“قصة الأشراف وابن سعود”.. الحلقة (7)
المساء برس – سلسلة حلقات خاصة| كتاب قصة الأشراف وابن سعود.. لمن أراد أن يفهم ما يحدث الآن في الشرق الأوسط
إن ما نضعه بين يدي القارئ هي قراءة تاريخية بحتة وغير متحيزة، لأحداث الشرق الأوسط خلال القرن الماضي لما لها من أهمية بالغة لا تزال تأثيراتها حاضرة حتى وقتنا الحالي.
توطئة المؤلف:
لقد ترافق قيام دولة آل سعود (المملكة العربية السعودية) وانهيار دولة الأشراف في الحجاز (مملكة الحجاز) تغيرات كبيرة أثرت على العالم الإسلامي عموماً والمنطقة العربية خصوصاً.
وبقيت آثار تلك التغيرات الكبيرة بارزة إلى وقتنا الحاضر بالرغم من تقادم الزمن وكثرة العواصف التي مرّت بها هذه المنطقة.
حميضة بن أبي نمي – تكملة
ومن الجدير بالذكر في هاذ الصدد أن حميضة عندما كان في العراق تزوج من امرأة عراقية فأنجبت له ولداً اسمه “محمد” وقد بقي هذا الولد في العراق لدى أخواله، وصارت له ذرية كبيرة ن واشتهر من نسله عطيفة الذي توفي في عام 934هـ الموافق لعام 1528م. فقد نال هذا الرجل حظوة كبيرة لدى الشاء إسماعيل الصفوي عند فتحه بغداد في عام 914هـ حيث أقطعه الشاء الأراضي المعروفة باسمه على شاطئ دجله الأيمن بين بغداد والكاظمية، كما عينه أميراً للحج ونقيباً للروضة الكاظمية وسادتها. وينتمي إلى عطيفة هذا كثير من الأسر المعروفة في العراق الآن، كال الحبوبي وآل زين في النجف، وآل بو نيسان في سامراء، وآل الحسن، وآل حمندي وآل العطار وآل الراضي وآل الهادي في بغداد، وآل عطيفة وآل سركشيك وآل الحيدري في الكاظمية. وينتمي إلى عطيفة أيضاً كثير من خدام الروضة الكاظمية.
أبو نمي الثاني
في عام 931هـ تولى شرافة مكة رجل يدعى “أبو نمي” ويلقب ب”الثاني” تمييزاً له عن أبي نمي الأول. وقد نال هذا الرجل حظوة كبيرة لدى السلطان العثماني سليمان القانوني إذا أرسل إليه في اسطنوبل ابنه أحمد وهو يحمل كثيراً من هدايا جزيرة العرب كالخيول والصقور والأقمشة والأطياب. وكان أحمد جميل الوجه، وحين دخل على السلطان وهو لابس الملابس الخاصة بالأشراف الحسينية قام السلطان له تعظيماً ن وهو أمر لم يقع لأحد سواه ن تعتبر الشريف أحمد في مقام ولدها.(1)
قال أبو نمي القاني على أثر ذلك غاية المجد والنفوذ، ودانت له الدنيا في الحجاز، ومدحه الشعراء بقصائد “عصماء” وقد دامت شرافة أبي نمدي مدة تزيد على الستين عاماً، إذا هو مات في عام 992هـ ولعله كان أطول الأشراف حكماً.
يعتبر أبو نمي الثاني المؤسس الحقيق للشرافة، وهو جد الاسرة التي ظلت محتفظة بالشرافة إلى أن قضى عليها ابن سعود في عام 1925. والمعروف عن أبي ننمي أنه كان شديد الاعتزاز بالنسب وقد اعتاد في حياته على التمييز بين الناس حسب أنسابهم وبيوتاتهم، مستنداً في ذلك على حديث للنبي هو. ” أمرت أن أنزل الناس منازلهم ” وكان رأيه أن العرق دساس فمن كان رفيع النسب كان رفيع الخلق أيضاً، أما الصعاليك من الناس فهم في نظر أبي نمي لئام وإذا نالوا المنازل العالية في المجتمع فربما حصل من ذلك الضرر(2).
يبدو أن الدول العثمانية كانت تؤيد أبا نمي في هذا الرأي، وهو في الواقع رأي كان شائعاً بين الناس يؤمن به الكثيرون – ومازال البعض منهم مؤمناً به حتى يومنا هذا. وقد حدا هذا الرأي بأبي نمي إلى وضع قواعد عرفت باسم قانون أبي نمي قصد بها تمييز الاشراف منن غيرهم رسيماً. ومن الجدير بالذكر أن هذه القواعد ظلت مكتومة عن الناس لا يعرفها سوى عدد محدود من الأشراف، وهو يتداولون بينهم ولا يسمحون لأحد غيرهم بالاطلاع عليهم. ويدعي صاحب كتاب “تاريخ الحجاز” أه اطلع على بعض تلك القواعد وقد ذكرها في كتابه على النحو التالي:
(1)الشرافة وراثية في الأسرة الهاشمية.
(2) لا يجوز لأي شريف أن يشتغل في أية مهنة أو صنعة ما عدا القراشة – أي الحطب والفحم – والجمال والزرع.
(3) إذا قُتل الشريف أخذ من أهل القاتل أو قريته أربعة حيث يقُتلون قصاصاَ له.
(4)صافع الشريف تقُطع يده.
(5)شاتم الشريق يُقطع لسانه.
(6) الشريف لا يُحاكم في مجلس خصمه.
(7) إذا هم الشريف بقتل شريف أو رفع عليه السلاح يُنفى من البلاد.
(8) لا يُقتل الشريف إذا قتل غير الشريف.
(9) للشريف الحاكم ثلث دية القتيل(3).
يبدو أن هذا القانون لم ينفذ حرفياً لما فيه من شدة بالغة ومخالفة للشرف، ولكنه على أي حال قد ساعد على صيانة مكانة الأشراف وجعلهم نوعاً من الطبقة المغلقة في الحجاز.
المراجع:
(1)المصدر السابق-ج، ص326.
(3)حسين محمد نصيف (تاريخ الحجاز) –القاهرة 1349 هـ ج 1ص17-18.