معلومات حقيقية عن الدعم الإيراني ولماذا غضبت طهران من الحوثيين
المساء برس – خاص| مثلما تحاول إيران الاستفادة من صراع اليمن مع السعودية، اليمنيون أيضاً ليسوا أغبياء ويسعون للاستفادة من صراع إيران مع السعودية لكسب خبرات عسكرية في مجال التطوير العسكري..
وبعد الحصار الذي فرضته السعودية على اليمن بداية الحرب أصبح هذا حق من حقوق اليمنيين وهو حصولهم على المعلومات من أي جهة المهم ألا تفرض هذه الجهة على اليمنيين سياستها وإرادتها وتسلبهم سيادة قرارهم وسيادتهم على بلادهم، حتى وإن كانت إيران..
وهذا ما جعل إيران تغضب من الحوثيين بالإضافة إلى أسباب أخرى سنسردها في هذا التقرير، ولهذا لم تعترف طهران باللجنة الثورية والإعلان الدستوري في 2015 ولا بالمجلس السياسي وحكومة الإنقاذ في 2016..
بعض المعلومات التي حصل عليها “المساء برس” تؤكد أن العلاقة بين أنصار الله وإيران ليست كعلاقة حزب الله أو سوريا بإيران، حيث تفيد بعض هذه المعلومات أنه وقبل دخول أنصار الله إلى صنعاء حاولت إيران عن طريق سفارتها في اليمن إبلاغ قيادة الحركة أنها “لا ننصحكم بالدخول إلى صنعاء”، فردت قيادة الحركة على هذه النصيحة بالقول “هذا شأن يمني ونعتبر هذه النصائح تدخلاً في الشأن اليمني وهذا مرفوض”، ومرة أخرى حاولت إيران التدخل في اليمن حين بعثت لأنصار الله بأن لا يتحركوا نحو الجنوب فكان جواب أنصار الله أشد وأعنف من الجواب السابق “اليمنيون هم من يقرروا ما يجب وما لا يجب، ولا يحق لأي كان التدخل في الشأن اليمني وانتهاك سيادته وتوجيهه حسب رغبات الآخرين”.
وحين شنت السعودية حربها على اليمن طلبت إيران من أنصار الله بعض التعاون فيما يتعلق بالإعلام فرفض أنصار الله وحاولت إيران فرض سياسة معينة على قناة المسيرة في لبنان فجاءت التوجيهات من قيادة الحركة في صعدة إلى موظفي مكتب القناة اليمنيين بأن “أغلقوا القناة وأوقفوا العمل وعودوا فوراً” وحين باشر الطاقم بتنفيذ توجيهات القيادة أبلغ اللبنانيون المرتبطون بالقناة مسؤوليهم في إيران بهذا الإجراء فسارعت إيران إلى الاعتذار، وأبرقت إلى مكتب السيد عبدالملك الحوثي بـ”الاعتذار عن محاولة التدخل في سياسة القناة ونعد بأن ذلك لن يتكرر” والتزمت باحترام سيادة اليمن واحترام رغبة اليمنيين ومن ذلك الحين وحتى هذه اللحظة لا تزال العلاقة قائمة على هذا الأساس.
وحين رأت إيران هذا الموقف الحازم من اليمن احترمته واحترمت سيادته، وعرضت على الحركة مساعدة اليمنيين وتقديم السلاح لهم إذا أرادوا، فرفض أنصار الله وأبلغوا إيران بالحرف الواحد “نقدّر مواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه ما يتعرض له اليمنيون، وإذا أردتم مساعدة اليمنيين عسكرياً فلا نحتاج إلى سلاح، ولكن ادعمونا بالمعلومات الخاصة بالتقنيات الصاروخية وادعمونا بالموقف السياسي”، وهذا ما حدث فعلاً، مع أن الدعم بالموقف السياسي لا يزال قاصراً حتى اللحظة ولم ينشط إلا مؤخراً، بسبب الهجوم السعودي الإعلامي ضد إيران.
