محمد زمام بديلاً للقعيطي.. ما الجديد في البنك المركزي؟ “تقرير موسّع”
المساء برس – تقرير خاص| أصدر الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي والخاضع للإقامة الجبرية في العاصمة السعودية الرياض قراراً بتعيين الدكتور محمد زمام محافظاً للبنك المركزي اليمني خلفاً لمنصر القعيطي الذي تم تعيينه في سبتمبر 2016 بعد قرار نقل البنك من صنعاء إلى عدن.
وحسب ما نقلته وكالة أنباء سبأ بنسختها الموالية للرياض فقد “صدر اليوم القرار الجمهوري رقم (1) لسنة ٢٠١٨م قضت المادة الأولى منه بتعيين الدكتور محمد منصور زمام محافظاً للبنك المركزي اليمني”.
هادي أقال زمام من المالية لموالاته الحوثيين
وعمل محمد زمام وكيلاً لوزارة الإدارة المحلية لقطاع التنمية خلال الفترة ما بين 2007 وحتى 2010، ثم عُين رئيساً لمصلحة الجمارك حتى العام 2014 وفي يونيو 2014 أيضاً صدر به قرار جمهوري بتعيينه وزيراً للمالية في حكومة خالد بحاح التي قدمت استقالتها بعد قرابة شهر من تعيينها.
وفي 9 يونيو 2015 أصدر هادي قراراً بإقالة زمام من منصبه كوزير للمالية في الحكومة الموالية له، ونقل إعلام حزب الإصلاح الموالي لهادي إن أسباب إقالة “زمام” من المالية تتعلق بعلاقته بالحوثيين وموالاته لهم، حيث رفض الرجل مغادرة صنعاء واللحاق بهادي إلى الرياض كما فعل بعض الوزراء والمسؤولين في مارس 2015.
تأجيل القرار من نوفمبر 2017 إلى فبراير 2018
وكانت مصادر في حكومة هادي قد تحدثت في وقت سابق تحديداً في “نوفمبر 2017” عن نية الحكومة إقالة محافظ البنك المركزي السابق منصر القعيطي بسبب ما وصفته بغيابه المستمر عن عدن “وفشله في تشغيل البنك رغم مرور أكثر من عام على قرار نقله من صنعاء إلى عدن”، ويبدو أن الخلافات بين الإصلاح من جهة والتحالف من جهة ثانية أدت إلى تأجيل قرار الإقالة اليوم، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة عدن ورجحت كفة حلفاء الإمارات على حساب الإصلاح وحكومة هادي.
القعيطي غائباً
ومنذ تعيين القعيطي محافظاً للبنك المركزي لم يستقر الرجل في عدن وانتقل للإقامة بشكل دائم في الأردن، بعد أن منعت الإمارات هبوط طائرات محملة بالأموال المطبوعة القادمة من روسيا بالإضافة إلى عرقلتها عمل البنك من عدن وإيقافه تماماً إلى جانب عدد من المؤسسات الحكومية التي نقلها هادي إلى عدن “شكلياً”.
الكارثة بدأت من قرار نقل المركزي
ومثّل عدم وجود رؤية اقتصادية ومالية لحكومة هادي سبباً رئيسياً لفشل البنك المركزي في أداء مهامه بالتزامن مع خذلان السعودية والإمارات لحلفائها في الداخل وعدم دعمهم مالياً بما يعزز الاقتصاد اليمني المنهك.
ومنذ أن تم نقل البنك في سبتمبر 2016 توقفت عملية دفع رواتب موظفي الدولة، على الرغم من التزام عبدربه منصور هادي أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتسديد كافة رواتب موظفي الدولة في كل المناطق اليمنية، وقد أدى نقل البنك أيضاً إلى فقدان التجار المستوردين لكميات الأموال من العملة الصعبة التي تؤمن قيمة عمليات الاستيراد التي يعتمد عليها الشعب اليمني بشكل رئيسي إذ أن توفيرها والحفاظ على استمراريتها من أولى مهام البنك المركزي التي لم تلتزم بها حكومة هادي بعد نقل البنك.
حياد مركزي صنعاء واستمرار الرواتب
وظل البنك المركزي اليمني في صنعاء محايداً وبعيداً عن الصراع السياسي والعسكري منذ بداية العملية العسكرية للتحالف ضد اليمن حتى تاريخ نقله في سبتمبر 2016م وخلال تلك الفترة لم تنقطع رواتب الموظفين في كافة المحافظات إذ التزمت سلطات صنعاء التي كان يقودها رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي بعدم المساس بالبنك المركزي أو اتخاذ قرارات بتعيينات في هيكله الوظيفي حسب تصريحات أدلى بها المحافظ السابق للبنك محمد بن همام.
