الجزء الثاني من خفايا الإمارات في عدن ومالم تكشفه الجزيرة خوفاً من واشنطن
المساء برس – تقرير خاص| في منتصف العام 2016 قامت مجموعة فيما يعرف بـ”المقاومة المسلحة” في حي المنصورة في عدن باقتحام إحدى البنايات في شارع الكثيري واعتقال خلية مكونة من خمسة أفراد أجانب بينهم أمريكيان وفرنسي وسعودي وآخر دينماركي من أصول مصرية.
وفقاً للوثائق التي حصل عليها “المساء برس” ويتحفظ على نشرها لورود أسماء رفضت إبراز هويتها، كشفت التحقيقات التي أجريت مع هذه الخلية أنها كانت مكلفة بتنفيذ مهام استخبارية وأنه تم تكليفها من قبل مسؤول كبير في السفارة الأمريكية وأنهم لا يعلمون شيئاً عن هذا المسؤول ولم يلتقوا به إلا في العاصمة المصرية القاهرة حيث كانوا جميعهم يعملون في شركة أمنية دنماركية لحماية السفارات في القاهرة.
ولا يُعلم ما إذا كان المسؤول الكبير في السفارة الأمريكية باليمن أم بالسفارة الأمريكية بالقاهرة.
وفي وثيقة أخرى لدى “المساء برس” – عبارة عن تقرير بما حدث في تلك الليلة ومكتوب في رأس التقرير “سري وعاجل” – تكشف الوثيقة أنه وبعد ساعات قليلة من اعتقال الخلية جاءت قوة كبيرة من معسكر رأس عباس – مقر إقامة القوات الإماراتية – مكلفة من القيادة الإماراتية وعلى رأسها العقيد يسران المقطري قائد قوات مكافحة الإرهاب التابعة لأمن عدن، وطالبت تلك القوة بتسليم المجموعة التي تم القبض عليها فوراً وفقاً لمذكرة صادرة من القيادة العامة للتحالف في عدن طالبت بذلك، وفي الوقت ذاته شهدت سماء المنطقة تحليقاً لطائرات مروحية إماراتية كانت بمثابة رسالة تهديد لـ”مقاومة المنصورة” التي رفضت بداية الأمر تسليم الخلية للإماراتيين.
مهام أخرى لأحد عناصر الخلية بعيداً عن الاستخبارات
وتكشف الوثيقة أيضاً أن المجند الدنماركي ذو الأصول المصرية والذي بالكاد يتحدث العربية، اعترف بأن مهمته هي تشكيل مجموعات خاصة تقوم بتنفيذ الاغتيالات التي طالت ضباطاً عسكريين وأمنيين واستخباراتيين في عدن، وهذا ما يسفر وجود عشرات المسدسات الأمريكية من طراز “كلوك” بالإضافة إلى كواتم للصوت وبطاريات وأسلاك كهربائية ومواد متفجرة وصواعق انفجار وجميعها صنعاة أمريكية.
مصادر محلية خاصة في عدن كشفت لـ”المساء برس” أن التقارير التي عرضتها قناة الجزيرة مؤخراً عن الدور الإماراتي جنوب اليمن استندت لوثائق ومعلومات حصلت عليها من مصادر في عدن وضمن هذه الوثائق ما يكشف قصة الخلية الاستخبارية الأمريكية والفرنسية التي تم إلقاء القبض عليها.. ويشير حديث المصادر المحلية إلى أن قناة جزيرة لم تكشف هذه المعلومات نظراً لوجود علاقة مباشرة بالولايات المتحدة وهو الأمر الذي قد يؤثر على قطر في صراعها مع السعودية والإمارات.
في تقرير سابق لـ”المساء برس” كشفت مصادر يمنية خاصة في القاهرة عن حادثة تعرض لها القيادي الموالي للإمارات يسران المقطري في إحدى الشقق في العاصمة المصرية القاهرة، وتكشف المعلومات أنه وفي أواخر ديسمبر الماضي ألقت الأجهزة الأمنية المصرية القبض على “العقيد/ يسران المقطري – قائد قوات مكافحة الإرهاب التابعة لإدارة أمن عدن، متلبساً بقضية جنسية وأخرى مخدرات”، حيث كان الرجل متواجداً في إحدى الشقق في القاهرة، ومعه إحدى الفتيات المتورطات بقضايا “جنسية”، وقد عُثر على كميات كبيرة من المخدرات كانت بحوزة المقطري الذي دخل سجن شرطة العجوزة، وأشارت المصادر أن ملف المقطري حالياً على طاولة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي.
سبق ذلك أن كنا في “المساء برس” نبحث حول ملف “انتشار المخدرات في عدن” بعد دخول القوات الإماراتية، فكانت النتيجة أن كلاً من يسران المقطري والقوات الإماراتية وشخص آخر يدعى محمد جمال الشرجبي وانتشار المخدرات والحشيش وأعمال الترويج للجنس في عدن كلها ترتبط ببعضها البعض.
