ما علاقة علي عبدالله صالح بالبرزاني والحريري ومن كان يسعى لاستخدامهم
المساء برس – تحليل: ناصر قنديل|
– لا يُخفي الصراخ حقائق النصر والهزيمة أو الإنجاز والخيبات، فيستطيع بنيامين نتنياهو أن يتحدّث بقدر ما يرغب عن جهوزيته لحرب يضمن النصر فيها، بينما فرائصه ترتعد ذعراً من قلق اندلاع الحرب، ورسائله تتواصل سراً لتبديد أيّ انطباع يتصل بالاستفزاز لتأكيد عدم نيّته الذهاب للحرب، كما يستطيع التغنّي بعظمة الهدية التاريخية التي وصلته من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصيغة الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وهو يرى بأمّ العين كيف تتداعى منظومات الاستقرار التي بنتها حكومته لتفادي المزيد من التدهور في العلاقة مع الفلسطينيين، ويخشى المزيد وصولاً لجدار المواجهة الكبرى وليس بين يديه لا وصفة للحرب ولا وصفة للسلام. ومثله يستطيع ولي العهد السعودي المكابرة والتحدّث عن الإنجازات وهو يُصاب بالخسائر والخيبات.
– رصيد الحساب السعودي خلال ما بعد الأزمات الكبرى، التي قادتها في كردستان باتجاه الانفصال، وفي لبنان باتجاه إسقاط الحكومة، وفي اليمن باتجاه السيطرة على صنعاء عبر قوات الرئيس السابق الراحل علي عبدالله صالح، وجلبت الكوارث، لتتبعها محاولة تعويض الخسائر المحقّقة، برهانات أصغر، ردع الصواريخ اليمنية بفتح ملف الصواريخ الإيرانية على المستوى الدولي، والسعي للتقدّم في الجغرافيا اليمنية عسكرياً، وعلى ضفة موازية الرهان على تسويق صفقة القرن المتصلة بتسليم القدس لـ»إسرائيل» وإنجاز تسوية تصفّي القضية الفلسطينية وتبرّر الذهاب علناً للتعاون مع «إسرائيل»، وثالثاً الحدّ من الخسائر في كلّ من العراق وسورية ولبنان بتصليب جبهة الحلفاء ومنع المزيد من الانهيارات.
– في الصراع مع اليمنيّين ليس أبلغ من سقوط صاروخ باليستي جديد على الرياض من جواب على حصيلة المسعى السعودي، ولا يفيد بن سلمان ما يسمعه من تضامن هنا أو تعزية هناك، وهو يتلقى الكلام عن القلق من كيفية فشل أنظمة الدفاع الصاروخي في منع الصاروخ اليمني من اختراق الأجواء السعودية وبلوغ الرياض، فكيف إذا وقعت المواجهة مع إيران، والمعادلة التي رسمها السيد عبد الملك الحوثي تقول إن ليس هناك من تقدّم جغرافي إلا بقدر ما هناك دمار شامل بقصف سعودي للمدن والمرافق اليمنية، وهذا ستكون معادلته مزيداً من الصواريخ على السعودية والإمارات، والمزيد سيلقى المزيد، ولن يجد بن سلمان إلا المزيد من برقيات التضامن أو التعزية.
– في مسألة القدس ليس أبلغ من جواب سوى إلغاء زيارة نائب الرئيس الأميركي للمنطقة خشية المزيد من التصعيد، وما في ذلك من تسليم بالفشل في احتواء مناخات الغضب التي أطلقها القرار الأميركي حول القدس. والفشل هنا سعودي بامتياز، فهي الجهة التي يقع عليها عبء احتواء الشارع وتسويق الصفقة، وكلّ ما يظهر في المشهد يقول إنّ الآتي أعظم، وإن لا فرص لتهدئة ولا لامتصاص نقمة واحتواء غضب، وإنّ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية تصاحبها أعمال مقاومة نوعية بات وراء الباب، وبعدها ستتسع رقعة الحراك الشعبي الداعم لفلسطين وشعبها وقدسها، وتتعمّق وتتزخّم أشكال هذا الدعم، حيث يصير إحراق وإغلاق سفارات «إسرائيلية» وربما أميركية، أمراً يفرضه شارع غاضب، لا يملك حكام الشعوب العربية والإسلامية أمامه سوى الانصياع. وهذا لا يقيّد في الرصيد السعودي إلا في حساب المزيد من الفشل، فكيف إذا كانت السلطة الفلسطينية ذاهبة إلى شعبها وقد صارت الطرق كلّها نهاياتها جدران؟
– في الحدّ من خسائر حلفاء السعودية في لبنان وسورية والعراق، يبدو المشهد اللبناني بليغاً، حيث الرئيس سعد الحريري يرسل التعازي لولي العهد السعودي متضامناً ضدّ الصواريخ اليمنية ويتغاضى عن غلاظات وزير الخارجية السعودي تجاه لبنان، وهذا سقف ما يقدر، فهل يفيد السعودية، ولو ابتلع «بحصة» خيانة الرفاق والخلان، وفي سورية بعد مشاغبة دي ميستورا لحماية شيطنات وفد الرياض يعود صاغراً أمام مجلس الأمن للتحدّث عن الاستعداد للإعداد لمبادرة لجولة جنيف المقبلة، تبحث الانتخابات النيابية والرئاسية، ما يعني سقوطاً مدوياً للبحث في مستقبل الرئيس السوري كأولوية تفاوضية، بينما تسير الأمور عسكرياً وسياسياً لصالح الرئيس السوري والجيش السوري من أرياف حلب وإدلب إلى مسارَي أستانة وسوتشي، فكيف يكون الحدّ من الخسائر، ليكون المشهد العراقي أشدّ بلاغة، فلا المواعيد المدبّرة لحكومة كردستان في أوروبا ولا الاستعداد للتفاوض مع بغداد يوفران الحماية للحليف الكردي لإبن سلمان، ورئيس الحكومة العراقية يمهّد لتدخل عسكري تحت شعار حماية حق التظاهر في المدن الكردية، التي تبدو على أبواب انتفاضة عنوانها العودة إلى حضن العراق الموحّد، فأين يضع إبن سلمان رأسه غير بين يديه ويصرخ؟
– الصراخ لا يعني وقف الحقائق ولا تغيير المعادلات، ولا يجعل المهزوم منتصراً والخائب صاحب إنجازات.
نقلاً عن صحيفة البناء اللبنانية