الإمارات تستعد لضم تعز إلى نفوذها.. هل يكتفي الإصلاح بمأرب فقط؟
المساء برس – تقرير خاص| بدأت معركة تعز وحلفاء الإصلاح وحلفاء الإمارات مستبشرون بالمعركة التي يقولون إنها تهدف لتحرير المحافظة من قوات صنعاء “المليشيات الحوثية” حسب تعبيرهم، لكن هل ستبقى تعز تحت السيطرة اليمنية أم أنها ستلحق بعدن لتصبح تحت الوصاية الإماراتية؟ هذا التساؤل يطرحه الكثيرون خصوصاً وأن الإمارات متحمسة للتصعيد العسكري في المدينة.
“الكرار” يعلق على التصعيد بتعز
في تصريح صحفي قال القيادي في جماعة أنصار الله “الكرار المراني” إن التصعيد الأخير للتحالف لم يكن جديداً ومفاجئاً، مشيراً إلى أنه يعبر عن هروب “بن دغر وسلطة الفار هادي للخروج من الأوضاع التي تعانيها بقية المناطق والمحافظات الجنوبية المحتلة”.
وأضاف المراني لموقع “العربي” الإخباري تعليقاً على مستجدات الأوضاع العسكرية في تعز بالقول إن “بن دغر وهادي” يريدون القول “إننا مقبلون نحو التحرير ومن ضمنها تعز ذات الرمزية المهمة والكثافة السكانية”، مضيفاً أن ذلك هروب من أحداث عدن.
وأشار المراني إلى أنه “منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم في عدوانها على اليمن حاولت بكل ثقلها وبكل ما تمتلك من قوة احتلال مدينة تعز، أو غيرها في بقية المدن اليمنية”. مضيفاً أن “تعز نالت الحظ الأوفر من الوجهات ودعم التحالف الذي دفع بها للحرب”.
وأكد المراني أن “هذا ليس جديداً على التحالف، بل هو هدف لهم منذ ثلاث سنوات من خلال العشرات من الغارات التي تستهدف المدنيين، لكي تحاول أن تحقق أي تقدم يذكر في المدينة أو أي غطاء ناري لتقدمهم في معركة تعز، ولكن لن يفلحوا هذه المرة أو غيرها، وسيكون من مصيرهم الهزيمة وإسقاط كل مشاريعهم التي تحاول إسقاط تعز في الفوضى تماماً كما هي بالمحافظات الجنوبية”.
لماذا تعز وليس نهم ومأرب
المؤشرات على الأرض تقود إلى أن هناك جدية من قبل الإمارات للسيطرة على تعز، خاصة وأن وسائل إعلامها هي من تتصدر المشهد في الحديث والتغطية عن المعارك الجارية في الجبهتين الشرقية والغربية للمدينة، بالإضافة إلى أن محافظ تعز الجديد الموالي للتحالف المهندس أمين محمود الذي أعلن عن معركة تحرير تعز من على قنوات إماراتية، ما يعني أن المحافظ “أمين” أقرب إلى الإمارات منه إلى الإصلاح وهادي.
الأهم من ذلك هو أن الإمارات والسعودية اتفقتا بشأن تعز، هذا الاتفاق غير المعلن لن يستثني بقاء حزب الإصلاح لا سياسياً ولا عسكرياً، حيث يجري التمهدي لرفع يد الإصلاح من المحافظة عبر مساعي التحالف لإنشاء قوات حزام أمني التي أصبحت جاهزة تقريباً وتنتظر ساعة الصفر بعد أن تنتهي المعارك العسكرية ضد قوات صنعاء.
وعبر التنسيق مع أحزاب سياسية موالية للإمارات سعت الأخيرة إلى تجنيد الآلاف من أبناء الأرياف معظمهم تم نقلهم إلى أرتيريا عبر سفن إماراتية ثم إعادتهم إلى تعز وإبقائهم في معسكرات تدريب داخلية، علماً أن أحد هذه المعسكرات يتواجد فيه قرابة 5 آلاف مقاتل يجري تدريبهم يومياً على قتال الشوارع وحرب العصابات والاقتحامات ولا تزال هذه القوات خارج سيطرة “الشرعية” كما أنها حتى اليوم لا تنتمي لأي مكون عسكري ولم يتم إطلاق أي تسمية عليها.
من هنا يتبين لماذا أطلقت الإمارات معركة تعز، إذ أن المدينة بعد السيطرة عليها باتت استراتيجية الإمارات فيها واضحة وقواتها الموالية لها والتي ستعمل على السيطرة عليها أمنياً وعسكرياً أصبحت جاهزة كما أن السلطة المحلية أبدت تقارباً ناحية الإمارات أكثر من حكومة بن دغر وسلطة هادي.
المؤشرات السابقة تجيب على تساؤل “سبب مقاتلة جميع الأطراف في تعز ولكن بحذر شديد من غدر أي طرف بالآخر؟” والحقيقة أن الإصلاح يدرك أن مصير تعز بعد أن يسيطر عليها التحالف سيكون لصالح الإمارات، التي رتبت وجهزت أدوات نفوذها على المدينة بعد السيطرة عليها وسحبها من قوات صنعاء.
