تفاصيل خطيرة عن “صفقة مطار الريان السرية” وماذا تفعل البحرية الأمريكية هناك؟
المساء برس – تقرير خاص| كشفت مصادر عسكرية خاصة في حضرموت عن اتفاق جديد تم بين قيادة محافظة حضرموت وبموافقة من حكومة هادي من جهة والقيادة الإماراتية في أبوظبي من جهة أخرى قضى بفتح جزء من مطار الريان الدولي في المكلا مقابل احتكار النشاط الملاحي لشركة الاتحاد للطيران الإماراتية.
المصادر العسكرية، وهي على ارتباط شبه مباشر بالقيادة الإماراتية في حضرموت، أكدت لـ”المساء برس” أن السلطات المحلية في المحافظة اتفقت مع القيادة الإماراتية على فتح مطار الريان الدولي للسلطات المحلية واستئناف نشاط المطار للرحلات المحلية والدولية مقابل احتكار نشاط المطار الملاحي لشركة “الاتحاد للطيران الإماراتية” وهي شركة طيران عامة تابعة للخطوط الجوية الإماراتية.
وأوضحت المصادر أن تفاصيل الصفقة التي أبرمها محافظ المحافظة المعين من قبل الرئيس المنتهية ولايته والخاضع للإقامة الجبرية عبدربه منصور هادي كانت كالتالي:
* بمباركة من حكومة المنفى الموالية للتحالف تم الاتفاق بين سلطات أبوظبي بإشراف ولي العهد محمد بن زايد مع محافظ المحافظة “سالمين البحسني”، الذي غادر المحافظة متجهاً إلى أبوظبي منتصف ديسمبر الماضي بعد أن تلقى دعوة من قيادة التحالف في الإمارات.
* قضت الصفقة بسماح القوات الخاصة الإماراتية المتمركزة في مطار الريان بفتح البوابة الغربية للمطار “الواقعة بين الخط الرابط بين مدينتي المكلا والشحر وصالة المغادرين”، تُفتح هذه البوابة أمام المواطنين.
* تتولى السلطات العسكرية الإماراتية في المطار إلى جانب السلطات المحلية في حضرموت الإشراف الكامل على المطار وتولي مهمة تأمينه.
* إيقاف نشاط شركة “الخطوط الجوية اليمنية” ومنعها من استئناف نشاطها الملاحي الجوي في المطار.
* لشركة “الاتحاد للطيران الإماراتية” الحق الحصري في النشاط الملاحي في مطار الريان.
* بقية مرافق المطار ومساحته الباقية (70%) أي ثلثي المطار، تبقى تحت إدارة وسيطرة قوات التحالف لتأمين المطار واستمرار الخدمات اللوجستية للتحالف وعمليات الإمداد ومقرات لقيادة قوات المشاة البحرية الأمريكية.
كما كشفت المصادر أن القيادات الإماراتية بدأت منذ مطلع ديسمبر الماضي بنقل عشرات المعتقلين في مطار الريان إلى مقر قيادة الاستخبارات العسكرية الإماراتية في ميناء الضبة النفطي شرق المكلا، والذي يبعد عن المدينة 30 كيلو متراً، مشيرة إلى أن معظم المعتقلين هم من المتهمين بالانتماء لتنظيمي القاعدة وداعش وقد كانوا معتقلين في سجون سرية تديرها الإمارات داخل مطار الريان، علماً أن من بين المعتقلين قيادات في الصف الأول والثاني لتنظيم القاعدة.
المصادر العسكرية التي نقلت هذه المعلومات من داخل مطار الريان الدولي، أكدت لـ”المساء برس” أن القوات الإماراتية قد أفرجت مؤخراً عن المئات من العناصر المرتبطة بتنظيمي “القاعدة وداعش”، ومن بينهم (18عنصراً قيادياً في التنظيم)، دون أن تبدي المصادر أي معلومات عن الأسباب والدوافع التي ساهمت في الإفراج عنهم.
