محمد ناجي أحمد يكتب “عن أحداث عدن الدامية”
المساء برس – وما يسطرون – محمد ناجي أحمد| مايحدث في عدن ليس صراعا بين مكونات التحالف ،وإنما مرحلة من مراحل استراتيجية الكيان السعودي ودويلات محطات البنزين..
منذ مفاوضات الجلاء في نوفمبر ١٩٦٧م والسعودية تريد الجنوب اليمني طوع بنانها والشمال ملك يمينها،لهذا كانت متواجدة أثناء مفاوضات الجبهة القومية مع الانجليز في جنيف، ومساندة لانقلاب ٥نوفمبر ٦٧م في الشمال..
٢٢ مايو ١٩٩٠م كان عاصفة أحنت له غيظها، واستمرت جاهدة في تفكيك عراه ،وهاهي تحيل اليمن إلى يمنات ،وحراب اليمنيين في نحور بعضهم بعضا..
موقف السعودية والامارات من وحدة اليمن كان واضحا في حرب ١٩٩٤م، وهو ما يذكره المستشار حسين علي الحبيشي في مذكراته ،ورياض نجيب الريس في كتابه (رياح الجنوب) ،وقتها أقسم بن زايد أنه سيعمل على تقسيم اليمن إلى خمس دويلات ،وأما بالنسبة للسعودية فهي صد وجود دولة في اليمن …
ليس غريباولامغايرا لسياسة هذه الكيانات الوظيفية في الخليج العربي أن تسعى لإنشاء دويلات على أسس مذهبية ومناطقية وجهوية ,وأن تعمل على جعل عدن إمارة سلفية ،فتلك هي وظيفتها وفقا للأهداف الأمريكية في المنطقة .
السلفيون كأشخاص ورقة تُستخدم وعند انتهاء دورهم ستقول السعودية : هؤلاء لايعنوننا ،كما قال الأمير نايف بن عبد العزيز عن أسامة بن لادن ” لايعنينا أسامة بن لادن .الذي بعنينا المواطن السعودي ،وهو ليس سعوديا (الشرق الاوسط ،25/10/1999.
وكذلك تصريح الأمير سلطان في صحيفة الحياة 3/11/1999م،حين قال بأن ” بن لادن ليس سعوديا ،وقد سحبت منه الجنسية نهائيا ،ويعتبر خائنا لدينه ووطنه .واذا سلمته حركة طالبان إلى أب دولة لإقامة العدل ومحاكمته سواء في الولايات المتحدة أو في غبرها من الدول ،فنحن نعتقد أن العدالة ستأخذ مجراها…ومن وجهة نظري أن بقاء بن لادن لدى طالبان ليس من مصلحة أفغانستان”.
وهو ذات المصير الذي سيلقاه عبد ربه منصور هادي و(شرعيته).
الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان اعترفتا بطالبان كانتا السعودية والامارات ،وأقامتا علاقات ديبلوماسية معها .ولم تقطع هذه العلاقات إلا بعد اتهام أسامة بن لادن بتفجيرات كينيا وتانزانيا .
كلتاهما تسيران وفقا للمشيئة الأمريكية ،ولايحيدان عنها قيد أنملة.
إن تخليق السلفية الجهادية في اليمن عامة، وفي تعز وعدن بشكل خاص، وجعلها القوة المسيطرة عسكريا هي سياسة أمريكية تنفذها السعودية والامارات، تماما كما كان لهما الدور الرئيسي في تأسيس ودعم نظام طالبان في أفغانستان، بل إن طالبان حين طالبتها أمريكا بتسليم أسامة بن لادن اقترحت تشكيل لجنة من علماء افغانستان والسعودية للبحث في هذا الطلب!
هناك تناغم واضح وجلي بين وصول إدارة أمريكية بقيادة ترامب، مهوسة بالحرب والمال والسيطرة على مقدرات العالم ،وبين صبيان الحكم في السعودية والامارات ،جميعهم تعبير عن أطماع الامبريالية المتوحشة،التي تحمل مطرقة كبيرة تهوي بها على رأس اليوتوبيات الانسانية الكبرى ،محاولة أن تسقط القيم الإنسانية ،بتكامل الادوارالوظيفية.
تتميز أمريكا باختيار النماذج الشخصية المناسبة …
اختارت كندي في لحظة ثم تخلصت منه عندما أصبح موته جزء من متطلبات الصناعة السياسية …
واختارت رونالد ريغان الذي كان دعمه لإسرائيل أكثر ممن سبقوه، من منطلق أن إسرائيل هي الراعي الأول – للمصالح الأمريكية في المنطقة العربية والشرق الأوسط عامة …
كان ريغان لايفقه في السياسية وممثلا من الدرجة الثانية .
وكان جورج دبليو بوش أكثر بلاهة في السياسة من ريغان ،لكنها متطلبات كل مرحلة.
لهذا فالرئيس الامريكي ترامب هو نمط الرئيس الذي صنع وفقا لمتطلبات وغايات المرحلة التي نعيشها.
الحماقة ليست صدفة في الصناعة السياسية الأمريكية، إنها عنوان المرحلة، واستجابة لتحدياتها!
نشر في يوميات صحيفة الثورة، الاثنين، الموافق ٥-٢-٢٠١٨م.