمريكية، إذا ماذا كان يعمل هذا المندوب في كلية الزراعة؟ هذا يؤكد أن الأمريكيين كانوا يتدخلون في سياسات وتوجهات الدولة بكل تفاصيلها.
“ولادة جديدة باسم جديد”
بعد ثورة 21سبتمبر2014م انتهى عصر الوصاية الأجنبية على اليمن، وباتت زراعة القمح والحبوب والاهتمام بالجانب الزراعي خيار استراتيجي وأساسي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث تم إنشاء كيان مماثل للبرنامج، ولكن بإرادة وطنية لا تقبل أي تدخلات خارجية، ففي العام 2016 أصدر رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي القرار رقم(366) لسنة 2016م والذي قضى بإنشاء المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب.
المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب الوليدة، بدأت من حيث انتهى البرنامج الوطني لزراعة الحبوب، وتمت الاستفادة من كافة الإشكاليات التي اعترضت مهام البرنامج، وعوضا عن قيام البرنامج بدعم المزارع من خلال شراء منتجه، تولت المؤسسة دعم المزارع من خلال تخفيض كلفة الإنتاج، كي يستطيع الإنتاج ومنافسة القمح والحبوب المستوردة من الخارج، وجاء ذلك بعد تشخيص المشكلة التي تواجه المزارع اليمني، حيث اتضح أن المزارع يعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج مقابل تكلفة الاستيراد وشراء المنتج المستورد من الخارج فمثلاً يقوم المزارع بالري بالغمر وهو ما يرفع تكاليف الإنتاج مقارنة بالقمح المستورد والذي يعتمد أحدث التقنيات في كافة مراحل الإنتاج، الأمر الذي يؤثر سلبا على زارعة القمح وقدرة المزارع اليمني على المنافسة.
ووفقا للمدير التنفيذي للمؤسسة فإن مهمة المؤسسة تنصب على التدخل لتخفيض تكاليف الإنتاج، من خلال إدخال التقنيات واستخدام الطرق الزراعية الحديثة.. فإذا وجد المزارع مصدراً للمياه ومكنة حديثة، ووسائل متطورة، ومكافحة متكاملة، ستنخفض تكاليف الإنتاج إلى النصف تقريباً، وستكون تكلفة الإنتاج للمزارع للكيس الواحد من 3000 – 4000 ريال، وبذلك يستطيع المزارع أن يربح وينافس الحبوب المستوردة من الخارج.
“مشاريع المؤسسة”
لدى المؤسسة ثلاثة مشاريع في الجوف لدعم المزارعين بالحراثة، وتقوم تلك المشاريع على أساس قيام المؤسسة بحراثة الأرض، على أن يقوم المزارع حال الحصاد بسداد ما عليه من أجور الحراثة من محصول الحبوب، كما أن هناك مشروع آخر لتقليل تكاليف الإنتاج، أطلق عليه مشروع “توفير” ويهدف المشروع إلى تخفيض تكلفة الإنتاج عن طريق التقليل من تكلفة المحروقات التي يستخدمها المزارع إلى %30، وذلك من خلال إيجاد بدائل منها سحب الماء بواسطة تقنية “دينمو وغطاس”، وهذه التقنية تكلف بحدود 700000 – 800000 ريال، تقوم المؤسسة بالتدخل بنسبة %50، من قيمة هذه التقنية على أساس أن يعيدها المزارع في شكل محصول حبوب، هذه الخطوة ستقلل تكاليف الإنتاج على المزارع في جانب المحروقات ، حيث سينخفض استهلاك الديزل من 12برميل إلى 8براميل، وهي عملية أولية لتهيئة لعمل مشروع الري بالطاقة الشمسية.
وهناك لجنة تابعة للمؤسسة لإعداد دارسة جدوى في محافظة الحديدة، وتجهيز أراضي للقطاع الخاص، ولدينا بحدود 10ألف هكتار يتم تجهيزها للاستثمار مع القطاع الخاص لزراعة الذرة الشامية.
كما بدأت المؤسسة في تهامة بمحافظة الحديدة باستلام أراضي، وإعداد مساحات كبيرة لتقديمها للمستثمرين من القطاع الخاص بالاشتراك مع المؤسسة، سيما وأن قرار إنشاء المؤسسة، خول لها القيام بعمل مشاريع مشتركة مع القطاع الخاص بحيث لا تتجاوز نسبة مساهمة القطاع الخاص %49من رأس مال أي من تلك المشاريع.
“خطط المؤسسة”
تخطط المؤسسة للبدء بتغطية المحافظات الرئيسية الجوف والحديدة باعتبارها محافظات مهيأة لزراعة الحبوب على نطاق واسع، ثم الانتقال إلى المحافظات الأخرى ن كمحافظة ذمار وصعدة وعمران وأجزاء من محافظة إب ، وهناك خطط مستقبلية للمؤسسة لزراعة مساحات كبيرة بعدة محاصيل منها :الذرة الشامية والذرة الرفيعة ، إلى جانب برامج أخرى لدعم المزارعين بالتقنيات الحديثة.
وتسعى المؤسسة إلى زراعة أراضي واسعة في الحديدة لم تستغل من قبل، سيتم وزراعتها بالذرة الشامية، وصولا لتحقق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول، ومن المتوقع أن توفر ما قيمته 165مليون دولار، وهي تكلفة استيراد 750ألف طن من الذرة الشامية سنويا من الخادر، وتبدأ خطط المؤسسة بزيادة الإنتاج بحدود %5في السنة الأولى 2018والسنة الثانية إلى%15، ولتحقق زيادة خلال العام الحالي والقادم بنسبته%30.
“أكثر من عائق”
يؤكد المدير التنفيذي للمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب أن أمام المؤسسة أكثر من عائق حال دون أن تقوم بعملها كما يجب في الفترة الماضية، فمنذ إنشاء المؤسسة في يوليو2016م لم تحصل على الموارد المالية المخصصة لها لتبدأ عملها ونشاطها إلا في بداية أغسطس الماضي، يضاف إلى قيام وزيرا الزراعة بشن حرب على المؤسسة، حيث قام خلال الفترة الماضية بإرسال 40مذكرة إلى الجهات الحكومية التي تتعامل معها المؤسسة، طلب منها عدم التعامل مع المؤسسة، كذلك وبالرغم من أن قرار إنشاء المؤسسة قد أعطى المؤسسة الأولوية في أراضي وعقارات الدولة المخصصة لزراعة الحبوب والتي مضى على عدم زراعتها عامين، وهو ما رفضه وزير الزراعة، كما رفضت مؤسسة إكثار البذور تزويد المؤسسة ب40طن من البذور، بسبب توجيهات وزير الزراعة بعدم التعامل مع المؤسسة، ولم نستطع الحصول على البذور إلا عن طريق مكتب الزراعة.