بعد المؤامرة الأخيرة.. اليمن يحدد مصير المنطقة وقراءة في تصريح عبدالسلام
المساء برس – تحليل: يحيى محمد| قال إن الاجتماع الذي ضم زعماء خليجيين على رأسهم محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي مع جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن وضع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي كان تحت الإقامة الجبرية في الرياض تم التطرق فيه إلى اليمن، إذ قال محمد بن زايد بالحرف الواحد “لا تقلقوا من شأن الحريري فلدينا في اليمن مفاجأة كبيرة جداً”، كشف ذلك متحدث أنصار الله محمد عبدالسلام في تصريح عبر الهاتف لقناة الجزيرة يوم أمس بعد ساعات من مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح أثناء محاولته الهرب إلى مأرب ومنها إلى الإمارات، فما علاقة اليمن باحتجاز أو إطلاق الحريري.
لم يكن ما كشفه ناطق أنصار الله في تصريحه للجزيرة مفاجئاً لنا، حيث كان يقصد بن زايد بعبارته تلك، طمأنة كوشنر من أن إطلاق الحريري استجابة للضغوط الأوروبية لن تؤثر على وضع إسرائيل وأمريكا ولن يفقدهما إحدى أوراقهما في المنطقة وأن في اليمن ورقة أخرى مضمونة أكثر من ورقة احتجاز الحريري وتفجير الوضع في لبنان، هذه الورقة هي تفجير الوضع في اليمن من الداخل وإعطاء صالح الإشارة بالانقلاب على جماعة أنصار الله، والسيطرة على الوضع.
سقطت آخر ورقة للتحالف في اليمن، وهي ليست في اليمن فقط بل هي آخر ورقة تستخدمها تل أبيب وواشنطن لخدمة مشروعها عبر السعودية والإمارات في المنطقة بأكملها.
نقول ذلك لأن اليمن خلال الأيام القليلة الماضية شهدت معركة المنطقة بالكامل، ونحن لا نبالغ أو نتحدث جزافاً حين نقول إن ما كان مخطط له في اليمن باستخدام آخر ورقة وهي ورقة علي عبدالله صالح وإسقاطه للعاصمة والمدن الأخرى من الداخل، هذا المخطط هو آخر ورقة تهدف إلى إعادة إحياء المشروع الإسرائيلي الهادف إلى التمدد والنفوذ اكثر في المنطقة وإضعاف محور المقاومة في وجه إسرائيل بإسقاط اليمن وهي حركة في إطار التمهيد لتنفيذ صفقة القرن التي تشير المعلومات الأولية أنها تتمثل في إجلاء الفلسطينيين من أراضيهم في غزة والضفة الغربية ومنحهم أرض سيناء في مصر كوطن بديل وإسقاط مشروع حق العودة.
نعم كانت اليمن هي الفاصل الذي حدد المسار التالي لما حدث بعد مقتل الرئيس الراحل علي صالح وإسقاط المؤامرة في اليمن، فلو نجح صالح في مهمته وسقطت صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله وحكومة الإنقاذ لكانت المعادلات في المنطقة ستتغير وكان الهدف القادم بعد اليمن هو ضرب حزب الله ولبنان، ولعل مساعي الولايات المتحدة للاعتراف بأن القدس عاصمة إسرائيل وتكثيف الحديث في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية عن انتزاع سلاح المقاومة في فلسطين إلا دليل على هذه المؤامرة، ولولا فشل المؤامرة في اليمن لما ظهر أمين عام الجامعة العربية ببيان يرفض أي اعتراف أمريكي بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
لكن ولأن الرهان في اليمن سقط فقط سقطت معه الخطط والتحركات المبنية على هذا الرهان إن تحقق له النجاح، ولهذا وبعد مقتل صالح والقضاء على المؤامرة في اليمن ما الذي حدث؟ حدثت تطورات متسارعة في كل من قطر ولبنان والجامعة العربية والولايات المتحدة وسنسردها الآن في هذه النقاط:
* في اليوم التالي لمقتل صالح عُقدت القمة الخليجية بمشاركة قطر وهي أول قمة خليجية تعقد بعد الأزمة الخليجية وحصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر، وبدلاً من مشاركة زعماء الدول الخليجية في هذه القمة سعت الدول المحاصرة لقطر إلى تقليص تمثيلها في القمة ما يعني أن الوضع تغيّر بالفعل بعد خسارة آخر ورقة كان التحالف يعول عليها في اليمن، أي أن الاجتماع فقد مضمونه.
* في اليوم التالي لمقتل صالح أعلن رئيس الوزراء اللبناني عودته عن استقالته ما يعني انتهاء الدور السعودي في لبنان وسقوط المشروع السعودي بضرب لبنان، ومن الملاحظ أن هذا الإعلان تم تأخيره حتى انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في صنعاء.
* في اليوم التالي لمقتل صالح صدر بيان عن الأمانة العامة للجامعة العربية يرفض مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، ولو كانت المؤامرة في اليمن نجحت لما سمعنا من الجامعة العربية أي بيان وكانت ستغض الطرف عن اعتراف ترامب.
* في اليوم الرابع لاشتعال الفتنة في صنعاء، وبعد أن بدأت الأمور في الإعلام فقط تصور الوضع على أن الغلبة لمسلحي صالح بينما كانت المعلومات الحقيقية تشير إلى أن من يسيطر على الأرض هم أنصار الله والأجهزة الأمنية، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً كشفت فيه أن الصاروخ الباليستي الذي ضرب العاصمة السعودية الرياض في 4 فبراير الماضي نجح بالفعل في ضرب هدفه وأن منظومة الباتريوت فشلت في إسقاطه، وهذا يدل على أن الصحافة الأمريكية والغربية عموماً ستبدأ بمهاجمة السعودية، وهذا يعني أن الفرص الأمريكية للسعودية وحربها على اليمن انتهت وباتت مجبرة على قبول الهزيمة والإقرار بها عبر الضغط عليها للقبول بمفاوضات سياسية لإنهاء الحرب في اليمن.
وليس هذا فحسب فسنشهد في قادم الأيام تصاعد الهجوم على السعودية والإمارات وبدء الحديث من جديد عن المعاناة الإنسانية في اليمن وما يسببه التحالف وحصاره لليمن وما يرتكبه من جرائم إنسانية بحق الأطفال والنساء والمدنيين في اليمن.
كما لن تقف اليوم الأمم المتحدة وستتجه لإعادة فتح باب المفاوضات السياسية والحديث عن تسوية سياسية وفقاً للأوضاع الأخيرة والقوى الفاعلة في اليمن.
ولعل ما خرج به مجلس الأمن أمس الثلاثاء بعد أول اجتماع يعقد وبشكل مفاجئ بشأن التطورات في اليمن بعد مقتل صالح، دليل على ما نقوله وهو الاتجاه والدعوة لطاولة المفاوضات والوقوف الفوري لتصاعد العنف في اليمن، والاتجاه نحو المسار السياسي وفق المعطيات الجديدة.