نقل البنك غير معترف به دولياً
وحتى اليوم لا تزال أكبر مؤسستان دوليتان ماليتان غير معترفتين بقرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وفي الوقت ذاته أوقفتا هاتين المؤسستين “البنك الدولي وصندوق النقد الدولي” التعامل مع البنك المركزي في صنعاء بطلب من عبدربه منصور هادي، وكان للمبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ دور في محاولة إعادة تحييد الاقتصاد اليمني وإعادة تفعيل البنك المركزي، وكشفت مصادر صحفية في أكتوبر الماضي عن جهود مستمرة لولد الشيخ تسعى لتحييد الاقتصاد بما يسمح بدفع الرواتب لنحو مليون موظف حكومي في مختلف أرجاء الجمهورية اليمنية.
أداء فاشل بالإجماع
وفي تقرير لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قيّم المركز أداء البنك المركزي بعد نقله بالفاشل وقال إن “الإدارة أخفقت في تفعيل دور البنك للقيام بدوره في إدارة السياسة النقدية في اليمن والرقابة على البنوك والقيام بكافة وظائف البنك المركزي المنصوص عليها في القانون”، كما كشف التقرير عن “استمرار الغموض في الموقف الإقليمي والدولي من البنك المركزي حيث لم يعلن عن أي دعم مالي او فني ملموس يسهم في تفعيل عمل البنك والقيام بدوره في إدارة السياسة النقدية”، موضحاً أنه “رغم إعلان تفعيل السويفت إلا أنه ما يزال متوقفاً حتى الآن”.
وقالت مصادر سياسية واقتصادية في صنعاء لـ”المساء برس” إن البنك فشل في إدارة الاحتياطيات النقدية في الخارج، كما فشل في تفعيل وحدة جمع المعلومات حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى عدم تشغيل البنك لغرفة المقاصة في الداخل، وفشله في العديد من الجوانب الإدارية المختلفة، يضاف إلى ذلك قرار تعويم العملة الصادر من المحافظ السابق القعيطي، وقرارات طباعة كميات الأموال بشكل متكرر ما تسبب بفقدان العملة اليمنية لقيمتها النقدية وانخفاض قيمتها أمام العملات الأجنبية، وهو ما يعني تسارع في الانهيار الاقتصادي والعملة المحلية.
صنعاء تتدارك سياسة حكومة هادي بهذا الإجراء
وأضافت المصادر أن حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء الموالية لجماعة أنصار الله وحلفائهم، أدركت حجم المخاطر التي تهدد العملة المحلية في حال استمرار حكومة هادي في تكرار طباعة كميات كبيرة منها دون وجود غطاء نقدي، وبدأت بإجراءات قانونية وتشريعية بهذا الشأن.
وعلم “المساء برس” من مصدر اقتصادي في حكومة الإنقاذ أن الحكومة تقدمت بطلب لمجلس النواب السبت الماضي لإضافة مادة إلى قانون البنك المركزي اليمني رقم 14 لسنة 2000م، تضع قيوداً على عملية طباعة العملة ولا تمنح أي قيمة قانونية لأي أموال يتم طباعتها دون غطاء، كما تفعل الآن حكومة هادي، ومن المتوقع حسب المعلومات، أن يتم التصويت على المادة المقترحة خلال الأيام المقبلة.
تغيير المحافظ ليس الحل
وفي تصريح سابق للمهتم بالشأن الاقتصادي مصطفى نصر اعتبر فيه إن تغيير محافظ البنك المركزي اليمني بشخصية اقتصادية أخرى ليس حلا للأزمة التي يواجهها الريال اليمني من انهيار، مشيراً أن ذلك ليس حلاً إذا لم تتمكن حكومة هادي من إعادة النظر في صناعة القرار الاقتصادي وإدارة المؤسسات الاقتصادية المهمة ككل.
ولفت نصر إلى أن معالجة الملف الاقتصادي تتطلب إيجاد فريق اقتصادي ذو كفاءة ومنسجم في المالية والبنك المركزي والمؤسسات الإيرادية المهمة كالجمارك والضرائب والموانئ، مضيفاً بالقول: “واعطائه الصلاحيات الكاملة لإدارة الملف الاقتصادي مع تعزيزه بأدوات تمكنه من تنفيذ قراراته، ما عدا ذلك سيكون مجرد ترقيع لا اكثر” في إشارة منه إلى القيود التي تفرضها الإمارات على حكومة هادي وإدارتها للملف الاقتصادي المنعدم أساساً.
الجدير بالذكر أن الإمارات لا تزال حتى اللحظة تمنع حكومة هادي من إعادة استئناف تصدير النفط والغاز على الرغم من تقديم الحكومة مناشدات مباشرة لولي العهد الإماراتي محمد بن زايد ولكن دون جدوى.