الإصلاح في ورطة “اللقاء الأخير هل كان تقارب أم كمين سياسي”؟
المساء برس- خاص| لا يزال الموقف غامضاً بالنسبة لكوادر ونخبة حزب الإصلاح من اللقاء الأخير لوليي عهد أبوظبي والرياض بأبرز شخصيتين في الإصلاح، إذ تم يوم أمس استدعاء كلاً من رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح “تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن” محمد اليدومي وأمين عام الحزب عبدالوهاب الآنسي للقاء بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وولي عهد الرياض محمد بن سلمان بناءً على طلب من الأول حسب التسريبات التي حصل عليها “المساء برس” في وقت سابق.
التيار المناهض للدور الإماراتي في اليمن في حزب الإصلاح يرى أن اللقاء ينبئ بوقوع التحالف في مأزق خاصة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل عدة أيام والذي كان جانب الإمارات في التحالف يراهن عليه لقلب الموازين في اليمن وتغيير التحالفات، وربما، حسب البعض، القيام بمهمة القضاء على حلفائه “أنصار الله” كمهمة عجز التحالف عن تحقيقها على مدى ما يقارب الثلاثة أعوام.
وبالتالي فإن صالح كان بالنسبة للإمارات تحديداً والتحالف عموماً كالمخلص والمنقذ والذي بيده إخراج الرياض وأبوظبي من مأزقيهما في اليمن وذلك عبر توجيه ضربة لأنصار الله من الداخل، مقابل تنفيذ مطالبه التي كشفتها الصحافة الأمريكية عقب مقتله بناءً على معلومات من مصادر كانت على اطلاع على رأسها الضغط لرفع العقوبات عنه وعن نجله وتحرير أمواله في الخارج وتمكينه منها وضمان بقاء حزبه كفاعل بارز في المشهد السياسي المقبل بعد انتهاء الحرب.
ويرى هذا التيار – تيار الإصلاح المناهض للإمارات – أن هذا المأزق دفع بالتحالف إلى “اللجوء” لإعادة التقارب مع الإصلاح لكونه يمتلك قاعدة ميدانية يمكنها تحقيق مكاسب ملموسة على الأرض، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن ما كانت تخطط له الإمارات من حشد تكتل عسكري خلف نجل الرئيس السابق “أحمد علي عبدالله صالح” فيما يبدو أن أبوظبي لم تعد تعوّل عليه فعلياً لقيادة مهمة عسكرية يمكنها إكمال ما بدأه والده في صنعاء، الأمر الذي جعل محمد بن زايد أمام خيار وحيد هو إعادة التحالف مع الإصلاح.
في حزب الإصلاح أيضاً هناك من يرى أن التحالف يعمل على خطة وضع حزب الإصلاح ومقاتليه في الخطوط الأمامية لإنهاكه فقط والتخلص من مقاتليه الذين شكلوا عائقاً أمام الإمارات لتوسيع نفوذها جنوب اليمن والذي تعرقل بشكل لافت في محافظة تعز التي كانت المنعطف الفاصل بين الصراع السياسي بين الإصلاح والإمارات والتحول به إلى صراع عسكري معلن عجز فيه كل طرف هزيمة الآخر.
رغم كل ذلك لا يزال الغالبية العظمى من نخبة الإصلاح أمام مشهد ضبابي لم يسمح لهم بتحديد الموقف السياسي من اللقاء الأخير وما نتج عنه، بالنظر إلى انعدام المعلومات حول ما وصفوه “أسباب اندفاع التحالف نحو الانفتاح على حزب الإصلاح المتهم بانتمائه للإخوان الذي يعاديه التحالف علنياً”.
وبعيداً عن حزب الإصلاح ونخبه وسياسييه يرى مراقبون في تيارات سياسية يمنية معارضة للحزب أن ما حدث هو سعي فعلي من التحالف يقوده محمد بن زايد ومحمد بن سلمان على السواء للتقارب مع حزب الإصلاح تلبية لتوجيهات صريحة من بريطانيا والتي تمثلت بتصريحات وزير الخارجية البريطاني الذي زار المنطقة مؤخراً لبحث الملف اليمني والتي جاءت بعد لقاء جمع وزراء خارجية “الرباعية” في العاصمة البريطانية لندن.
يضاف إلى ذلك ما يدور من حديث عن ما أطلق عليه “النصيحة البريطانية” التي كانت في الأصل طلباً بريطانياً للتحالف بالعمل على حشد تكتل خلف ما يسمى “الشرعية” بعد تغير الأوضاع في الداخل اليمني التي انتهت بمقتل صالح، على أن يكون هذا التكتل شاملاً للفاعلين على الأرض ومنهم الإصلاح بالإضافة إلى استقطاب المناصرين لصالح من العسكريين في “الحرس الجمهوري” وتعزيز “الشرعية” بهم وبقيادات عسكرية جنوبية موالية للإمارات، وهو ما يدفع البعض للتيقن أن الإمارات ستعمل على ما يبدو، على فرض حلفائها من المؤتمريين الذين سينسحبون من صنعاء بالإضافة إلى الجنوبيين الموجودين في المجلس الانتقالي كبديل عن العسكريين المحيطين بالرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي من الموالين للإصلاح، ما يعني أن الهدف ليس حشداً عسكرياً ضد صنعاء بقدر ما هو كمين سياسي لإبعاد الإصلاح عن أهم مفاصل “شرعية هادي وحكومته” في الجانبين العسكري والمدني.
وإذا كان هذا التقارب يهدف بالفعل لتحشيد كل القوات ضد صنعاء، فلماذا يصاحب ذلك حديث وتصريحات رسمية أمريكية وأيضاً بريطانية بأن “لا حل عسكري في اليمن وضرورة الجلوس إلى طاولة مفاوضات من جديد وإنهاء الحرب والتوافق على حل نهائي يجمع كافة الأطراف”؟! ألا يعزز هذا التساؤل الترجيحات التي تعتبر تقارب الإمارات والسعودية مع الإصلاح مجرد كمين سياسي للقضاء على الإصلاح عبر استغلال مقاتليه فقط في الجبهات؟!، إذ لا ننسى أن الإمارات لا زالت تعتبر الإصلاح “الإخوان” العدو الأول لها ليس في اليمن فقط بل في المنطقة بأكملها.