عدن.. تحت سيطرة الزبيدي في ثالث يوم حرب “تقرير شامل”
المساء برس – تقرير خاص – محمد عارف| منذ ثلاث أيام والموجهات على أشدها بين قوات هادي وقوات الانتقالي التابع للإمارات في عدن، المعارك الدائرة هناك قسمت المدينة، من حيث سيطرة الطرفين، ومع تصاعد دعوات التهدئة تصاعدت ايضا المواجهات حتى انتهت اليوم الثلاثاء بسيطرة قوات الإنتقالي على كل المديريات والمعسكرات التابعة لهادي.
الإنتقالي يسيطر على المدينة
حتى منصف ليلة أمس وخارطة المواجهات والسيطرة لم تتغير عن اليوم الأول، لكن ما أن بدأت ساعات الصباح حتى دخلت المعركة مربعاً جديداً، حيث اندلعت إشتباكات عنيفة في مديرية دار سعد ومديرية كريتر، أفضت المواجهات إلى سيطرة قوات الحزام الأمني التابعة للأنتقالي على كريتر بالكامل وصولا إلى بوبات القصر الرئاسي بالمعاشيق، تبعتها إشتباكات في مديرية خور مكسر أنتهت بسيطرة قوات اللواء الأول مشاه وقوات الحزام الأمني على مقر اللواء الثالث حماية رئاسية التابع لهادي.
أما في مديرية دار سعد فقد استمرت المواجهات حتى الظهر ليسقط بعدها معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية الذي يقوده مهران القباطي بعد أن شاركت المقاتلات الإماراتية بقصف اللواء من الجو، وعقب السيطرة على المعسكر تم إزالة صور هادي، ورفع إعلام الحراك الجنوبي، وقد علق قائد اللواء الرابع حماية رئاسية العميد مهران القباطي حول سقوط المعسكر بقوله أن ما حدث كان غدرا ونقضا للاتفاق مع السعودية، وأضاف في بيان نشر باسمه ان اللواء الرابع حماية رئاسية “التزم بوقف اطلاق النار والانسحاب من المواقع ولكن الطرف الثاني لم يلتزم”.
إلى ذلك تحدثت مصادر صحفية أن قوات الإنتقالي حاصرت قصر المعاشيق، وما زال محاصر حتى الأن، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر أخرى عن فرار عدد من المسؤولين بينهم وزراء عن طريق البحر على متن يخت أرسلته البحرية البريطانية لإخراج عدد من الضباط والقوات الرمزية البريطانية التابعة للبحرية البريطانية التي كانت متواجدة في عدن حيث تم نقلهم إلى جيبوتي، وبينهم بعض المسؤولين الذين تمكنوا من الخروج.
من جهته نفى مختار الرحبي مستشار وزير الإعلام في حكومة بن دغر أن تكون الحكومة محاصرة في المعاشيق أو هربت من المدينة، وكتب الرحبي تغريدة على التويتر قال فيها “الحكومة برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر وجميع الوزراء الذين كانوا متواجدين في عدن قبل الأحداث الدامية متواجدة في العاصمة المؤقتة عدن بقصر المعاشيق وتمارس عملها وهناك اجتماع لمجلس الوزراء ولاصحه للأخبار التي ينشرها البعض عن مغادرة الحكومة او بعض وزرائها.
مصادر خاصة في عدن أكدت لـ”المساء برس” أن بن دغر لا يزال متواجداً في قصر المعاشيق الذي باتت بوابتيه الشرقية والغربية محاصرتين بقوات الحزام الأمني الموالية للإمارات، وأن قوات سعودية موجودة أيضاً داخل المعاشيق، وسط أنباء تشير بأن ترتيبات تجري خلال هذه الأثناء (العاشرة مساء الثلاثاء) لإخراج بن دغر ومن معه من المسؤولين إلى خارج عدن.
وبخصوص معسكر النقل التابع للحماية الرئاسية فقد التقى عصر اليوم القيادي في اللواء محمد البوكري بـ”عيدروس الزبيدي” واتفق الجانبان على تجنيب اللواء إي مواجهات مع قوات الحزام الأمني، وانسحبت بموجب هذا الاتفاق قوات من الحزام الأمني كانت تتمركز بالقرب من مقر اللواء، ونشر نائب المجلس الإنتقالي هاني بن بريك صور بحسابه على التويتر تجمعه بـ”محمد البوكري” وعلق قائلاً “الآن مع أخي ورفيق السلاح القائد محمد البوكري الصبيحي وقد جاءنا زائرا لمقر المجلس الانتقالي مؤكدا بيانه الصادر بالأمس نافيا التعاون مع المعتدين على الشعب الجنوبي الذين قصفوا البيوت بالدبابات دون وازع. وفي هذه الصور مع الرئيس عيدروس الزبيدي والقائدين صابر النجدي ومختار النوبي”، هذا وخلفت المعارك بحسب مصادر طبية مقتل 50 وجرح أكثر من 600 بينهم مدنيين.
مسرحية التحالف
ما حدث في عدن كان بترتيب مسبق بين الإمارات والرياض، وبحسب مراقبين فإن ما جرى كان مجرد مسرحية مكشوفة بين السعودية وابوظبي، مهما حاولت وسائل الإعلام السعودية إظهار عكس ذلك، لكن الواقع شاهد على تلك المسرحية المكشوفة حسب قولهم.
