أهالي الحجاز يطالبون بالانفصال عن مملكة “نجد” انهيار آل سعود
المساء برس – تقرير خاص| رصدت صحيفة محلية تحركات في السعودية للعديد من أبناء منطقة الحجاز التي بدأت بالمطالبة بالانفصال عن السعودية في ظل تردي وضع الأسرة الحاكمة وتصدعها إثر الانقلاب الذي نفذه ولي العهد محمد بن سلمان على أقاربه وكبار رجال الأعمال في المملكة.
وقالت صحيفة (لا) الصادرة من اليمن إن الأشهر الأخيرة في المملكة تعالت أصوات أهالي مناطق الحجاز في السعودية مطالبة بالانفصال عن ما أسموه مملكة “نجد والدرعية”.
وأضافت الصحيفة إن دعوات الإنفصال لم تعد مجرد أصوات معارضة “للسلطة القمع بل أصبحت مازقا كبيرا تقف أمامه السلطة السعودية عاجزة بلا حيله في وقت تراكم خساراتها العسكرية والسياسة في عدوانها على اليمن”.
وقد تداول ناشطون من منطقة الحجاز الأسبوع قبل الماضي عبر منشورات في صفحاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي عن تحرك غير مسبوق للأهالي المطالبين بالانفصال، حسب الصحيفة.
وأضافت أن ناشطين سعوديين اخرين تحدثوا مؤخرا عن اجتماعات عديدة لوجهاء من مناطق الحجاز يطالبون بالانفصال نهائياً عن “مملكة بنو سعود”.
ورأت الصحيفة “أمام هذه الانقسامات الفتاكة داخل المجتمع السعودي يقف بن سلمان عاجزا عن إدارتها بعد أن فشل حتى باستخدام القوة كما فعل ويفعل في المنطقة الشرقية وتحديدا في مدينة العوامية التي تشهد حراكا ثوريا ومواجهة مباشرة ضد سلطة بني سعود منذ مايو الماضي”.
ونقلت الصحيفة عن محللين دوليين قولهم “إن مطالبة أبناء الحجاز بالانفصال عن المملكة يشكل خطرا حقيقيا يهدد أمنها ووحدة استقرارها خصوصا في هذا التوقيت الحرج التي تعيشه الأسرة الحاكمة والذي يهدد وجودها، في حين تهرب الأخيرة من إخفاقاتها نحو التدخل في شؤون دول الجوار وهو ما يعكس أيضآ لانتفاض كل تلك التناقضات التي بنيت على أساسها المملكة اجتماعيا وسياسيا ودينيا”.
الحجاز أراضي يمنية مغتصبة منذ القرن الماضي
وتعتبر مناطق الحجاز وهي “ظهران الجنوب، وعسير، ونجران، وجيزان” بالإضافة إلى منطقة شرورة ومحيطها في شمال حضرموت، أراضي يمنية حتى مطلع القرن الماضي إذ نسبتها السعودية لها بعد ظهور مؤسس المملكة عبدالعزيز آل سعود والذي خاض حرباً مع الإمام يحيى حميد الدين ملك المملكة اليمنية المتوكلية عام 1934م وكان ذلك بعد عشر سنوات من اغتصابها في العام 1926 وقد ساعد البريطانيون عبدالعزيز في احتلال الأراضي اليمنية حيث دعموه بالسلاح وساعدوه بالقصف الجوي بطائراتهم.
وقد ظلت تلك المناطق محل نزاع بين الطرفين على الرغم من يمنيتها ولهذا سعى عبدالعزيز آل سعود إلى عقد معاهدة مع الإمام يحيى لوقف القتال بعد أن توغل اليمنيون إلى داخل الأراضي السعودية وبالمثل توغل مقاتلوا عبدالعزيز في مناطق تهامة اليمنية في كل من جيزان وحجة، وسمي الاتفاق حينها بـ”معاهدة الطائف” والتي قضت بتجميد القتال وإبقاء الوضع على ما هو عليه سابقاً وتأجيل الخوض في موضوع المناطق المتنازع عليها وحلها ودياً بالإضافة إلى بنود أخرى تلزم الطرفين باحترام سيادة بلد الآخر.
صفقة صالح مع السعودية بشأن الحدود ليست دستورية وغير معترف بها شعبياً
ووفقاً لما تضمنته المعاهدة فإنها كانت اتفاقية مؤقتة على أن تجدد كل 70 عاماً غير أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح قام بالاتفاق مع السعودية على ترسيم الحدود اليمنية السعودية بشكل نهائي، رغم مخالفته للدستور والقانون حيث تشير المعلومات المؤكدة من عدة مصادر مطلعة أن السعودية قدمت مبالغ مالية لصالح مقابل التنازل عن الأراضي اليمنية للسعودية وقد خصصت السعودية مبالغ أخرى وزعتها على أعضاء مجلس النواب والمشائخ الذين كانت تدعمهم السعودية في اليمن مقابل سكوتهم على التنازل عن هذه الأراضي.