مصادر محلية في عدن كشفت أن مجموعة من شباب حي القلوعة بشارع الزيتون جبل كالتكس اقتحموا قبل أسبوع منزل “محمد جمال الشرجبي” الساعة الثانية فجراً قبل نحو أسبوع، ووجدوه بمعية فتاتين وهم في حالة سُكر جميعهم، حيث تعرض الشرجبي للضرب من قبل أبناء الحي وبعدها تم استدعاء الشرطة التي اقتادته إلى البحث الجنائي الذي بقي فيه لأيام ثم تم الإفراج عنه، وحالياً يتلقى العلاج في أحد المستشفيات، فمن هو الشرجبي وما علاقته بالمقطري والإماراتيين وما هو نشاطه في عدن؟.
“محمد جمال الشرجبي” – شاب عشريني العمر من أبناء منطقة القلوعه في عدن، ولد ونشأ يتيم الأب وفي أسرة فقيرة وهو الوحيد لأمه من الذكور ولديه عدد من الشقائق، هناك معلومة تقول أن له أخ يعمل جندياً في شرطة دبي.
التحق بالسلك العسكري الأمنى في مجال التحريات “البحث الجنائي” قبيل الحرب بسنوات، في الوقت ذاته كان يعمل “جرسون” في أحد فنادق عدن بمنطقة كريتر ومن هذا العمل بدأ بممارسة أعمال غير أخلاقية منها “ترويج الدعارة” وتوفير الفتيات وبيع الخمور وعقاقير الحشيش والمخدرات لنزلاء الفندق ومرتادي المرقص التابع لذات الفندق.
تقول المعلومات الواردة أن “الشرجبي” تعرف في تلك الفترة بالضابط الصغير في الأمن المركزي والمقرب من عبدالحافظ السقاف “الملازم أول يسران المقطري”، كان الأخير يعمل قائداً لقوة المداهمات الخاصة في الأمن المركزي، وفي تلك الفترة قام المقطري بتكليف الشرجبي بمهام تخصه، حيث عمل مخبراً له في الفندق وقام المقطري بضمه إلى قسم التحريات في إدارة البحث الجنائي بعدن.
مع اندلاع الحرب وتدخل قوات التحالف بقيادة الإمارات، انضم الشرجبي لإحدى المجموعات المسلحة السلفية، وهي مجموعة من عدة جماعات “تكفيرية” أخرى يقودها “أنيس العولي”، وفي تلك الفترة تعرف الشرجبي بالعديد من التشكيلات التي تنتمي لتنظيم داعش والمنتشرة في مدينة عدن بالآلاف إبان المواجهات المسلحة عام 2015م.
ومع وقف العمليات العسكرية بين قوات صنعاء والمسلحين الموالين للتحالف من عناصر داعش والقاعدة والقوات الإماراتية، اختفى المخبر “محمد جمال الشرجبي” لفترة، وبعدها شوهد من قبل شباب حي القلوعة وهو على متن أحد الأطقم المسلحة “والسيارات الصفراء التابعة لتنظيم داعش”.
أواخر العام 2016 وبداية 2017 قامت القوات الإماراتية بتشكيل مجموعة مسلحة أطلق عليها اسم “فريق مكافحة الإرهاب” بقيادة الملازم أول “يسران المقطري” وذراعه الأيمن محمد جمال الشرجبي، حينها كانت المجموعة لا يتعدى قوامها (100 فرد) كانت تلك القوات تتلقى أوامرها من هذين الشخصين، وكتشكيل إداري كانت تحت رعاية إدارة أمن محافظة عدن والتي كانت حينها تحت قيادة العميد شلال علي شايع الذي عينته الإمارات في هذا المنصب وطلبت من الرئيس المنتهية ولايته إصدار قرار بشايع مديراً لأمن عدن.
كان فريق مكافحة الإرهاب عبارة عن مجموعة من الأفراد يقودهم يسران المقطري وقد كان لهذه المجموعة نشاط كبير جداً عام 2016، وحسب ما ورد لـ”المساء برس” فقد شهد العام 2016 عمليات فوضى أمنية كبيرة وعمليات اغتيال كانت جميعها تقيّد ضد مجهول، في الوقت ذاته كان النشاط البارز ليسران المقطري هو القيام بعمليات مداهمة لمنازل المواطنين والمعارضين للتواجد الإماراتي وانتشار المسلحين الإرهابيين والمتشددين، وقد شهدت تلك الفترة قيام مسلحي يسران المقطري باعتقالات المئات من الشباب من منازلهم بذريعة أنهم مطلوبين أمنياً وعلى خلفية ارتباطاتهم بتنظيمات إرهابية.
بالتزامن مع ذلك كانت عمليات الاغتيال والتصفيات تحدث في عدن بشكل يومي ووفقاً لإعداد مسبق وتوثيق إعلامي احترافي وكانت تُنشر المواد الإعلامية المتعلقة بنشاط الاغتيالات والتصفيات في موقع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
اليوم أصبحت مدينة عدن بؤرة للمواد المخدرة والحشيش والمسكرات وأعمال الدعارة، والمصيبة هي أن المواد المنشطة وعقاقير الحشيش والمخدرات والكحوليات أصبحت تنتشر في أوساط الشباب في المدينة، وذات يوم كتب الصحفي الجنوبي المعروف فتحي بن لزرق مقالاً قبل عدة أشهر عن انتشار المخدرات والحشيش والحبوب الممنوعة في أوساط الشباب في مدينة عدن وبات بيعها لا يشكل إحراجاً لأحد، وألمح بن لزرق إلى أن هناك من يقف خلف تدمير شباب عدن ليتسنَ له فعل ما يريد.