ولم تنفِ أو تؤكد المصادر الإخلاء الكلي للسجون الإماراتية في مطار الريان الدولي من العناصر الإرهابية المعتقلة هناك.
كما أكدت مصادر عسكرية أخرى مقربة من قيادة أمن محافظة حضرموت أن القيادات العسكرية الإماراتية، نقلت (105) عنصراً متهماً بالانتماء لتنظيم القاعدة إلى “السجن المركزي العام في منطقة المنورة بالمكلا” التابع لإدارة الأمن العام بالمحافظة، وقامت بتشديد الحراسة الأمنية على السجن بقوات إضافية تابعة لما يسمى “قوات النخبة الحضرمية” التي تديرها وتدربها الإمارات هناك.
ولا تزال الأسباب الخاصة بظروف الإفراج عن مئات المعتقلين في سجون الإمارات السرية في مطار الريان غامضة ومجهولة، غير أن مصادر عسكرية تابعة لقيادة المنطقة العسكرية الثانية في حضرموت التي يقودها “البحسني” كشفت لـ”المساء برس” عن وجود عدد كبير من عناصر تنظيم القاعدة “الخطيرة” تخضع لتحقيقات مستمرة ودائمة من خبراء أمنيين واستخباراتيين تابعين للتحالف وفرق تحقيقات أمنية ودولية كبيرة تابعة لجهاز (الإنتربول الدولي) وجهاز الـ(C.I.A) الأمريكي.
وكشفت المصادر في المنطقة العسكرية الثانية أن المطار سيتم فتحه جزئياً “وسيخضع لحماية ورقابة دائمة من قوات التحالف وقوات أجنبية متخصصة في مكافحة الإرهاب”.
كما كشفت المصادر أيضاً أن الجهة الشرقية من المطار ستظل مركزاً لقيادة القوات الإماراتية ومقراً عاماً للسيطرة والتحكم والمعلوماتية العسكرية، في حين ستبقى الجهة الساحلية المواجهة للمطار بمثابة “ميناء عسكري لوجستي يستخدم للإمداد والتموين العسكري والحربي”.
وأضافت مصادر “المساء برس” أن منشئات عسكرية جديدة سيتم إنشاؤها للقوات الإماراتية وخبراء أردنيين وفرق عملياتية خاصة من وحدات سلاح “المشاة البحرية الأمريكية” المعروفة باسم “المارينز”.
تأكيدات أخرى حصل عليها “المساء برس” بشأن الصفقة الأخيرة بين البحسني والإماراتيين، جاءت من مصادر سياسية في حضرموت، حيث أكدت أن التجهيزات التي تجري لفتح مطار الريان الدولي لها علاقة مباشرة بالزيارة التي يقوم بها المحافظ “البحسني”، المقرب من الإماراتيين، إلى دولة الإمارات لمناقشة تفاصيل اتفاقية “صفقة المطار وعقد تأجير ميناء المكلا” لشركة دبي العالمية للملاحة والاستثمار بعقد طويل المدى يتضمن قيام أبوظبي بتحمل كلفة مشاريع الخدمات والكهرباء والبنية التحتية بمبلغ وقدره (100) مليون دولار.
غير أن المصادر السياسية كشفت أيضاً أن ديون المحافظة لشركات المشتقات النفطية الإماراتية التي تغطي السوق في حضرموت بالاحتياج اليومي من البنزين والديزل وبقية مشتقات الوقود خلال عام ونصف بلغت (154 مليون دولار).. في مقابل ذلك فإن التقديرات الرسمية الحكومية، حسب مصادر خاصة في المحافظة، من الإنتاج اليومي لحضرموت من الخام النفطي تبلغ (280 ألف برميل يومياً)، الأمر الذي يقود إلى التساؤل عن إيرادات الكميات النفطية المستخرجة من حضرموت.
