لعنة الاحتلال لا تبارح الجنوب.. وأهله ضحية سلاطين يعبدون المال
المساء برس – هاشم يحيى| هذا هو التشريح التاريخي للجنوب اليمني الذي كان وما يزال يعاني ويلات الاحتراب بين السلاطين الذين اتخذوا على مدى تاريخه صورا وأشكالا كثيرة، وعصرنا الحاضر لم يسجل استثناءً بالمطلق بل أكد هذه الحقيقة المرة. ومن المفارقات أن الجنوب اليمني وعلى مر الزمان فشل في توفير الحد الأدنى من الأمان الذي لو توفر لأصبحت مدنه وموانيه حاضرة المدن والموانئ العالمية، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان. وما يثير الدهشة في مناطق جنوب الوطن اليمني هو احتلالها بسهولة مريعة فيما لا يتحقق تحريرها إلا بأنهار من دماء الاحرار الشرفاء من عامة الشعب والقادة الأبطال المنبثقين عنهم ليأتي الانتهازيون من السلاطين ويقفوا حجر عثرة للحيلولة دون إيجاد ذلك الحد الذي يكفل التطور والازدهار، ويفرطون في دماء من حررها من المحتل بإدخالها في صراعات داخلية دامية.. غير أن عصرنا الحاضر صاحبه تطور خطير في المسير التاريخي لجنوب اليمن وهو أنه سعى إلى التحرر من الوصاية وتوفير ما يمكنها من الوصول إلى مكانتها الطبيعية جغرافيا واقتصاديا وسياسيا، ولكن السلاطين والذين عادة ما تكونهم مراكز القوى العالمية تحت عناوين تتناسب مع المرحلة، هذه المرة أدخلوا المحتل كتفا بكتف إلى كافة مناطق الجنوب، وقاتلوا أبناء المناطق الشمالية لليمن ليرفعوا ما أسموه علم (الشرعية) -أعلام وصور الدول المحتلة-ويدوسوا بأقدامهم علم اليمن الموحد.. تحت عنوان (إعادة الشرعية) وهي الكذبة التي لم يصدقها أحد، ولا أدل على ذلك ما يحدث اليوم في عدن حيث تتصارع الدول المحتلة للجنوب على السيطرة على مناطقه ليس لتعميد وحدته الذي تنطلق من خلالها هذه الشرعية المزيفة بل لتفتيته، والمضحك المبكي أن الصراع أيضا تحت عنوان (إعادة الشرعية) التي اثبت اليمنيون في الشمال والجنوب عدم وجود حاضنة وقاعدة شعبية لرموزها في أي مكان في اليمن.
سلاطين الجنوب اليوم منهم من يدعو للتحرر من(الشرعية!) ومنهم من يدعو للوحدة وكلاهما كاذب في دعواه، فمن أراد التحرر من (الشرعية) تم تعيينه من قبل سلطات قال بنفسه أنها تقطن فنادق الرياض ولا وجود لها في قلوب وأذهان الجنوبيين ولا في أرض الواقع، ولم ينطلق من قاعدة القيام بالثورة الواضحة والبارزة معالمها، وإنما ظل يراوغ ويتلاعب بالمصطلحات والمفاهيم والتحركات طبقا لما تمليه عليه دولة الاحتلال الإماراتي. ومن أدعوا أنهم وحدويون لم يستطيعوا أن يوحدوا مديريات مدينة عدن التي توزعت فيها مراكز القوى المحتلة وباتت المدينة مقسمة تقسيما جغرافيا وسياسيا وعسكريا، بل إن رمز شرعيتهم المزيفة محرم عليه أن يدخلها بسبب هذه التناقضات.
ومع قليل من التدبر سنلحظ أن العامل المشترك في تفتيت الشمال والجنوب هو ذاته-الشرعية-وما يتم تصويره في الشمال على أنه حرب بين اليمنيين أنفسهم وأن دول التحالف لا شأن لها بما يدور فيه إلا أنها تساعد على عودة الشرعية التي اختارها اليمنيون، ها هي تتكرر اليوم في عدن حيث يصور الوضع على أنها حرب بين اليمنيين أنفسهم بمعزل عن دول التحالف التي لم تصدر موقفا واضحا لما يدور في عدن. ولا ننسى الفارق ما بين الشمال والجنوب، فما يحدث في الجنوب هو بين طرفين مدعومين من دول الاحتلال ذاتها، ولكن الشمال مع الكثير من الشرفاء من أبناء الجنوب يواجه هذين الطرفين مجتمعين، مما يعطى التصور الواضح لما يراد لليمن كمشروع عام لدول التحالف الأمريكي وهو تجزئة المجزأ وتحويله إلى كنتونات ضعيفة متناهية في الصغر ليتمكن من السيطرة على اليمن وعلى المناطق الاستراتيجية فيه دون عناء وخسائر في عدته وعتاده.
ومما سبق يظهر جليا أن سلاطين الجنوب تحت مختلف العناوين (شرعية كانت أو انفصالية) تشكل رأس الحربة في الفتنة الداخلية ومبرر العدوان على اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه. والغرض منهم هو تفتيت اليمن ليكون لقمة سائغة للمحتل ومشاريعه الوقحة في اليمن. فسلاطين اليوم استحضروا أقبح صورة للارتزاق على مدى تاريخ الجنوب.