هذا وكان التحالف قد أصدر بياناً اليوم حول الأحداث قال فيه “أن التحالف راقب بكل أسف خلال اليومين الماضيين عدم استجابة جميع الأطراف لنداءات التهدئة الصادرة من التحالف بهذا الشأن”، وطالب التحالف مجددا من جميع الأطراف سرعة إيقاف جميع الاشتباكات فورا وإنهاء جميع المظاهر المسلحة، ويؤكد التحالف أنه سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لإعادة الأمن والاستقرار في عدن”.
أما الرياض فعلقت على الأحداث ببيان منفصل صادر عن مجلس الوزراء السعودي قال فيه بأن المجلس “يؤكد على إتخاذه لكافة الإجراءات لإعادة الأمن والاستقرار في عدن، وعلى العمل لاستعادة الشرعية وحماية مكونات الدولة وحل جميع القضايا عبر الآليات السياسية المتاحة ووفق المرجعيات الثلاث”.
هذا الموقف الضبابي من قبل التحالف بقيادة السعودية يؤكد ما نشره “المساء برس” يوم أمس حيث نشر معلومات تقول بأن السعودية منحت الإنتقالي ضوءاً أخضر لإسقاط حكومة بن دغر، حتى لو وصل الأمر إلى الحسم العسكري، وهو ما حدث بالفعل.
التهدئة بعد السيطرة
بعد إنتهاء السيطرة على معسكرات الحماية الرئاسية والمدينة بيد قوات الإنتقالي قال موقع “عدن الغد” أن هناك عملية تسليم لمعسكرات الحماية الرئاسية في المدينة للسلفيين.
وبحسب الموقع فإن قوة تابعة للقيادي السلفي في جبهة الساحل الغربي حمدي شكري تسلمت معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية في منطقة اللحوم شمالي عدن في المقابل فإن قوات أخرى تتبع القائدين لؤي الزامكي وعبدالرحمن اللحجي ستستلم معسكر جبل حديد التابع للواء الثالث حماية رئاسية خلال الساعات القادمة.
وكانت قوات من السلفيين تقاتل في جبهات الساحل الغربي قد عادت الى عدن، وبحسب مصادر صحفية فإن عودة السلفيين كانت من أجل إسناد هادي، لكن ما حدث هو العكس.
وفي هذا الجانب قال مصدر سياسي مقرب من هادي “أن إستقدام السلفيين جاء بطلب من الإمارات، من أجل تعزيز التواجد السلفي في عدن، و”تمكينهم من زمام الأمور مستقبلاً، وحتى يتسنى لهم الإنقلاب على قوات الزبيدي والحراك الجنوبي في حال خالفوا أوامر أبوظبي”، واضاف “الإمارات لها مشروع خاص في الجنوب يظهر من ملامحه تمكين السلفيين من زمام الأمور، وما الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية سوى غطاء لتمرير مشروعها الرامي لإحتلال السواحل والجزر اليمنية.
الزبيدي ما بعد 30 يناير ليس كما قبله
في أول تعليق لرئيس ما يسمي المجلس الإنتقالي الجنوب حول الاحداث، قال عيدروس الزبيدي إن “ما بعد 30 يناير ليس كما قبله ونطالب التحالف العربي للقيام بواجبه أمام هذا الشعب في ظل هذه الظروف السيئة”.
جاء ذلك في مقابلة مع قناة “فرانس 24” مساء اليوم، واضاف الزبيدي “نحن متمسكون بالمطالبة باستعادة دولة الجنوب وهذا خيار شعبي لا رجعة عنه تزامناً مع وقوفنا الدائم إلى جانب التحالف العربي لتحقيق أهدافه لتحرير كل اليمن من الحوثي”.
وأردف الزبيدي ان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرأسه “سينفذ كافة اهداف التحالف العربي في اليمن مؤكداً انه لن يقبل بوجود قوات شمالية في الجنوب”.
ماذا بعد؟
سؤال يتبادر لأذهان الجميع، إلى اين ستتجه الأمور وماهو السيناريو القادم؟، سيما بعد التطور الأخير، وبحسب مصادر سياسية فإن هادي سيقوم بإقالة الحكومة، وفي حال رفض ذلك فإن التحالف يعد ملفاً يتهم الحكومة بدعم الإرهاب، وأيضاً بالفساد، في هذه الحالة سيجد هادي نفسه مجبراً لإقالة الحكومة وتشكيل حكومة مصغره يتم استبعاب الأنتقالي فيها.
لكن هناك من يرى أن حكومة بن دغر ستتجه إلى مأرب وتمارس عملها من هناك، وتشكيل مجلس لإدارة شؤون المناطق الجنوبية، وهو ما يمهد للإنفصال الذي تعمل عليه الإمارات بمساعدة السعودية وذلك بعد فشلهم في الحرب على الحوثي.
من جهة أخرى قال السياسي السعودي البارز انور عشقي ان الحل في اليمن للمشاكل القائمة تشكيل حكومتين إحداهما جنوبية وأخرى شمالية تحت قيادة فيدرالية، وقال عشقي معلقاً على الأحداث الأخيرة ان “الوقائع أثبتت ضرورة تشكيل حكومتين في عدن وأخرى في الشمال لإدارة الوضع حاليا في اليمن”، وشدد عشقي على أن الفيدرالية من إقليمين لليمن هي الحل الممكن لمشاكله، وعشقي هو مستشار سياسي للديوان الملكي السعودي وهو رجل السعودي الأول للتطبيع مع إسرائيل ونسج العلاقات غير المعلنة بين الطرفين.