مصادر محلية أخرى في حضرموت كشفت أيضاً أن السلطات الإماراتية طلبت من المحافظ البحسني، الذي لا يزال متواجداً في العاصمة الإماراتية أبوظبي، السماح بتمرير صفقة “مشروع اللؤلؤة السياحي”، وهو مشروع يتبع المستثمر الحضرمي “بن كردوس التميمي” وبشراكة عدد من رجال الأعمال الإماراتيين.
وأضافت المصادر أن محافظ حضرموت السابق والمقرب من الإمارات “أحمد سعيد بن بريك” كان قد وقع بالموافقة على الصفقة، غير أن البحسني أصدر توجيهات فور توليه منصب المحافظ قضت بوقف المشروع لعدم استكمال الدراسة من الجهات المختصة ممثلة بالهيئة العامة للاستثمار والهيئة العامة للأراضي وعقارات الدولة.
وكشفت المصادر عن تفاصيل الصفقة بالقول: “قيام شركة اللؤلؤة بردم مساحة 400 متر من ساحل بحر المكلا، وإقامة منتجعات سياحية وتخطيط مساحات للبناء أو البيع أو الاستثمار من قبل الدولة مقابل حصول الشركات على نسبة 30% من تلك المساحات والأراضي المردومة”.
المصادر ذاتها نقلت عن مصادر في مصلحة جمرك ميناء المكلا أن هناك استعدادات ومشاورات فنية تجريها سلطة المحافظة “لتوسعة دكة ميناء المكلا وتوسعة قدراته الاستيعابية للحاويات وسفن الشحن والتفريغ الملاحية الدولية”، كاشفة في الوقت ذاته عن وجود فريق هندسي كبير من الجمرك يجري حالياً زيارة للعاصمة الإماراتية أبوظبي “لدراسة وتقييم المشروع مع الجهات ذات العلاقة”.
وسبق أن نشر “المساء برس” تقريراً غير مفصل عن التطورات الأخيرة بشأن مطار الريان وميناء المكلا والتي تقف خلفها الإمارات، وقد علم الموقع من مصادر خاصة أن المعلومات التي كشفها تقرير الموقع أثارت جدلاً واسعاً بين قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت وأبدوا تخوفهم من المعلومات التي تسربت.
ورغم التكتم الشديد على المخططات الإماراتية في محافظة حضرموت، إلا أن هناك تجاهلاً متعمداً فيما يبدو من قبل حكومة المنفى التي يرأسها أحمد عبيد بن دغر الذي انحاز مؤخراً للإمارات وبات محسوباً عليها بعد تصاعد الخلافات بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، وقد زاد الخلاف بين الطرفين بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ورغبة الإماراتيين إعادة نجل صالح أو أحد أقاربه إلى الواجهة وهو الأمر الذي دفع بحزب الإصلاح إلى الرفض القاطع، غير أن الإمارات سعت إلى إخضاع الإصلاح لرغباتها عبر الضغط بشكل مباشر على كل من أمين عام الحزب عبدالوهاب الآنسي ورئيس الهيئة العليا محمد اليدومي في لقاء جمعهما بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وولي عهد الرياض محمد بن سلمان في نفس اليوم الذي غادر فيه محافظ حضرموت “البحسني” متجهاً إلى أبوظبي بعد استدعائه.
ويرى مراقبون أن الإمارات لن تتوقف عن مساعيها الرامية للسيطرة على موانئ وسواحل الجمهورية اليمنية بالكامل بهدف تشغيل الموانئ لصالح شركة موانئ دبي بعد أن تتمكن من توقيع صفقات مشبوهة تحرم منها اليمن من عائدات تلك الموانئ، غير أن حركة مطار الريان الأخيرة كشفت عن توجه جديد للإمارات بالسيطرة على الموانئ الجوية والتحكم بحركة الملاحة لصالح شركات الطيران الإماراتية، في مقابل تدمير شركة طيران اليمنية، وهي حرب اقتصادية طويلة المدى تشترك فيها سلطات المحافظات الموالية لأبوظبي وحكومة هادي التي منحت الضوء الأخضر لهذا المخطط.