لكن اليمنيين حتى اليوم لا يعترفون بهذا التنازل ومن بينهم أيضاً الأحزاب السياسية المعارضة ولا يزالون يعتبرون الأراضي اليمنية شمال اليمن والخاضعة لسيطرة السعودية هي أراضي متنازع عليها وسوف يتم استعادتها حال توافر الظروف المناسبة.
وجميع الجغرافيين العرب يؤكدون أن الجزء الجنوبي الغربي من ظفار شرق سلطنة عمان وحتى باب المندب وامتداداً إلى تخوم مدينة جدة السعودية هي الأراضي اليمنية.
كما أن مواقع اليمن الرسمية والمركز الوطني للمعلومات اليمنية تشير إلى أن منطقة عسير كانت تابعة لمدينة صعدة مركزها الديني والإداري، وقد حاولت السعودية، سعودة “عسير” وتغيير مذهبها الديني وحاولت إجبار أهاليها على اعتناق المذهب الوهابي.
وحتى اليوم لا تزال “منطقة الحجاز” المناطق الجنوبية في السعودية ذات طابع ثقافي يمني، فسكانها من حيث اللهجة والأزياء والفلكلور الشعبي يقتربون من اليمن أكثر من شمال الحجاز ونجد، وعلى الرغم من محاولات المملكة إخضاع القبائل في جيزان وعسير ونجران لنظامها وفرضها لثقافة غير الثقافة التي تتسم بها مناطقهم تاريخياً، إلا أنها فشلت في إخضاعهم بسبب معاملة النظام السعودي لهذه القبائل بشكل مناطقي وعنصري ولطالما نشبت نزاعات بين القبائل والنظام السعودي وفي أحيان كثيرة لا ينتهي هذا النزاع إلا حين ترفع القبائل في جيزان ونجران وعسير العلم اليمني كإشارة تهديد للنظام السعودي.
كما أن أهل ظهران الجنوب وحتى اليوم لا يزالون على اتصال مستمر بالقبائل اليمنية فجذور أهل ظهران يمنية وهم يعترفون بهذا، كما أن مناطقهم التي ينتمون إليها قبلياً في اليمن لا تبعد عنهم سوى 10 كيلو مترات.
وأكثر من ذلك لا تزال قبائل جنوب جيزان ونجران على تواصل مستمر وأيضاً دخول وخروج من وإلى اليمن وتربطهم بقبائل شمال اليمن علاقات قوية جداً ومنها علاقات مصاهرة وعلاقات تجارية ومصالح مشتركة كبيرة بالنظر إلى انتمائهم للمنطقة، وقد دخلت معظم القبائل جنوب السعودية في خلاف مع النظام بسبب الحرب مع اليمن وطالما حاولت السعودية الزج بأبناء قبائل نجران وجيزان للقتال في صفوف القوات السعودية ضد اليمنيين لكنها فشلت في ذلك.
ويقول مصدر في محافظة صعدة شمال اليمن أن البعض من أبناء منطقة عسير قاتلوا في صفوف الجيش السعودي، لأن النظام استغل انتمائهم للوهابية ودفع بهم للقتال من هذا الجانب واستطاعت إقناعهم أن هذا القتال هو واجب ديني لأنهم يقاتلون “المجوس الشيعة” حسب وصف النظام السعودي لهذه القبائل.
ويضيف المصدر في تصريح خاص لـ”المساء برس” إن أحد مشائخ نجران يتواصل معه بشكل مستمر وفي إحدى المرات كتب هذا الشيخ للمصدر في صعدة أنه غاب لفترة خارج المملكة في عمل تجاري وحين عاد لا يكاد يمر يوم إلا وهو يذهب لتأدية العزاء في منزلين أو ثلاثة من أهالي الجنود الذين يقتلون في المعارك الدائرة في المناطق الحدودية والمواقع العسكرية جنوب المملكة، في إشارة إلى حجم الخسائر التي تتكبدها السعودية في صفوف جنودها إثر الهجمات التي يشنها اليمنيون يومياً، ويتضح من حديث الشيخ، وفقاً للمصدر، أن السعودية تتعمد اختيار أبناء المناطق الجنوبية من العسكريين لتوزيعهم في جبهات القتال الحدودية مع اليمن، وهو ما يؤدي إلى تزايد سخط القبائل ضد النظام السعودي أكثر من أي وقت مضى.