الإصلاح يقاتل بحذر
يدرك حزب الإصلاح أن الإمارات تسعى لإنهاك قوته في معارك تعز ولهذا يقاتل الحزب بقواته ومناصريه بحذر شديد بل إنه في بعض الأحيان يسعى لإعاقة تحركات القوات الموالية للإمارات، آخر ما فعله الإصلاح في تعز هو أن قام بسحب 1000 مقاتل من منتسبي اللواء 35 مدرع الذي يقوده عدنان الحمادي الأقرب في ولائه للإمارات، حيث سحب قائد محور تعز الموالي للإصلاح خالد فاضل الألف جندي وقام بتوزيعهم على المعسكرات المحسوبة على الإصلاح في المحافظة، وحتى اللحظة لا يزال الإصلاح متخوفاً من توقيت التصعيد العسكري الذي اختارته أبوظبي في تعز وما طبيعة الوضع الذي تسعى له الإمارات بعد انتهاء المعارك ضد قوات صنعاء.
من عدن إلى تعز
بعد سيطرة الإماراتيين على عدن اتسعت عمليات الاغتيال بشكل كبير جداً وأبرز من كان يتم استهدافهم كل من يعارض التدخل الإماراتي والدور الذي تمارسه في المدينة والوضع الذي أوصلت فيه عدن وبقية المحافظات الجنوبية من تفكك اجتماعي وانتشار للمخدرات والحشيش والخمور والانحلال غير المسبوق، بالإضافة إلى الاختلالات الأمنية وعدم الاستقرار وهذه الظروف بطبيعتها تسمح للإمارات بالبقاء في الجنوب أطول فترة ممكنة، فالاستقرار سيدفع بالجنوبيين إلى البحث عما هو أفضل وأول شيء سيبدأون التفكير به هو ميناء عدن وإعادة تشغيله وتطويره واستثماره لإدرار العملة الصعبة وتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي.
بالمثل أيضاً سيتم تطبيق نفس السيناريو على محافظة تعز وأول ما سيحدث هو تصفية رموز الإصلاح في المدينة والأرياف بالاغتيالات والعبوات الناسفة، تصفية الجميع سياسيين ورجال دين وأئمة مساجد وغيرهم.
مصلحة الإمارات في مد نفوذها نحو تعز
وفقاً لمعلومات تم الحصول عليها من مصادر سياسية في حضرموت وسيتم تناولها في تقارير قادمة، فإن الإمارات ومعها السعودية بعد أن تم إقناعها، تسعيان إلى خلق وضع عسكري جديد في اليمن يسمح للإمارات بتنفيذ مشروعها في اليمن دون أن يكون هناك حل نهائي.
هذا المشروع الذي خططت له الإمارات بشكل استراتيجي حسب ما يترائى لنا من خلال المعلومات الواصلة وأيضاً الترتيبات الحالية على الأرض، يتمثل في إبقاء اليمن، وإن بشكل غير معلن وغير رسمي، مقسماً إلى ثلاث مناطق جغرافية وعسكرية أيضاً، المنطقة الأولى المحافظات الجنوبية التي ستصبح تحت الوصاية الإماراتية وستبقى الأوضاع في هذه المحافظات مفككة ومقسمة وفي تناحر واقتتال داخلي مستمر ولهذا سعت الإمارات إلى إنشاء كيانات عسكرية مناطقية نخبة شبوانية ونخبة حضرمية وحزام أمني لعدن وآخر للحج وآخر لأبين وكذا الضالع، بينما تبقى الإمارات مسيطرة فعلياً على السواحل اليمنية الجنوبية وميناء عدن وميناء بلحاف وبقية الموانئ الهامة فهذه ستكون بعيدة عن متناول الجنوبيين، تعز وبقية مناطق الوسط وهي “تعز إب البيضاء ومعظم مأرب وأجزاء من الضالع وذمار والحديدة” تبقى مناطق يتم إحلال قوات طارق التي يجري إنشاؤها حالياً في عدن في هذه المناطق وستبقى محسوبة في ولائها على الإمارات، فيما ستيبقى باب المندب وجزيرة ميون والمخا وذوباب تحت السيطرة الإماراتية، والهدف من إبقاء مناطق الوسط تحت سيطرة قوات طارق الموالية للإمارات هو إبعاد قوى الشمال عن أي خطر يهدد مصالح الإمارات في باب المندب والسواحل الجنوبية بما فيها بلحاف وغيرها.
الخلاصة أن مناطق الوسط ستبقى في صراع مع مناطق الشمال بينما ستبقى مناطق الجنوب في حالة اقتتال داخلي تصعيداً وتهدئة وبإدارة وتحكم إماراتي حتى لا يتسنى الالتفات إلى المصالح الاستراتيجية للجنوب والمتمثلة بالسواحل والموانئ والثروات النفطية والغازية، وسواءً انفصلت المحافظات الجنوبية عن الشمال اليمني أم لا فإن قيام دولة ذات سيادة جنوب اليمن تنعم بالاستقرار والتنمية يعد من أوائل المحظورات بالنسبة للإمارات وهاهي عدن قد مضت على انتهاء الحرب فيها أكثر سنتين ونصف فما الذي قدمته لها عاصفتي الحزم والأمل سوى التفكك والدمار.