ويرى العديد من المراقبين أن السياسة التي اتخذتها جماعة أنصار الله في التعاطي مع إيران سياسة متزنة وعقلانية وتحفظ لليمنيين سيادتهم واستقلالهم، ولهذا وبعد أن تكون محاصراً من كل مكان ويشن عليك “عدوان خارجي” من أكثر من 17 دولة تمتلك أقوى الأسلحة وأكثرها كفاءة، فمن الطبيعي حينها أن يكون لك الحق بل هو من الواجب على القيادة أن تتحرك للبحث عن وسائل تعزز بها القدرات العسكرية في مواجهة هذا الهجوم البربري وهذه الترسانة العسكرية، على ألا يكون هذا الدعم مشروطاً.
وأثبتت جماعة أنصار الله ذكاءها، بأن تمكنت من الحصول على معلومات في تقنيات تطوير الصواريخ الباليستية، ولم تسعَ وتهرول إلى الحصول على سلاح جاهز مع أنه كان بإمكانها فعل ذلك، لأن من يدعمك بسلاح جاهز يريدك أن تكون تابعاً له أو على الأقل تبقى في حاجته باستمرار كلما نفذ السلاح، لكن ما حدث هو سعي جماعة أنصار الله لكسب المعلومات التقنية في المجال العسكري من إيران مستغلين في ذلك الصراع بين إيران والسعودية والعدو المشترك بين إيران واليمن وفلسطين ولبنان وسوريا وهو الولايات المتحدة وإسرائيل، فاستغل اليمنيون هذه الظروف بشكل ذكي جداً، ما مكنهم من تطوير قدراتهم العسكرية بأنفسهم ودون اللجوء لأحد باستثناء المعلومات المحدودة التي قدمتها إيران على مضض، وبمجرد حصولهم على هذه المعلومات بدأوا بالعمل ليلاً ونهاراً، ولم يكتفوا بتطوير الأجيال الأولى من الصواريخ الباليستية كقاهر 1 وبركان 1 وزلزال 1 و2، بل جعلوا من هذه المعلومات قاعدة لتأسيس مركز أبحاث عسكرية في مجال التطوير والتصنيع العسكري، واليوم لم يعد اليمنيون بحاجة للمعلومات العسكرية التقنية لأنهم يجرون أبحاثاً عسكرية مستمرة لتطوير ما لديهم من سلاح حتى تمكنوا وبدون أي استشارات تقنية من تطوير الصواريخ وخرجت القوة الصاروخية لنا بصواريخ بركان اتش تو وقاهر ام تو وزلزال 3 وقريباً يتم الإعلان عن بركان 3 الذي ألمح إليه مساعد المتحدث باسم الجيش اليمني العميد عزيز راشد قبل أيام.
في النهاية يمكن القول أن أنصار الله تمكنوا من الحصول على ما يريدون من معلومات وخبرات مع احتفاظهم بسيادة بلادهم وقرارهم واستقلالهم عن أي تبعية ودون أن يرتهنوا لأحد، وأكثر من ذلك تمكنوا من كسب احترام الآخرين لهم أعداءً وأصدقاء ولهذا ليس غريباً أن نرى كبريات الصحف الأمريكية تكتب أن الولايات المتحدة تعلم أن الحوثيين في اليمن لا يتلقون دعماً من إيران سوى الشيء اليسير من المعلومات ولكن واشنطن تتعمّد استخدام ورقة اليمن لتهديد إيران ليس أكثر ولمحاولة إقناع العالم بما فيها مجلس الأمن والأمم المتحدة أن إيران تمثل خطراً على المنطقة ويجب معاقبتها بفرض العقوبات الاقتصادية وعزلها عن محيطها وهي أهداف تخدم بالدرجة الأولى الكيان الصهيوني وأمريكا وحلفائهما في المنطقة وعلى رأسها السعودية والإمارات.